الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مصر: البرلمان للأغنياء والشارع للفقراء

المصدر: "النهار"
أمين قمورية
مصر: البرلمان للأغنياء والشارع للفقراء
مصر: البرلمان للأغنياء والشارع للفقراء
A+ A-

على رغم اجراء دورتين متتاليتين من الانتخابات الاشتراعية بعيد ثورة 25 يناير بين عامي2011 و2015، #مصر تعيش مشهداً سياسياً مرتبكاً لم تشهده منذ بداية الحياة النيابية في العام 1866.


 


وقبل اجراء دورة الاعادة للجولة الانتخابية الحالية وانتظار نتائجها وقبل اكتمال عقد البرلمان الجديد، يمكن قراءة مشهد الحياة السياسية المقبلة في مصر حيث تبلورت الخريطة الحزبية في اعقاب نتائج الدورة الاولى ومن تبقى من مرشحين لدورة الاعادة.
فالواضح حتى الان ان سادة المسرح البرلماني الجديد، هم الاحزاب الجديدة ، وبعضها لم يسمع احد باسمه من قبل ، وفي مقدمها الحزب الاكبر " في حب مصر"، في مقابل تقهقر الاحزاب العريقة مثل الوفد والتجمع ، واختفاء شبه كامل للممثلي اليسار ، واختفاء كامل ل"الاخوان المسلمين"، وانحسار واضح لقوى الاسلام السياسي الاخرى وفي طليعتها حزب النور السلفي.



الامر الواضح الاخر، هو ان البرلمان المقبل سيكونا مجلسا يسيطر عليه اقلية الاغنياء ويغيب عنه الفقراء الذين يمثلون الاكثرية الساحقة من الشعب المصري. وهكذا ستظهر خريطة سياسية اجتماعية يسيطر عليها ممثلون لقوى اجتماعية محددة ستغلب مصالحها والخدمات على حساب المصالح الفعلية للغالبية، وستكون منبرا لموالاة السلطة التنفيذية بدلا من مراقبتها او ممارسة المحاسبة والتشريع لحماية حقوق الفئات المهمشة .
وهكذا قد لايسمع المصريون بمعارضة حقيقية تحت قبة البرلمان، الذي سيفتقد للشباب والقامات العلمية والنقابيين، وعليه ستجد المعارضة نفسها تتشكل خارج الاطر الدستورية والمؤسسات، ما قد يجعلها اكثر نزوعا الى الشارع وحركات الاحتجاج التي تأخذ شكل الاعتراض بالتظاهر والاضراب والاعتصام ، اكثر من اللجوء الى البرلمان والتصويت والتشريع كادوات للممارسة السياسية.



وبما ان هذه الانتخابات، لم تخرج فقط "الاخوان المسلمين" من الحياة السياسية الشرعية والدستورية، بل اخرجت ايضا معظم القوى المدنية التي شكلت عماد ثورتي 25 يناير و30 يونيو ، فان هذه القوى سيكون لديها اول فرصة مهمة للتشكل كمعارضة موحدة ضد السلطة وفي الشارع.
وهذا التطور من شانه ان يطرح احتمالا جديا مقابلا، وهو ان تلجأ السلطة الجديدة كما لجأت سابقاتها في عهود الرؤساء جمال عبد الناصر وانور السادات وحسني مبارك، الى انشاء حزب السلطة، على غرار الاتحاد الاتحاد الاشتراكي والحزب الوطني. وبرز في الجولة الاولة قاعدة مهمة لبناء مثل هذا الحزب او الظهير السياسي للسلطة، وتتمثل في المرشحين الفائزين في قوائم "في حب مصر" ، و"المصريون الاحرار" ، و"مستقبل وطن". وجل هؤلاء من رجال الاعمال والاثرياء الموالين دائما للسلطة تامينا لمصالحهم وخدمة لها. وبعضهم من الوجوه المعروفة في #الحزب_الوطني المنحل.



وعلى رغم ان الصراع السياسي بين الكتلتين الموالية للسلطة والمعارضة لها سيخرج من اطار المؤسسات الى الشارع، فان البعض يرى في ذلك فرصة لاحياء الحياة السياسية التي دخلت مجددا في موت سريري بعد الاحباط واليأس الذي اصاب الناشطون والثوار في اعقاب النكسات التي اصيبوا بها ان على يد سلطة "الاخوان" بعد تسلمها السلطة لفترة وجيزة بعد ثورة 25 يناير او على يد العسكر بعد 30 يونيو. لكن البعض الاخر صار اكثر تشاؤما بعد التجارب المرة التي ذاقها الناشطون المصريون بعد انتفاضاتهم الشعبية التي اذهلت العالم ، فهو يرى في المشهد البرلماني الجديد تعبير جديد عن انسداد الافق، وتراجع المكتسبات المحققة والتي من شانها مواصلة الانحدار في انتظار اعجوبة ما او تغيير يأتي من السماء بعدما انجز الشارع مهمته ولم يقدم خطوة واحدة الى الامام.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم