السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

من "يقلق" حرمة الموت في مقبرة اليهود؟

المصدر: "النهار"
روزيت فاضل
من "يقلق" حرمة الموت في مقبرة اليهود؟
من "يقلق" حرمة الموت في مقبرة اليهود؟
A+ A-

 على مدخل طريق الشام، مقبرة للطائفة اليهودية. بوابة حديد سوداء مفتوحة بعض الشيء سهلت علينا الدخول الى عالم الاموات. من اسماء العائلات للراقدين هنا آل مراد، مغربي، سرور، كوهين، غولدمان، آرازي، طويل.
سبق لنا ان تواصلنا مع مصدر لبناني من الطائفة اليهود رفض ذكر اسمه في هذا التحقيق. كان هو في استقبالنا داخل المقبرة وذكرنا قائلاً :"لا تذكري اسمي في المقابلة، وضعنا دقيق. اطرحي الاسئلة وسأجيبك بكل ما اعرف".

هودي الاوادم!

فهمت للتو ان هذا الشاب يمثل مجموعة من المواطنين اللبنانيين اليهود الذين يعيشون في الظل... مشينا معاً في محيط المقبرة: عشب "كثيف" في محيط المدافن، تكسير لوحة الرخام لقبر أو أكثر من قبر، فجوة في الداخل. قال: "يحاول الاوادم التسلل من هذا السور، متخطين السياج، لم يتوقف هذا الاعتداء داخل مقابرنا منذ أعوام عدة". قاطعته سائلة:" هل راجعتم البلدية ومحافظ بيروت؟"، أجابني:" لا احد يرد على الشكوى، لا احد يكترث." بادرته بسؤال آخر:" هل حاولتم طلب لقاء رئيس الوزراء مثلاً؟". سارع بالقول:" حاولنا مراراً الاتصال بمكتبه. لم يقل لنا احد انه لا يريد لقاءنا، بل كان الجواب دائماً أن روزنامة عمله ضاغطة جداً، مما لا يسهل عليه تحديد موعد للقائنا في القريب العاجل". أكملت حديثنا: "هل حاولت لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون؟". أجابني: لم نتصل بمكتبه، ولم نبادر بطلب لقائه".

اذا ركزنا على الصور، التي التقطها الزميل حسن عسل، نلاحظ ان ثمة "مطمراً" يتراكم على قبر او مجموعة قبور، تلة تراب و مجموعة اغصان "سوداء اللون" ونفايات على القبور. شرح واقع هذه التعديات على المدافن بأنها " تأتي من السكان، الذين يرمون "حواضر" من بيتهم على المدفن" متسائلاً عن "مدى احترام الموت". 

عن اسباب محاولة كسر بعض لوحات الرخام او "ثقب" بعض المدافن، قال:" لا جواب لدي. لكننا نحن، كطائفة يهودية، نعتمد الكفن في طقوس دفن موتانا، وهم يرقدون في مدفن حفر داخل التراب، ما يجعل شكل القبر من الخارج مجرد هندسة روتينية له".

حياتهم في لبنان!

كيف يمارس اليهود شعائرهم في لبنان وكم يبلغ عددهم تقريباً؟. قال:" ثمة يهود لبنانيون على لائحة الشطب يصل عددهم تقريباً الى 5 آلاف. غادر كثيرون منهم الى خارج لبنان، وبقي اليوم في ديارنا بين 100 و200 مواطن يعيشون في غالبيتهم في العاصمة و يتوزع البعض الآخر في الضواحي". أشار الى أنهم يعملون "في التجارة أو في الصناعة او حتى في مؤسسات خاصة،" مؤكداً على ان "ثمة زيجات مشتركة بين يهود وابناء من طوائف اخرى". قال:" كنا نعول على احد رجالات الدين اليهود من سوريا، الذي كان يأتي الى لبنان في مناسبات عدة ومنها عند اشرافه على توفير اللحوم "الكوشر" وفقاً للشريعة اليهودية. لم يعد هذا متوافراً بعد الحرب السورية، ما جعلنا نبحث عن هذا النوع من اللحوم التي تستورد من سويسرا".

أما المناسبات الدينية التي يحييها اليهود فتضم، وفقاً للمصدر عينه، عيد رأس السنة اليهودية وهي مناسبة احييناها أواخر ايلول من هذه السنة، علماً انه يحدد تاريخ هذه المناسبات بتوقيت مختلف كل سنة ويخضع لحسابات الروزنامة القمرية التي نتبعها في الطائفة. قال: "بعد 10 ايام من رأس السنة، نحيي عيد الغفران ويتبعه عيد المظلة ايضاً. في غياب اي رجل دين، نلجأ في عقود الزواج و أو في مراسيم دفن موتنا الى قراءة الشطر الخاص بكل مناسبة".

ماذا بقي من وادي ابو جميل! 

شعر المصدر عينه بشيء من الغصة عندما سألناه عن وادي ابو جميل، قال:" كان لدينا مدارس عبرية قبل حرب الـ1975، لن نعيد فتح ابوابها من جديد لان عددنا قليل جداً". وأسف لأن اللبنانيين لا يدركون دور أبناء بلدهم اليهود في تفعيل عجلة الاقتصاد في هذا الوطن منذ نشأته مشيراً الى أن "وجودنا يعود هنا الى الفي عام". عن اسباب خوفهم من الظهور علناً، قال:" عمد الفرنسيون خلال الانتداب إلى الاعتراف الرسمي بوجودنا كطائفة «إسرائيلية»، وهذا ما اعتمد على جواز السفر ، مما جعل النظرة الينا كاننا جزء من اسرائيل. لقد عمد الفرنسيون قبل قيام دولة اسرائيل الى ترجمة اسم النبي يعقوب بن إسحق من الفرنسية إلى العربية حرفياً «إزرائيل» أي «إسرائيل» وأطلقوها على الطائفة الاسرائيلية، مما جعها تدرج على سجل نفوسنا". عن امكان مشاركة الاقلية اليهودية في الاقتراع خلال الانتخابات النيابية القادمة قال:" لا ابداً. لا اعتقد".

توقف عند كنيس ماغين إبراهام اليهودي في وادي ابوجميل، قائلاً:" لقد تم ترميمه بدعم من الجالية اليهودية - اللبنانية في الاغتراب". سألته:" هل تقصدونه للصلاة". أجابني :" لا ، نتمنى ان تسمح لنا الظروف بتنظيم افتتاح ضخم لتدشين الكنيس". عما اذا كان كلفة ترميمه وصلت الى مليوني دولار، قال:"لا الكلفة العامة وصلت الى مليون دولار". وعن دور رجل الاعمال جوزف صفرا في توفير الدعم اللازم للترميم، قال:" ساهم الجميع بذلك، ولا سيما الجالية اللبنانية اليهودية في الاغتراب". 

ماذا بقي من المعالم اليهودية في العاصمة، قال:" كنيس في بحمدون وعاليه يحتاج الى ترميم، لا يوجد اي منا في حارة اليهود في طرابلس وبقي كنيس في صيدا".

[email protected]

Twitter:@rosettefadel




الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم