الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

ماذا يعني الخلاف حول سوريا بين "الراهب المحارب" و"الشيطان المتجسّد"؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
ماذا يعني الخلاف حول سوريا بين "الراهب المحارب" و"الشيطان المتجسّد"؟
ماذا يعني الخلاف حول سوريا بين "الراهب المحارب" و"الشيطان المتجسّد"؟
A+ A-

قد تكون نبرة بولتون أقلّ حدّة في خطاباته من النبرة التي استخدمها ماتيس في الماضي تجاه أعداء الولايات المتّحدة، لكنّه أكثر تشدّداً في اقتراح السياسات الخارجيّة التي تهدف إلى التخلّص منهم. يُعتبر ماتيس إلى جانب زميله المُقال مؤخّراً ريكس #تيليرسون من المسؤولين الذين قد يكبحون تشدّد ترامب في تطبيق بعض أفكاره. لكن مع خروج تيليرسون وماكماستر يمكن أن يجد ماتيس نفسه قريباً من دائرة العزلة في الإدارة الجديدة وهذا ما كتبت عنه صحيفة "ذا فايننشال تايمس" الأميركيّة منذ أيّام.


الطريق صعب

إنّ توقّع بروز خلاف بين ماتيس وبولتون سرى منذ اللحظات الأولى لتعيين مستشار الأمن القوميّ الجديد. وقد تمّ توجيه أسئلة لوزير الدفاع أواخر الشهر الماضي ملمّحة إلى عدم إمكانيّة أن يكون التعاطي بينهما مرناً، فأجاب: "آخر مرّة تحقّقت من ذلك، (وجدت أنّه) أميركيّ وأنا أستطيع أن أعمل مع أميركيّ. اتّفقنا!. لا أملك الحدّ الأدنى من القلق حول هذا النوع من الأمور". وشدّد ماتيس أيضاً على أن "لا تحفظات" و "لا مخاوف" على الإطلاق حيال الموضوع، على الرغم من اعترافه بأنّهما يحتفظان بنظرتين مختلفتين إلى العالم. لكنّ اجتماع ترامب مع مجلس الأمن القومي أمس لمناقشة الضربة الأميركيّة المحتملة على روسيا أوحى بأنّ الطريق سيكون صعباً بين الرجلين.


"لا يمكن تبريرها"

أفاد عدد من المراقبين الأميركيّين بأنّ اختلافاً وقع في وجهات النظر بين المجتمعين حول حجم الضربة الأميركيّة وهذا ما أخّر توافقهم على قرار نهائيّ حول طبيعة الردّ على استخدام السلاح الكيميائيّ في الغوطة. الباحثة غير المقيمة في "المجلس الأطلسي" كايت برانن غرّدت على تويتر بأنّ "صداماً" وقع بين ماتيس وبولتون وفقاً لمصدرين على اطّلاع بالنقاشات الداخليّة كما أوضحت. وأضافت أنّه بقي هنالك "توتر بين ما يريده الرئيس ترامب ومستشار الأمن القومي بولتون وبين ما يدافع عنه البنتاغون". ولفتت النظر إلى أنّ ماتيس ورئيس هيئة الأركان المشتركة جوزف دانفورد مهتمّان بإدارة التصعيد وتفادي تلقّي القوّات الأميركيّة لتداعيات الضربة المحتملة. وكان ماتيس قد أبلغ يوم أمس الخميس لجنة الخدمات المسلّحة في مجلس النوّاب أنّ الخوف الأكبر من الضربة هو "تصعيد يخرج عن السيطرة" مضيفاً أنّ هدف الولايات المتّحدة هو هزيمة داعش "لا الانخراط في الحرب الأهليّة نفسها". لكن في ما يرتبط باستخدام الأسلحة الكيميائيّة قال إنّ "بعض الأمور ببساطة لا يمكن تبريرها" وهي تتطلّب ردّاً.


"إطلاق أخطر غرائزه"

في أواخر آذار الماضي قال اللفتنانت كولونيل المتقاعد دانيال دايفس في حديث لشبكة سي أن بي سي: "إذا أخذتم بنصيحته وهاجمتم كوريا الشماليّة، وإذا أخذتم بنصيحته وغيّرتم النظام في إيران، أعني، إلهي، إن اعتقدتم بأنّ (حرب) العراق كانت سيّئة، فسيشبه ذلك (مآسي) 10 أضعاف تلك (الحرب)". وأضاف أنّ "بولتون لا يتحدث حتى عن الديبلوماسيّة". فالأمور بالنسبة إليه، هي إمّا "استسلام مذلّ" وإمّا الحرب ويبدو "أن ليس هناك أيّ مجال للمعارضة".



إن صحّت المعلومات عن اجتماع أمس، فإنّ ماتيس لم يضع نفسه في مواجهة بولتون وحسب بل أيضاً في مواجهة ترامب الذي لم يتردّد بإقالة كلّ من عارضه بشدّة حول سياساته كما حصل مع ماكماستر وتيليرسون. ويرى البعض أنّ ترامب لا يعيّن في إدارته فقط من يوافقونه الرأي بل من يساعدونه أيضاً على "إطلاق أخطر غرائزه" بحسب بعض المحلّلين. وإذا كان ماتيس سيصرّ على مواجهة أفكار ترامب في شأن الضربة المحتملة فقد يكون هنالك علامات استفهام حول مصيره. لكنّ البعض يرى أنّ ماتيس محنّك بما فيه الكفاية ليجتاز الامتحان الصعب.


ما الذي يبقي ماتيس مستيقظاً طوال الليل؟

في 24 آذار الماضي، كتبت إليانا جونسون مقالاً في مجلّة "بوليتيكو" الأميركيّة تحت عنوان "لماذا لم يطرد ترامب ماتيس" تشير فيه إلى أنّ ماتيس عارض ترامب في قراراته بشأن اتفاقيّة باريس والاتفاق النوويّ والرسوم الجمركيّة ونقل السفارة الأميركيّة إلى القدس وعدد آخر من المواضيع. لكن على الرغم من ذلك، لم يرد اسمه في لائحة من يُحتمل التخلّي عنهم. في مقابلة مع "سي بي أس" خلال شهر أيّار الماضي سئل ماتيس عمّا يبقيه مستيقظاً طوال الليل فأجاب: "لا شيء. أنا من أبقي الأشخاص الآخرين مستيقظين". هذا الجواب أعجب ترامب بحسب جونسون. وأشارت إلى أنّ الرئيس الاميركيّ يقدّر ماتيس والمؤسّسة العسكريّة التي يمثّلها إضافة إلى إجادته لطريقة التحدّث مع ترامب: "هو يعرف كيف يختلف مع الرئيس وينجو بفعلته". ونقلت عن أحد المؤرّخين العسكريّين قوله: "لن تسمعي أبداً كلاماً منقولاً عن ماتيس في جلساته المغلقة حول أنّ ترامب أحمق أو غبيّ".


حسّ الواجب

دايفس يشرح أنّ تعيين ماتيس وبومبيو يشكّل "تحدّياً" لماتيس، لكن "من غير المرجّح أن يغادر في الوقت القريب". وأضاف: "حتى ولو أراد المغادرة، أعتقد أنّ حسّ الواجب لديه سيقول ‘حسناً سأبقى هنا لستّة أشهر، تسعة أشهر، أو سنة‘".



ليس واضحاً لغاية كتابة هذه الأسطر كيف سيحلّ الطرفان خلافهما حول الردّ المحتمل في سوريا، أو حتى ما إذا كان هذا الخلاف هو السبب الأساسيّ في عرقلة الضربة العسكريّة المفترضة. لكن في جميع الأحوال، يبدو أنّ التعاون بين ماتيس وبولتون لم يتمتّع بانطلاقة مشجّعة.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم