الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

فاغنر... "قوة صدم" روسية تنفذ الاعمال القذرة لبوتين والاسد

المصدر: "النهار"
فاغنر... "قوة صدم" روسية تنفذ الاعمال القذرة لبوتين والاسد
فاغنر... "قوة صدم" روسية تنفذ الاعمال القذرة لبوتين والاسد
A+ A-


تضطلع الشركة العسكرية الخاصة التي اعتبرت الرديف الروسي لشركة "بلاكووتر" الاميركية التي صار اسمها "أكاديميا"، بدور كبير في الحرب السورية. وقد خرج هذا الدور الى العلن مراراً في السنوات الاخيرة. فمع أن القانون الروسي يحظر الشركات العسكرية الخاصة، أفاد موقع "فونتانكا.رو" الروسي أن ضابطاً سابقاً في القوات الخاصة  الروسيةيدعى دميتري أوتكين يجنّد جنوداً سابقين أقوياء للعمل مع الشركة. 

ويعتقد أن المجموعة التي تعد نحو 2500 جندي شاركت بكثافة في عمليات حول تدمر عام 2016، ك"قوات صدم" الى جانب الجيش السوري، بحسب الخبير في الامن الروسي في معهد العلاقات الدولية في براغ مارك جاليوتي. ومع أن الجيش الروسي لا يقر بوجود "فاغنر"، نشرت صورة لأوتكين مع بوتين في استقبال في الكرملين تكريما للضباط العسكريين في يوم أبطال أرض الاجداد. والصيف الماضي، أدرجته الولايات المتحدة بين المسؤولين المدرجين على لائحة العقوبات بسبب التورط في النزاع الاوكراني حيث يعتقد أن المجموعة نشطت في بداياتها.


الرئيس الروسي مع مسؤولين في شركة فاغنر.(تويتر)

كبرى خسائر فاغنر

في وقت متأخر من مساء السابع من شباط الجاري ، وخلال الساعات الأولى من الثامن منه، منيت "فاغنر" بكبرى خسائرها في سوريا خلال الهجوم الفاشل الذي شنته قوات موالية للنظام السوري للاستيلاء على أحد معامل التكرير في حقل الحصبة للنفط والغاز بدير الزور وهي المحافظة التي كانت توفر معظم الثروة النفطية لتنظيم "داعش" . ففي ذلك الهجوم، يعتقد أن القوات الأميركية بسوريا قتلت ، أكبر عدد من القوات الروسية منذ انتهاء الحرب الباردة، بما يتجاوز 200 مقاتل روسي.

في ظروف أخرى، كان يمكن حصيلة كهذه أن تثير حرباً عالمية. ولكن الحادث يكاد يمر بلا اية تداعيات، ويكتفي ذوو ضحايا الهجوم الذين رفعت وكالة "رويترز" الجمعة عددهم إلى أكثر من 300 روسي بين قتيل وجريح، بدفن أبنائهم بصمت، بعدما تنصلت موسكو منهم وقبلت واشنطن شهادة البراءة.

بدا التواطؤ الروسي-الاميركي واضحاً في احتواء تداعيات الحادث على الجانبين. فعلى رغم تبرؤ القيادة الروسية العسكرية الروسية في سوريا من الهجوم، يبدي مسؤولون أميركيون تحدثوا لموقع "بلومبرغ" اقتناعهم بأن الجيش الروسي كان على علم بالهجوم على دير الزور. وبحسب نائبة مساعد وزير الدفاع السابقة لشؤون روسيا إيفلين فركاس أن "المرتزقة الروس، سواء في أوكرانيا أو في سوريا يعملون لحساب الحكومة الروسية". الى ذلك، يدرك الروس تماماً ان ثمة جنوداً أميركيين في دير الزور. وثمة اتفاقات عدة بين الجانبين تنص على ذلك.



ومع ذلك، حرص الجانبان على عدم اظهار الهجوم بعيد حصوله بأنه مواجهة أميركية-روسية، وسعيا الى تقليل حجم خسائره.

ويقول الباحث الروسي أنطون مارداسوف لـ"النهار" إن الضفة الشرقية للفرات هي منطقة تماس بين القوات الحكومة وقوات سوريا الديموقراطية، لذا كان مفترضاً ايلاء المنطقة مزيداً من الانتباه. الى ذلك، تزايد حجم القوات هناك تدريجاً، ورافقت العملية معلومات من مصادر موالية للنظام مفادها أن قوات سوريا الديموقراطية تنوي تسليم جزء من المناطق الى النظام، في محاولة للتأثير على المفاوضات بينه وبين القبائل.

وتتطلع دمشق وموسكو وطهران لاستعادة حقول دير الزور الغنية بالنفط والغاز والواقعة حالياً تحت سيطرة "ٌقوات سوريا الديموقراطية " والقوات الاميركية. من هذا المنطلق، يقول مارداسوف إن هذه الثوى الثلاث  اختبرت في الهجوم الاخير قوة "قسد" ونيات واشنطن، الا أن موسكو نأت بنفسها عن الهجوم علناً.

وكان واضحاً أن الجميع يسعى الى تجاوز ما حصل بأقل صخب ممكن. ومع أن جميع المتحاربين في المنطقة أقروا بحصول هجوم على قاعدة في دير الزور، وأن قوات موالية للنظام حاولت الاستيلاء على قاعدة نفطية، قبل أن تتكبد خسائر بشرية كبيرة نتيجة قصف جوي أميركي، الا أن هوية العدد الاكبر من القتلى لم تبدأ التكشف الا قبل أيام، وتحديداً مع نشر موقع "بلومبرغ" أن نحو مئتين من الضحايا روس من المرتزقة الذين يعملون لدى شركة أمنية خاصة.



عندما تدخلت روسيا مباشرة في الحرب في ايلول 2015، تحدث المسؤولون في موسكو عن عملية جوية قصيرة، مستبعدين ارسال جنود وتورط طويل الامد في المستنقع السوري، وخصوصاً أن الغزو السوفياتي المكلف لافغانستان لم يمّح بعد من أذهان الروس. ولكن محللين عسكريين أقروا في حينه بأن ارسال مقاتلين عسكريين مستقلين ظاهرياً كقوات برية يتيح للجيش السوري وسيلة لتحقيق أهدافه والتبرؤ من الخسائر عند الضرورة.

رسمياً، احصت القوات الروسية خسارة 41 جندياً تقريباً حتى نهاية 2017، بمن فيهم جنرال قتل في قصف لدير الزور في أيلول. الا أن صحافيين ومدونين مستقلين رصدوا مقتل الكثير من مرتزقة "فاغنر" خلال القتال.

وتنقل مجلة "إيكونوميست" عن الكسندر خرمشيخين، نائب مدير معهد التحليل السياسي والعسكري، إن القوة تعمل على الأرض كشركة عسكرية "شبه خاصة"، مع توجيه من الجيش الروسي.

وفي ما يتعلق بالهجوم الاخير في دير الزور، يقول الخبير في السياسة الروسية للشرق الاوسط يوري بارمين لـ"النهار" إن الرد الروسي على الهجوم يشير الى أن مقاتلي الشركة الامنية تورطوا في الهجوم من دون علم موسكو، مشيراً الى تعليق المسؤولين الروس على الحادث بأن القوات الروسية شنت الهجوم على منشآت قوات سوريا الديموقراطية من دون تنسيق مع المركز في حميميم ، لذا تعرضوا لهجوم من الاميركيين.

وهو يرى وجهين لغياب اي رد روسي على رغم الحصيلة الكبيرة للضحايا، أولهما أن موسكو تسعى الى ابقاء الاسد منسجماً سياسياً مع استراتيجيتها في سوريا. ففي ظل انتهاء التهديد العسكري له من المعارضة، تراجعت درجة اعتماده على روسيا، لذا فهي تبحث عن طرق لاعادة فرض نفوذها على الرئيس السوري. من هذا المنطلق، يثير الهجوم الاميركي على مقاتلي الشركة الامنية الخاصة شعوراً بالخطر للحكومة السورية، ويضع روسيا في موقع الحامي الوحيد للنظام السوري. لذا يمكن أن تكون روسيا استفادت من الهجوم طالما أنه وفر لها طرقاً اضافية للضغط على الاسد، وخصوصاً في ما يتعلق بالعملية السياسية.

أما الوجه الثاني للصمت الروسي، فيربطه المحلل بالانتخابات الرئاسية في سوريا. ويقول: "الصمت الروسي له أيضاً علاقة بأن الروس يتجهون الى انتخابات رئاسية خلال أسابيع، وأي تصعيد مع الولايات المتحدة في شأن الحادث سيكون له أثر محلياً. فالحادث يقوض فكرة النصر الذي اعلنه بوتين في سوريا في كانون الاول 2017. وبدورهم، ليس الاميركيون مهتمين ايضاً بالتصعيد في شأن الهجوم. لذا من مصلحة الجانبين تقليل شأنه".

بدوره، رأى مارداسوف أن من مصلحة موسكو اقناع الروس عشية الانتخابات الرئاسية بأن بلادهم تتكبد خسائر قليلة جداً في سوريا. ويلفت الى أن روسيا حريصة على عدم التدخل علناً في النزاعات بين الاكراد والاتراك وبين الايرانيين واسرائيل، لئلا تتورط في الحرب وكي تواصل تقديم نفسها كوسيط. وفي شأن ما حصل في دير الزور، يقول إن لموسكو مصلحة في السيطرة على حقل النفط لتقوية الاقتصاد السوري، ولكنها ترى أيضاً أهمية الحفاظ على تواصل مع الولايات المتحدة.

ثمة شعور متزايد لدى متابعي الشأن السوري بأن موسكو تخسر بعض النفوذ على الاسد. لذا يقول مارداسوف إن الكرملين سيستغل الفرص للضغط على دمشق من دون اظهار ذلك علناً. وفي حادثة دير الزور، تقلل موسكو الخسائر التي تكبدتها فاغنر أو تتنصل منها، بينما تستفيد مما حصل، للضغط على النظام السوري.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم