السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

النفط وتحوّلات جذرية في هيكلية الاقتصاد اللبناني

المصدر: "النهار"
د. ايمن عمر- باحث في الشؤون السياسية والاقتصادية
النفط وتحوّلات جذرية في هيكلية الاقتصاد اللبناني
النفط وتحوّلات جذرية في هيكلية الاقتصاد اللبناني
A+ A-

خصائص الاقتصاد اللبناني

بعد نيل الاستقلال سادت #لبنان وجهة نظر اقتصادية تقول بضرورة تخصّص لبنان في الخدمات التجارية والمصرفية والسياحية. وقد أتت الظروف الإقليمية لتساعد وتدفع هذا الاتجاه نحو سياسات اقتصادية يهيمن عليها حصرياً مبدأ تشجيع القطاعات الخدماتية على حساب القطاعات الإنتاجية، الزراعية والصناعية. إن الاقتصاد اللبناني هو اقتصاد حر يعتمد على المبادرة الفردية والانفتاح على العالم الخارجي. ويتمتع لبنان باقتصاد يحترم حرية العمل والمنافسة والتملك وحرية الاستيراد والتصدير، وبقطاع خاص ديناميكي ومنتج يستحوذ على أكثر من 75 في المئة من إجمالي أعمال الاقتصاد، الاستثمار فيه متمايز ومشجع، ويمتلك سياسة مصرفية آمنة تعتمد السريّة وحرية السوق والقطع، وتشريعات ترعى مصالح الاقتصاد والمستثمرين.

الاقتصاد اللبناني شبه ريعي لتأثره بالتدفقات المالية الخارجية المتولدة من الريع النفطي. إن بنية #الاقتصاد اللبناني شبه الريعية قائمة على المتاجرة بالنفوذ للنظام الطائفي وإيجاد ريع داخلي يتم تقاسمه عبر نظام المحاصصة. والمشكلة الكبرى - اضافة إلى النظام شبه الريعي- مظاهر الفساد في لبنان، والدين العام الذي تخطى 76 مليار دولار وبلغ 150 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي. هذا الدين يتراكم عبر تحويل إيرادات الدولة إلى فئات محدودة عبر إصدار سندات الخزينة بفوائد مرتفعة جدًا بالمقارنة مع الفوائد العالمية، الأمر الذي أمّن ريعاً مضموناً لأصحاب النفوذ المحليين والإقليميين على حساب المال العام. ومن المخاطر أن 87 في المئة من الدين العام يعود الى أطراف محلية، أي أن الدولة اللبنانية مدينة لهذه الأطراف، وبالتالي قدرة الأخيرين على التأثير بقراراتها.

وقد عرف الاقتصاد اللبناني تراجعاً كبيراً لقدرته الانتاجية عبّر عنه التغيير البنيوي الذي طرأ عليه. فقد تحوّل من اقتصاد منتج للخدمات والسلع إلى "اقتصاد معتمد على التحويلات"، حيث يشكّل قطاع الزراعة في لبنان حوالى 4.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويوظّف القطاع 10 في المئة تقريباً من اليد العاملة اللبنانية وهو رابع أكبر قطاع من حيث العمالة في البلاد، وأن نسبة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي الإجمالي تشكل 11.6 في المئة حالياً، ونحو 65 في المئة من اليد العاملة تعمل في قطاع الخدمات الذي يُساهم بحوالى 67.3 في المئة من الناتج المحلي، وتساهم السياحة في 8.1 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي اللبناني بشكل مباشر، وبحوالى 22.1 في المئة بشكل غير مباشر. وتُقدَّر تحويلات المغتربين اللبنانيّين في دول الانتشار إلى وطنهم الأم بنحو 7 مليارات دولار أميركي كل سنة تساهم في نحو 17 في المئة من الناتج المحلّي اللبناني الذي أصبح اقتصاده يعتمد حالياً بشكل أساسي على قطاعه المصرفي. 

الدور الاقتصادي للنفط والغاز


يعدّ #النفط و #الغاز من الموارد الاقتصادية التي لها أهمية كبيرة كونه موردا ذا تأثير مباشر في إعادة بناء وصوغ هيكلية جديدة للاقتصاد، لامتلاكه المقومات التي يمكن ان تساعد على التطور والنهوض بالاقتصاد، كونه يمثل مصدراً مهماً من مصادر العائدات المالية والنقدية لتمويل الموازنة العامة للبلد. وتؤدي فوائضه دوراً مهماً في تطوير المستوى التنموي وتحسين الأداء الاقتصادي لجميع قطاعاته الإنتاجية والخدماتية. 


يعتبر النفط سلعة رئيسية للتبادل التجاري، فله دور مؤثر وفعال في عملية تنشيط وتطوير عملية التبادل التجاري على النطاق الدولي أو المحلي، إذ تتوقع "أوبيك" ان الطلب العالمي على النفط سيواصل ارتفاعه ليصبح 113 مليون برميل يومياً بحلول العام 2030. أما الوكالة الدولية للطاقة فتتوقع أن يكون الطلب العالمي للنفط 120 مليون برميل يومياً في العام نفسه. لذا يجب ان يكون للصناعة النفطية دور كبير في دعم الاقتصاد الوطني والبرامج التنموية التي تنتهجها الدولة، والغاية منها رفع القدرة الإنتاجية للبلد وتطوير كل القطاعات الاقتصادية بما ينعكس على رفاهية المواطن. وهذا ما سيحسّن البنية التحتية في البلد، ويوفر الكهرباء 24/24، ويؤدي إلى إيجاد فرص عمل متعددة، ليس في قطاع النفط فحسب بل في جميع القطاعات الاقتصادية الأخرى. يستخدم النفط في الصناعات المختلفة إذ تصل المنتجات التي تعتمد على النفط في تصنيعها إلى أكثر من 300 ألف نوعٍ من المنتجات، مثل البلاستيك، والمنتجات الكتانية، كما يدخل في تعبيد الطرق، تصنيع المواد البيتروكيميائية مثل: غازات الإيثيلين، والميثانول، والمبيدات الحشريّة، والأسمدة، توليد الطاقة الكهربائية وكمصدر للإنارة والتدفئة داخل المنازل والمصانع والشركات والمؤسسات، ويستخدم كوقود للطائرات والسفن والمركبات، والأسلحة الحربيّة مثل: الدبابات والبوارج، كما يستخدم في صناعة الأسلحة.

ومن المنتجات النفطية ذات القيمة العالية زيت الوقود والبنزين (وقود السيارات). ويعدّ البترول المادة الخام للكثير من المنتجات الكيميائية مثل الأدوية والأسمدة والمبيدات والمذيبات واللدائن. النفط مهم في الكثير من الصناعات والحضارة الصناعية، كما أنه ذو أهمية كونه مسؤولاً عن استهلاك الطاقة العالمية. أما الغاز الطبيعي فيستخدم في الطّهو والتدفئة وتسخين المياه، وفي السيّارات المزدوجة الاستعمال، وفي بعض المعدّات في محطات توليد الكهرباء، حيث يتمّ توليد الكهرباء بإحراق الغاز الطبيعي والاستفادة من حرارة الحرق لتوليده، وفي حقل البتروكيميائيات. ويستخدم الغاز الطبيعي في صناعة الإسمنت وفي تحلية المياه، وأيضاً في صناعة الصلب كوقود أحفوري لصناعة البلاستيك، ولصناعة المواد الكيميائيّة الصناعية، كاستخدامه في صناعة قطع الغيار للسيارات، ولصناعة النفط (أي لفصل مكوّناته المختلفة بالحرارة التي يتم توليدها بحرق الغاز الطبيعي). كما انه يستخدم لصنع المنسوجات والملابس، ولصناعة أشرطة التسجيل، وهو مكوّن أساسي للمواد العازلة والطلاء، ولصناعة المذيبات والصابون والمنظّفات على اختلافها، وهو مهم لاقتصاد الدول، فبوجود احتياطات كبيرة من الغاز الطبيعي يتحكّم اقتصاد الدولة بسعر الغاز الطبيعي، وبنسبة تصديره ترفع الدولة أو تخفّض سعر الغاز الطبيعي بالاتّفاق مع "أوبيك" طبعاً. 

الاستغلال الأمثل للثروة النفطية وإلا!

وافقت الحكومة اللبنانية الخميس 14 كانون الأول 2017 على منح تراخيص لاستكشاف النفط والغاز قبالة سواحل لبنان لثلاث شركات هي "نوفاتيك" الروسية و"ايني" الإيطالية و"توتال" الفرنسية. وقد قدرت الاستكشافات النفطية لشركتي "Geos Neos Solution " و" Spectrum" بـ95 تريليون قدم مكعب من الغاز، و900 مليون برميل نفط في المنطقة الاقتصادية الخاصة، ووصلت القيمة المالية المقدّرة للغاز إلى 600 مليار دولار، والقيمة المالية المقدّرة للنفط إلى 450 مليار دولار، وهذا يعني أن القيمة المالية النفطية تصل إلى 1000 مليار دولار تقريباً، بتقديرات المرحلة الأولى للاستكشافات.

فنزويلا التي تمتلك أكبر احتياط للنفط على وجه الأرض، تعتبر اليوم من أفقر دول العالم، وذلك لعدم استغلالها هذه الثروة في بناء اقتصاد حقيقي قوي ومتنوع، وعدم الاستثمار في مشاريع تنموية تساهم في دخل إضافي للبلد. إن سوء إدارة الموارد من قبل الحكومة الاشتراكية مع الفساد الكبير الضارب في جذورها قد أدّيا الى النتائج الكارثية التي تعيشها فنزويلا اليوم. فقد بلغ معدل التضخم المالي فيها عام 2017 حوالى 2616 في المئة، وانخفض ناتجها المحلي 15 في المئة. تعتبرفنزويلا مثالاً حياً على أن الثروات لا قيمة لها بدون عمل حقيقي وإخلاص، وأن الفساد قادر على تدمير أعتى الاقتصادات وأضخمها.

اقرأ أيضا: لبنان يقف على بوابة نادي الدول المنتجة للنفط


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم