الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

القدس مدينة العالم فلا تتركوا الحصان الفلسطيني وحيداً

المصدر: "النهار"
عقل العويط
عقل العويط
القدس مدينة العالم فلا تتركوا الحصان الفلسطيني وحيداً
القدس مدينة العالم فلا تتركوا الحصان الفلسطيني وحيداً
A+ A-

الرئيس الأميركي يعتزم نقل سفارة بلاده لدى "إسرائيل" إلى #القدس، والاعتراف بها عاصمةً للدولة اليهودية.  

هذا الرجل قد لا يكون يدرك أنه يخرّب بسياساته، الكون برمّته، إذ لا شيء يمنعه من ارتكاب الحماقات المتوقَّعة واللامحتمَل وقوعها. الأمور الكبرى هي عنده لا تستحقّ أن تكون كبرى. لذا يعمد إلى تبسيطها وتتفيهها لتصبح أموراً عادية للغاية.

رؤيته هذه للأمور، يكفي أن تقوده، فينقاد، أياً تكن النتائج المترتبة على هذه الرعونة غير المسبوقة.

لكن مسألة القدس هذه، ليست قضية شخصٍ فرد، وإن يكن رئيساً للولايات المتحدة. إنها مسألة كونيةٌ بامتياز.

شخصياً، لا أنظر إلى القدس باعتبارها مدينةً لليهود والمسيحيين والمسلمين. يمكن أن تكون في جانبٍ منها، مدينةً دينية. لكنْ، من قصر النظر، أن تُختَصَر بالدين. كلّ استدراجٍ للمدينة، إلى هذا الموقع الجزئي، على الرغم من أهميته العظمى، يُفقِدها الكثير من مكوّناتها وخصائصها ومعانيها ودلالاتها اللامتناهية.

القدس هي، في رأيي المتواضع، مدينة العقل والروح والقلب والحرية. مدينة الإنسان. مدينة العالم. ومدينة الكون مطلقاً.

ليس من حقّ أحد أن يتصرّف بها على هواه، لا من هذا الجانب ولا من ذاك.

علماً أنها بكل اعتزاز، جزءٌ من أرض فلسطين التاريخية. وحقٌّ فلسطينيٌّ بامتياز.

القدس ليست مكاناً سياسياً.

إنها أغلى من السياسة بكثير، وخصوصاً عندما تُبتَذَل السياسة، وتُستخدَم إكراماً لعين الصهيونية العالمية، ونزولاً عند رضاها. 

فيا لهذا الابتذال المريع للسياسة، على يد الدولة العظمى في العالم، وعلى مرأى من الديموقراطيات وعواصم الحريات قاطبةً.

أربأ بنفسي أن أستنهض العواصم الإسلامية والعربية، للدفاع عن معنى هذه المدينة، أو للنأي بها عن وحول السياسة الأميركية وامتداداتها الصهيونية.

مثل هذا الجرح لن يحرّك ساكناً فيها. "وما لجرحٍ بميتٍ إيلام"، يقول المتنبي. هذه الدول هي دول الكرامات الميتة، فكيف تحرّك ساكناً؟!

على كلّ حال، إذا كان ثمّة موقفٌ مشرّف، ولا بدّ، للعرب والمسلمين، لدولهم أعني، فلتسحب هذه الدول سفراءها فوراً من الولايات المتحدة، ولتقطع علاقاتها الديبلوماسية والاقتصادية معها.

لن تفعل هذه الدول شيئاً من هذا، فهو عملٌ سياسيٌّ مستحيلٌ بالطبع. دول العرب والمسلمين هذه، لا تملك من الشجاعات الأخلاقية ما يحملها على اتخاذ موقفٍ تاريخي، حضاري، إنساني، قيمي، كهذا.

فبئس دول العرب والمسلمين.

في المقابل، أدعو دول الإنسان في العالم – إذا كان لا يزال ثمة مكانٌ للإنسان وللانسانية في العالم - إلى رفض هذا الموقف الأميركي الأحمق.

حاضنة الإنسانية، أعني الأمم المتحدة، هل يجوز في مثل هذه الحال، أن تبقى مكتوفة الأيدي، صمّاء، بكماء، عمياء، أمام مثل هذه الجريمة الكونية؟

أما بلدي لبنان، فمعنيٌّ مباشرةً بهذه المسألة. ربّما أكثر من غيره في العالم كلّه.

لا أقصد لبنان الحكم والحكومة والسلطة تحديداً، بل لبنان المعنى والفكرة والجوهر. لأنه صنو القدس. وصنو فلسطين.

دعوتي هي هذه: القدس مدينة العالم، فلا تتركوا الحصان الفلسطيني وحيداً.

[email protected]

اقرأ أيضاً: ترامب بلفور القرن يُهدي القدس إلى إسرائيل

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم