الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

بعد حادث الناعمة المفجع... ما مدى سلامة النقل العام في لبنان؟

المصدر: "النهار"
علي عواضة
علي عواضة
بعد حادث الناعمة المفجع... ما مدى سلامة النقل العام في لبنان؟
بعد حادث الناعمة المفجع... ما مدى سلامة النقل العام في لبنان؟
A+ A-

شكل النقل العام في لبنان، لسنوات طويلة، وسيلة غير آمنة للمواطنين، ما أجبرهم على الاعتماد على وسائل نقل أخرى خاصة من باصات و"فانات" لا تراعي قواعد السلامة العامة، على الرغم من أنها تسببت لهم بحوادث قاتلة وإصابات مستدامة، بسبب تهوّر سائقي هذه الوسائل.


"الفوضى" هي الصفة الأعم والأدق لحالة النقل العام في لبنان. فعلى طول الخطوط اللبنانية يتسابق سائقو المركبات العمومية للفوز براكب، ليتحول الأمر أحياناً كثيرة إلى إشكال كبير وتضارب، قد يتطور إلى تكسير حافلات كما حصل في منطقة الدورة قبل أسابيع مع سائق حافلة من التابعية السورية.


"الأمور خرجت عن السيطرة، وإذا ما استمر الوضع على ما هو عليه من دون تدخل القوى الأمنية، سنضطر إلى التظاهر وقطع الطرقات". عبارات قالها رئيس الاتحاد العام لنقابات السائقين وعمال النقل في لبنان مروان فياض، واصفاً الحالة التي آلت اليها الأمور على الطرقات اللبنانية. وكشف فياض في حديثه لـ"النهار" عن تواجد أكثر من 16 ألف "فان" مزور من دون لوحات عمومية تعمل بشكل شبه يومي، فيما تعمل أكثر من 25 ألف "سيارة أجرة" مزورة أيضاً، إضافة إلى 12 ألف "باص". ما يعني أن أكثر من 53 ألف مركبة نقل عام مزورة تنقل يومياً مئات آلاف المواطنين إلى أعمالهم وقراهم من دون حسيب أو رقيب. وأقصى ما تقدمه الدولة وعود بتطبيق قانون السير الجديد.


وأكد فياض أن "هذه الخطوط ليست مراقبة، والدولة هي المسؤولة عنها. فتلك الفانات تعمل كيفما يحلو لها. فصاحب الفان يشغّل سائقاً من التابعية السورية، بشكل غير قانوني، ما يسبب مئات المشاكل يومياً على جميع خطوط النقل اللبنانية. وتساءل فياض "أين أصبح مشروع إعادة تأهيل السائقين العموميين في معهد التدريب وفق ما نص عليه قانون السير الجديد". مضيفاً "بدلاً من عملية التأهيل، فإن الأمور تتدهور".



وهنا جردة سريعة لأبرز خطوط النقل التي يستخدمها السائقون:


1 ـ خط من منطقة الرحاب قرب السفارة الكويتية إلى منطقة خلدة.

2 ـ خط من منطقة الحمراء إلى حي السلم (أو ما يعرف بفان رقم 4).

3 ـ الحمراء – انطلياس.

4 ـ الكولا – طرابلس مروراً بالعدلية والدورة وجبيل.

5 ـ الرحاب – الجنوب.

6 - كنيسة مار مخايل أو المشرفية ـ البقاع.

7 ـ نهر الموت- فرن الشباك- البربير.

8 ـ نهر الموت - الكولا- الروشة.

9- الرحاب – نهر الموت.

بالإضافة إلى العديد من الخطوط الداخلية والتي تعمل عليها مئات الفانات غير المرخصة، أو تعمل علناً بلوحات خصوصية، وتنتقل من الضاحية الجنوبية والمطار إلى منطقة الكولا، حيث تمر على الحواجز الأمنية المنتشرة في كافة مداخل الضاحية الجنوبية من أن يتعرض لها أحد.

كذلك هناك باصات النقل الصغيرة التي تعمل على خط الدورة ـ الشمال. فمن يقصد تلك الطرقات يدرك جيداً أن من يدير هذا الخط أقل ما يقال عنهم أنهم "مافيا"، نظراً للعلاقات التي تربط أصحاب هذه الباصات وبعض "المخبرين" التابعين لتلك المافيات، والذين تتلخص مهمتهم بالتبليغ عن أي حاجز أمني نقّال. أما خط بيروت – البقاع فحدّث ولا حرج.


في استطلاع صغير لعدد من ركاب تلك الباصات من مناطق مختلفة، يجمع معظمهم على عدم الشعور بالأمان داخل تلك الحافلات. فسناء عيد تقصد يومياً منطقة الكولا، من منطقة حالات (جبيل) بمبلغ لا يتجاوز 4 آلاف ليرة لبنانية، حيث اشارت إلى "أن الباصات الكبيرة تستغرق الكثير من الوقت وتمر في شوارع داخلية ما يتسبب بزحمة سير على الخط البحري، بينما الفانات تسلك الطريق السريع". وتضيف "رغم عدم الشعور بالأمان داخله إلا انه في الوقت الحالي هو الحل الأفضل قبل شراء سيارة خاصة".  



وتشير مايا إلى بعض المضايقات التي تعرضت لها، خصوصاً في الساعات الأولى من الليل، كالسرعة الجنونية للسائقين والازدحام داخل الباصات الكبيرة، ما يجبر البعض على الوقوف طيلة مدة الرحلة. تلك المضايقات "تبقى ضمن السيطرة" وفق تعبيرها.

أما فان رقم 4 (حي السلم – الحمراء)، فيعتبر من الأنشط على الطرقات اللبنانية، فينقل يومياً الآلاف من الركاب، ويحصل أصحاب الموقف على مبلغ 10 آلاف ليرة عن كل فان يومياً بحجة تنظيم القطاع!

ورأت فاديا موسى أن سبب استخدامها فان رقم 4 هو التكلفة المتدنية للنقل على هذا الخط. فهي تقصد عملها في شارع الحمراء بتكلفة ألف ليرة لبنانية فقط، وفي حال قررت استخدام سيارتها، فهي مضطرة لدفع 10 آلاف ليرة فقط للموقف. واعتبرت فاديا أن فان رقم 4 وعلى الرغم من سرعة سائقي فاناته الجنونية، إلا أنه يبقى منظماً بشكل جيد قياساً إلى باقي الخطوط.


أما زينب فتقصد بلدتها شمسطار البقاعية بمبلغ لا يتجاوز الأربعة آلاف ليرة، حيث تؤكد أنها تشعر بالأمان عبر تلك الباصات رغم سرعتها الزائدة، إلا أن لديها ثقة "عمياء" بالسائقين. 


ومن منطقة إلى أخرى، يضطر اللبناني إلى استخدام تلك الحافلات، نظراً لتدني التسعيرة، وغياب أي خطة نقل حقيقية من قبل الدولة، خصوصاً أن مافيات تلك الباصات مدعومين من قبل العديد من الأحزاب والشخصيات السياسية على حساب النقل العام المفترض أنه مدعوم من قبل الدولة. وحتى ذلك اليوم الذي سنشهد فيه باصات نقل متطورة وخططاً حقيقية لتطوير القطاع، سيبقى اللبناني رهينة تلك المافيات والسائقين المتهورين واللوحات المزورة.



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم