الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

السعودية تعود الى لبنان: انبعاث 14 آذار هل يجابه "حزب الله"؟

المصدر: "النهار"
مجد بو مجاهد
مجد بو مجاهد
السعودية تعود الى لبنان: انبعاث 14 آذار هل يجابه "حزب الله"؟
السعودية تعود الى لبنان: انبعاث 14 آذار هل يجابه "حزب الله"؟
A+ A-

لم يعد الحديث عن إعادة إحياء تحالف "14 آذار" مجرّد بكاء على الأطلال. أكثر من عاملٍ واحدٍ كان يؤشّر منذ أشهر الى وميضٍ خافت يولد، يوم تظهّرت اللقاءات "المنتقاة" التي عقدها الوزير السعودي ثامر السبهان مع أقطاب ثورة الأرز، من دون أن تشمل زيارته اجتماعاتٍ على نطاق مسؤولين لا ينضوون تحت لواء المعسكر الآذاري نفسه. وما لبثت تغريدات السبهان التصاعدية تجاه "حزب الله" أن لحقها إعلان المبادرة الوطنية التي شكلت هيئتها التحضيرية ومن أعمدتها الدكتورين فارس سعيد ورضوان السيد، وكأنها شكّلت استعادةً مصغّرة لروحية عام 2005، فضلاً عن المعلومات التي ترددت في شأن تعيين سفير سعودي جديد في بيروت. وما فتئت الشرارة الاولى أن تحوّلت في غضون الأيام الماضية الى حديثٍ عن انبعاثٍ حقيقي لـ14 آذار تزامناً مع زيارة رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع ورئيس حزب الكتائب سامي الجميل الى السعودية بعد دعوةٍ تلقياها في الزمان نفسه. 

ورغم انها ليست المرّة الاولى التي تتم فيها دعوة الزعماء المسيحيين لزيارة السعودية، الا ان توقيت الزيارة يشكّل مؤشراً واضحاً على السعي وراء اعادة احياء قوى 14 آذار، بما في ذلك إعلاء النبرة اللبنانية لمواجهة ايران. فيما تتحضّر السعودية لتشكّل جزءاً لا يتجزّأ من التسوية السورية تبدأ من روسيا ولا تنتهي في الولايات المتحدة الأميركية انطلاقاً من زيارة العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز المرتقبة الى روسيا، وفي ظلّ توافر مظلّة أميركية تعلي السقف ضدّ محور الممانعة ملوّحةً بكابوس عقوباتٍ جديد. ولا شكّ في أن "التحوّل الطارئ في المشهدية السياسية السعودية العامة تحضيراً للمواجهة المرتقبة حطّ رحاله لبنانياً"، وفق قراءة مصادر متضلّعة في الشؤون الاقليمية، مع اعتبار أن "المملكة وجّهت أولى رسائلها انطلاقاً من لبنان مصممةً احياء 14 آذار ومؤكّدةً رغبتها في العودة الى المنطقة. ذلك انها تسعى الى مواجهة ايران في حلقة واسعة النطاق تتخطّى حدود الخليج العربي تزامناً مع بوادر التسوية السورية".

في هذا الإطار، تسأل "النهار" المشرف العام على التقرير الاستراتيجي الخليجي الدكتور عبدالخالق عبدالله رأيه، فيقول إن "الاهتمام الخليجي بلبنان قائم دائماً ولكنه يتأرجح صعوداً او هبوطاً تزامناً مع تطورات المنطقة. فيما الأكيد ارتفاع منسوب الاهتمام السعودي في الشؤون اللبنانية في المرحلة الراهنة". وعن مساهمة المملكة في انبعاث محور ثورة الارز من جديد، يقول إن "التواصل مع الزعماء اللبنانيين بات أولوية وحان الوقت للتنسيق ومعرفة تبعة المرحلة القادمة في ظلّ التمهيد للانتخابات التشريعية. والسعودية لاعبٌ أساسي في التوافق والتقارب وتوحيد صفوف قوى 14 آذار، وفي استطاعتها الاضطلاع بهذا الدور".

وعن إمكان مجابهة 14 آذار لـ "حزب الله" إثر حيازتها دعماً سعودياً، يقول عبدالله إن "التصدي كان صعباً وازداد صعوبةً وتقوية 14 آذار سعودياً لا تكفي وحدها، فيما المجابهة ينبغي ان تتم من روحية الداخل اللبناني رغم انها قد تأخذ وقتاً طويلاً. اذ من المتوقّع ان يعاني لبنان وسوريا والعراق كثيراً في الفترة المقبلة من التغلغل الايراني القائم الذي لا بد من التصدي له مهما تكن الظروف".

تشابك لبناني ـ سوري

تتزامن زيارة جعجع - الجميل الى السعودية مع مؤشرين اثنين. الأول: حديث عن تبلور صيغة حلّ سياسي في سوريا والثاني في زيارة الملك السعودي الى موسكو، حيث سيحضر الملف السوري بقوّة على طاولة البلدين اللذين استطاعا المحافظة على علاقةٍ وديةٍ يعوّل عليها، رغم اختلاف وجهات النظر حول الداخل السوري. فأي تشابكٍ بين الملفين اللبناني والسوري؟

يجيب عبدالله إن "حضور السعودية مهم جداً في التسوية السورية، والتوافق السعودي - الروسي له وقعه الذي سيزداد قوّةً تزامناً مع زيارة الملك سلمان المرتقبة الى موسكو التي ستحدد ملامح مرحلة ما بعد داعش، في ظلّ حضور الملف السوري بقوّة بين الرجلين، سلمان وبوتين. ذلك انها الزيارة الاولى من نوعها للملك السعودي في ظلّ تكامل المصالح الروسية - السعودية العميقة على محور النفط. اذ انقذ الاتفاق النفطي السعودي - الروسي الاقتصادات النفطية والاقتصاد الروسي على حدٍّ سواء. فيما العامل الاسرائيلي لم يستخدم حتى الان في سوريا والمعادلة لم تحسم لمصلحة النظام. ما يعني ان المرحلة قائمة على مقايضات قد يكون رأس النظام السوري ثمناً لها مع عدم امكان حيازته شرعيةً دولية بعد قتله 800 وتهجيره 4 ملايين مواطن سوري".

وعن تزامن التطورات الداخلية اللبنانية مع تبلور المنعطف السياسي الذي يبشّر بانتهاء الحرب السورية، يشير عبدالله إلى ان "المعادلة الاقليمية مترابطة رغم ان لكلّ جزئيةٍ خصوصيتها. مما يعني إمكان ربط الشأن اللبناني بمصير سوريا، وتالياً تفاعل القوى الاقليمية والدولية هو مسألة قائمة". كيف يمكن ترجمة انعكاس دور السعودية على الداخل اللبناني؟ يجيب انه "من الصعب تحوّل لبنان مكتسباً ايرانياً. ولولا الدور السعودي ودور سمير جعجع لما استطاع "حزب الله" إيصال ميشال عون الى سدّة الرئاسة رغم انه اقوى الاطراف اللبنانيين، لكن قدراته لا يمكن ان تغدو مطلقة".

انبعاث 14 آذار

لا شك في ان انبعاث 14 آذار من جديد مسألة من شأنها شدّ عصب القوى المتضعضعة تحت لواء المشروع نفسه. ذلك انها ستتيح في المجال أمام هدوءٍ سياسي قد يتظهّر الى العلن بين "القوات" والكتائب من جهة، والكتائب و"المستقبل" من جهة ثانية، فضلاً عن اعادة اللحمة بين اولئك الذين أيّدوا التسوية السياسية لراهنة ومعارضيها. وذلك من شأنه توحيد المنبر الخطابي الموجّه ضدّ محور 8 آذار كحدٍّ أدنى، وتوجيه البوصلة في اتجاهٍ واحدٍ بدلاً من تقاذف كرة التشرذم بين أعضاء المشروع الآذاري نفسه.

ومن وجهة نظر معارضة للتسوية السياسية اللبنانية يقول القيادي في 14 آذار نوفل ضوّ لـ"النهار" إن "الاتصالات بين السعودية والقيادة اللبنانية بدأت قبل الاجتماع بين لقاء وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم. وهي لها علاقة بعملية شد الحبال بين ايران الساعية الى ضم لبنان إلى محورها في المنطقة، والخليج العربي الساعي الى تحقيق علاقة متوازنة ومنع الحاق لبنان بمحور الممانعة". وعن انبعاث محور 14 آذار من جديد تزامناً مع الزيارة السعودية، يشير ضوّ إلى ان "تطوّرات المرحلة أثبتت ان مشروع 14 آذار حاجة اساسية للبلد على اساس الدولة التي تستمد شرعيتها من الشرعيتين العربية والدولية والتي لا تتدخل في شؤونٍ لا تعنيها. فيما المواجهة مستمرة بين مشروعين متقابلين مع عدم قدرة "حزب الله" على ابتلاع البلد". وعن ضلوع ايران والسعودية في أطر المواجهة التي من المتوقع ان تستجد بين محوري 8 و14 آذار، يلفت الى ان "المملكة على اتصال وتشاور مع اللبنانيين ولكنها ليست لاعباً مباشراً على الساحة كما هي الحال بالنسبة إلى ايران. وفي المقارنة يمكن القول ان ايران موجودة ومسيطرة فيما المملكة بعيدة في المفهوم المادي نظراً إلى احترامها سيادة لبنان".

اذا كانت مساعٍ سعودية قد تظهّرت لجمع شمل أقطاب ثورة الأرز، فإن التساؤل الذي يطرح نفسه الآن، حول مصير تبعات التسوية السياسية التي كلّلها فريقا 8 و14 آذار في انتخاب رئيسٍ جديد للجمهورية وتشكيل حكومة ائتلافية وضعت الملفات الاقتصادية على رأس جدول اهتماماتها، متفاديةً البحث في الملفات الخلافية بما فيها النأي بالنفس عن الأزمة السورية. فهل بات لبنان على مشارف إعادة تظهّر الانقسام العمودي بين قطبي 8 و14 آذار من جديد؟ وكيف يمكن الفصل بين المواجهة السياسية والملفات الحياتية؟



حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم