الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مَن يغلب مَن في العراق... مرجعية النجف أم خطّ ولاية الفقية؟

المصدر: "النهار"
بغداد – فاضل النشمي
مَن يغلب مَن في العراق... مرجعية النجف أم خطّ ولاية الفقية؟
مَن يغلب مَن في العراق... مرجعية النجف أم خطّ ولاية الفقية؟
A+ A-

يرى كثير من المتابعين للحركة الاحتجاجية العراقية التي انطلقت نهاية تموز الماضي، انه على رغم عدم خضوع حركة الاحتجاج لمرجعية النجف، فان احد اهم العوامل المضمرة فيها، هو الصراع غير المعلن بين مرجعية النجف وايران، او بمعنى اخر خط مرجعية اية الله السيد علي السيستاني والى حد ما تيار الصدر البعيدين عن مفهوم ولاية الفقيه، وخط الحكومة الايرانية وتفسيرها الفقهي المعروف لولاية الفقيه. حتى ان كثيرين يصرون بجدية لا تخلو من التهكّم ربما، على ان ما يحدث في العراق لا يتجاوز حدود الصراع بين حلوى "الدهينة" المصنوعة في مدينة النجف وحلوى "الساهون" المصنوعة في مدينة مشهد الايرانية! ويمكن من خلال مجموعة مؤشرات ورسائل بعثها كل من الخطين في العراق، خط مرجعية النجف، وخط الجماعات المقربة والتابعة لايران ولاية الفقيه ، استنتاج الملامح العامة لذلك الصراع المضمر.


لعل اول تلك الاشارات هي اصرار مرجعية النجف على حرمان رئيس الوزراء السابق نوري المالكي من الحصول على ولاية ثالثة لرئاسة الوزراء عام 2014، في مقابل دعم ايراني للمالكي، سواء على المستوى الرسمي او على مستوى القوى المسلحة المرتبطة بايران مثل منظمة "بدر" و"عصائب اهل الحق" و "كتائب حزب الله". ومثلما هو معروف كانت الغلبة لمرجعية النجف في اولى جولات الصراع بين الطرفين.
ويعتقد كثيرون ان خط مرجعية النجف يسعى لتعديل المسار الشيعي الذي رسمته في اول انتخابات نيابية في كانون الاول 2005، حين دعمت بقوة عامذاك، القائمة الانتخابية (169) المؤلفة من احزاب وجماعات الاسلام السياسي الشيعي. لكن مرجعية النجف وجدت بعد عقد من الزمن، ان هذه القوى خاضعة بطريقة واضحة للنفوذ الايراني، كما هالها وازعجها استهتار وفساد تلك القوى بالدولة ومؤسساتها.


وثاني الاشارات على تعارض الخطين، هو التمييز الواضح بين جماعات الحشد التي انخرطت في القتال ضد تنظيم #الدولة_الاسلامية (داعش) بعد فتوى الجهاد الكفائي التي اصدرتها مرجعية النجف عقب احتلال "داعش" لمدينة الموصل في حزيران 2014، فمرجعية النجف تصرّ على اطلاق تسمية "المتطوعين" على الشباب الذين تطوعوا للقتال واكدت على ارتباطهم بالحكومة ووجهت انتقادات لاذعة للتجاوزات التي قامت بها بعض الجماعات المسلحة الشيعية (الميليشيا) في بعض المحافظات السنية، فيما ترفض الجماعات المسلحة( بدر، عصائب الحق، كتائب حزب الله) المرتبطة بايران اعتبارها جزءاً من جماعات الحشد، وتصر على تسمية" المقاومة الاسلامية". وقد عمدت تلك الجماعات عبر وسائل اعلامها المختلفة على الترويج لفكرة انها الجهة الاهم في قتال "داعش" وسعت لتهميش دور قوات الجيش والشرطة وحشد المرجعية . كما سعت للتقليل من شأن الدور الاميركي و الائتلاف الدولي في الحرب ضد #داعش، عبر الايحاء ان اميركا تقوم باسقاط المعدات العسكرية للتنظيم الارهابي، ولعل الظهور المتكرر لقائد "فيلق القدس" في الحرس الثوري الايراني الجنرال قاسم سليماني في محافظة صلاح الدين وقيادته لجماعات "المقاومة الاسلامية" كان يبعث برسالة مفادها ان الخط الايراني هو من يقود المعارك وليس اي جهة اخرى.


والى جانب ذلك، يعد الخلاف الواضح بين مرجعية النجف في شأن الحراك الجماهيري الاخير المطالب بالاصلاح احد اوجه الخلاف المضمر بين الخطين . ففيما دعمت المرجعية بقوة مسيرة الاصلاح والتظاهرات، نظر الخط الايراني بريبة للموضوع واتهم المتظاهرين بالعمل تبعا لاجندات خارجية، وقام بتقديم دعمه الواضح للسلطة القضائية الموضوعة على قائمة المطالب الاصلاحية، من خلال الزيارة التي قام بها زعيم منظمة "بدر" هادي العامري ونائب رئيس هيئة الحشد ابو مهدي المهندس لرئيس السلطة القضائية مدحت المحمود قبل نحو اسبوعين.
وقد ذهب الخط الايراني بعيدا في اتهام المرجعية نفسها بالفساد، حين اتهم بعض المحسوبين على هذا الخط ممثل المرجعية السيد احمد الصافي من خلال الاستمرار في تقاضي راتب الجمعية الوطنية المؤلفة عام 2005 حين كان احد اعضائها.


ويأتي حادث اختطاف 19 عاملا تركيا الاسبوع الماضي من جماعات مسلحة احدث فصول الصراع بين خط مرجعية النجف والتيار الصدري من جهة، والخط الايراني الضاغط في العراق من جهة اخرى، اذ تحوم الشبهات حول "كتائب حزب الله" المرتبطة بايران بالوقوف وراء عملية الخطف، وقد انتقدت مرجعية النجف العملية، معتبرة انها "غير اخلاقية". وكذلك الامر مع السيد مقتدى الصدر الذي ندد بعملية الاختطاف واعتبرها "جريمة نكراء".
اما "عصائب اهل الحق" القريبة من ايران فقد اتهمت الولايات المتحدة بالوقوف وراء الحادثة. وتقول ان "العصابات الإجرامية" التي تبنت خطف العمال الأتراك، مدفوعة من "جهات ومخابرات دولية وأميركية". ويرى مراقبون ان الاتهام يفتقر للدليل، ذلك ان قيادة عمليات بغداد كانت قد اشتبكت مع القوة الخاطفة الموجودة في مقر "كتائب حزب الله" في شارع فلسطين وفقدت احد عناصرها ولم تتمكن من اطلاق العمال المخطوفين.


على اية حال، يرى المتابعون المحليون، ان صراع الخطين، ربما يفضي الى تحويل المعادلة السياسية واصلاح البلاد في حال انتصر خط المرجعية والحراك الجماهيري، او الى صعود الميليشيا بقوة وسيطرتها على مقاليد الامور ، في حال انتصار الخط الايراني.


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم