السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

لماذا يفرض انتشار الدرونز دقّة عالية في حسابات الدول؟

المصدر: "النهار"
جورج عيسى
لماذا يفرض انتشار الدرونز دقّة عالية في حسابات الدول؟
لماذا يفرض انتشار الدرونز دقّة عالية في حسابات الدول؟
A+ A-

تقسم الدرونز إلى مركبات جوّيّة مسلّحة (يوكايف) وأخرى غير مسلّحة (يوايف) فيما يقتصر تصنيع الأولى على أكثر الدول المتقدّمة تكنولوجيّاً. وتطوّرت أهداف استخدام هذه التقنية من المراقبة وجمع المعلومات أوّلاً (بدأت في حرب فيتنام) ثمّ إلى تنفيذ عمليّات اغتيال أو استهداف عسكريّ لاحقاً. ويسيّر الجنود هذه الدرونز من خلال الأقمار الاصطناعيّة. 


إيجابيّات اقتصاديّة

قبل التطرّق إلى التحدّيات السياسيّة والعسكريّة التي تطرحها طائرات الدرونز المسلّحة، تجدر الإشارة إلى أنّ للطائرات غير المسلّحة إيجابيّات كبيرة على المستوى الاقتصادي. فموقع "درون لايف" الأميركي نشر مقالاً عن إمكانيّة أن تطوّر الدرونز المدنيّة صناعة البناء والمقاولات بفعل قدرتها على تحفيز الاستثمار في هذا القطاع. فقد استطاعت هذه الطائرات تخفيض الكلفة بشكل كبير وتقليص الوقت إضافة إلى تمتّعها بميزة استباق المشاكل.


آليّة عملها التقليديّة

بالعودة إلى الاستخدام العسكري، يشير موقع "درون وور" البريطاني إلى أنّ هذا النوع من الطائرات قادر على التحليق لعدّة ساعات، كما فعلت طائرة "زافير" البريطانيّة سنة 2010 حين حلّقت لمدّة 82 ساعة متواصلة كاسرة الرقم القياسيّ حينها. ويدير شخص عمليّة التسيير عن بعد فيما يقوم آخر بتحليل وتركيز الكاميرات والمجسّات الإلكترونيّة. وفي نفس الوقت، يتواصل شخص ثالث مع الجنود على أرض المعركة الذين طلبوا مساعدة تلك الطائرات. واستُخدِمت الدرونز المسلّحة لأوّل مرّة في حرب البلقان قبل أن تبدأ بالانتشار سريعاً في أفغانستان والعراق والحرب غير المعلنة لوكالة المخابرات المركزيّة "سي آي أي" في باكستان. ويُعتبر اغتيال القادة الإرهابيّين من أهمّ أهداف تلك العمليّات.


لمحة عن المستقبل

تكتب بيرينيس بايكر، باحثة في شؤون الدفاع، ضمن موقع "آرمي تكنولوجي" أنّ مستقبل الدرونز يقسّم إلى ثلاث خانات: التحليق على ارتفاعات عليا والقتال في الحروب والتجسّس بواسطة الطائرات المصغّرة الحجم. وستستطيع هذه الطائرات التحليق لأسابيع وربّما لأشهر. أمّا الدرونز التي ستحلّق على ارتفاعات عالية قد تصل إلى أكثر من ستّة كيلومترات فستكون قادرة على إعطاء صورة بقطر 3000 كيلومتر وأكثر. كما تكتب أيضاً عن كون المصنّعين يستوحون من الطبيعة تصميمهم لطائرات التجسّس الصغيرة التي أصبح بعضها بحجم كفّ اليد وأصغر، على شكل عصافير وحشرات مثلاً، فيما تتمتّع بمرونة كبرى لجمع المعلومات. أمّا الدولة الثانية خلف الولايات المتّحدة في مجال هذه الصناعة فهي الصين، لكن يفصلها جيل كامل عن التكنولوجيا التي تملكها واشنطن.


درونز تخطّط بمفردها؟

ويوافقها على تلك المقارنة الباحث في الشؤون التكنولوجيّة بنجامين باورز. فالصين كانت قد أطلقت سرباً من هذه الطائرات تتواصل بين بعضها البعض وبلغ عددها 67 طائرة في تكنولوجيا وصفتها بالأفضل. لكن خلال الوقت نفسه (2016)، أجرت الولايات المتّحدة تجربة على سرب مؤلّف من 103 طائرات ممّا جعلها تعتلي الصدارة مجدّداً. وفي موقع "رولينغ ستون" الأميركي، ذكّر أنّ هذا النوع من الطائرات الأميركيّة كان يقتصر بداية على "بريدايتور" و "ريبر" حيث كانت كلّ واحدة منها بحاجة إلى مسيّر بشريّ. أمّا "بيردكس" وهي تجسّد النوع الأحدث، فأظهرت قدرة على التواصل فيما بينها بعد تلقّيها الأمر من المسيّر. فإذا تلقّت توجيهاً بمحاصرة شاحنة، تتّخذ "بيردكس" الموقف المناسب من خلال تواصلها مع بعضها البعض بدون أن تكون بحاجة لمزيد من التفاصيل من البشر. ويكتب باورز عن زرع #واشنطن هذه التقنية في قوارب صغيرة تحدّد الأهداف العدوّة تلقائيّاً وتهاجمها بطريقة آليّة لكن أيضاً والأهمّ جماعيّاً.


تحدّيات جدّية

الفكرة من وراء استخدام درونز هي تحقيق إصابات مباشرة عن بعد من دون تعريض الجنود للخطر. ويمكّن التحليق المرتفع لها من عدم معرفة الهدف بأنّه هو المستهدف مباشرة. كما ترتبط فكرة اللجوء إلى الدرونز أيضاً بكون تعرّضها للإصابة من قبل قوّات العدوّ لن يكون مكلفاً اقتصاديّاً. غير أنّ انتشار هذه التقنية يطرح تحدّيات جدّية على الولايات المتّحدة بالرغم من ريادتها في مجال التصنيع. فتصاعد استخدام واشنطن للدرونز (50 مرّة في عهد بوش الابن وأكثر من 500 مرّة في عهد أوباما) يطرح تكييف السياسات الخارجيّة للإدارة الأميركيّة على طاولة البحث، خصوصاً مع وصول دول ولاعبين آخرين إلى هذه التقنية. وكان لافتاً في هذا السياق، إسقاط الولايات المتّحدة نفسها طائرتين إيرانيّتي الصنع من هذا النوع في شهر حزيران الماضي فوق الأراضي السوريّة.


"خطأ في الحساب"

في مؤسّسة الرأي "ذا ناشونال إنترست" الأميركيّة يشير مدير "برنامج الأمن القوميّ والتكنولوجي" بول شارّي إلى أنّ أكثر من 90 دولة تملك الدرونز إضافة إلى منظّمات أخرى. ويكتب أنّه في سنة 2013 أرسلت #بيجينغ إحدى طائراتها إلى منطقة متنازع عليها مع اليابان فردّت الأخيرة بأنّها ستسقط أي طائرة من هذا النوع مستقبلاً، الأمر الذي اعتبرت #الصين بأنّه سيكون بمثابة إعلان حرب. ومنذ ذلك الحين بدأت الدول باستخدام الدرونز بمثابة "تحدّ منخفض الكلفة"، فيما أكّد الكاتب أنّ استخدامها يمكن أن يكون متنوّعاً بحيث يجب على واشنطن ألّا تتوقّع استعمال الآخرين لهذه الطائرات كما تستخدمها هي نفسها. فهذا الاستخدام يمكن أن يضيف عنصراً من غياب اليقين إلى مناطق متوتّرة قريبة أساساً من حافّة الحرب. ويرى شاري أنّ إحدى النتائج السيّئة للدرونز ليس آثارها العسكريّة وحسب، بل أيضاً "الخطأ في الحساب" الذي يمكن أن تقع فيه الدولة المعتدية أو المعتدى عليها في قراءة الحدث.

يُعتبر دخول الدرونز إلى عالم الحروب عاملاً مساعداً للدول في تفادي خسارة الأرواح في صفوف جنودها. لكن مع ذلك، هو يؤشّر إلى إضافة المزيد من عناصر التعقيد إلى تلك الحروب، بما قد يلغي منافع حماية الجنود بسبب تصاعد التوتّر إلى نزاع شامل بسبب استخدام في غير محلّه لتلك التكنولوجيا. الحادث بين الصين واليابان تكرّر في أكثر من منطقة، لكنّ السؤال المطروح يكمن في احتمال تصاعد تلك الحوادث بدون سابق إنذار إلى حرب إقليميّة بلا أفق.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم