الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

هلمّ الى عدالة مدنية تساوي الرجل بالمرأة!

المحامية رانيا ايليا نصرة
هلمّ الى عدالة مدنية تساوي الرجل بالمرأة!
هلمّ الى عدالة مدنية تساوي الرجل بالمرأة!
A+ A-

في العام 2096 لن يشبه اليوم العالمي للمرأة يومنا هذا حيث تشير تقارير دولية أنه سيستلزم المرأة 81 عاما بعد حتى تشهد على مساواة بالرجل وذلك فقط في قطاع واحد وهو العمل!


أما الوضع الراهن في ما يتعلق بحقوقها الاساسية، فهو الى تراجع خطير وخطير جدا مع حلول الازمات والحروب التي تطال كل من العراق وسوريا واليمن وليبيا فما كان بنتيجة ذلك الا ترسيخ لأدوات التمييز العنصري الممارس في حقها.


وللحقيقية، ان عدم المساواة بين الرجل والمرأة يلقى أساسه في الدين! لنعترف وبصوت عال ولمرة واحدة وجهارة؛ الدين اغتصب للمرأة حقوقها . فأينما حلّ ظلم للمرأة في حقوقها الأساسية كان مصدره النصوص الدينية أو الاجتهاد الذكوري في تفسير هذه النصوص التي لا محالة بكونها المصدر الذي يعنى بأحوال المرأة الشخصية والقانونية.


فقوانين العائلة ما زالت ليومنا هذا تعتبر المرأة ناقصة الاهلية ولزوجها أو أحد أفراد عائلتها الذكور حق الوصاية عليها، وفي حين تبيح كل قوانين الاحوال الشخصية في منطقتنا الزواج الباكر للفتيات ، فان معظم تلك القوانين اجتمعت على سن الـ18 عاما للرجل لدى زواجه.


وبحسب الشريعة الاسلامية، تتمثل المرأة بأحد أفراد عائلتها الذكور عند انعقاد قرانها ولا تستطيع الزواج بغير المسلم في حين أن العكس صحيح. وما زال تعدد الزوجات حق مكتسب للزوج فيما عدا تركيا وتونس حيث ما عاد ذلك مسموحا ، وهو من الانتهاكات العنصرية التي تطال شرف المرأة وكرامتها. وما زالت الشريعة تبيح للزوج طلب زوجته الى بيت الطاعة فله أن يمنعها من زيارة ذويها أو يمنعها عن العمل أو أبسطه الخروج من المنزل، وله أن يطلقها دون تعليل قراره وليس لها في المقابل هذا الحق وان ارادت تطليقه وجب عليها دفع تعويض له ليوافق على الطلاق. ومعنى ذلك أن دفع التعويض هو فعليا شراء المرأة لحريتها من جديد اذ تكون بزواجها قد دخلت حيّز العبودية! وما زالت المرأة بعيدة عن نيل وصايتها الشرعية على أطفالها كما لا يحق لها الا حضانتهم حتى سن محددة ، فالمطلّقة مثلا التي اكتسبت حق حضانة أولادها يحرّم عليها الزواج ثانية والا كان لزوجها الحق في استعادتهم وهو ما لا يطبق على الرجل في احوال مماثلة. كما أن الزوجة الحاصلة على حضانة أولادها لا يحق لها البقاء في منزلها الزوجي.


أما عن قوانين الارث، فلا مكان للمساواة بين الرجل والمرأة، ومبادئ كالتعصيب والنصيب الارثي المزدوج للرجل مقابل كل نصيب ارثي للمرأة ، ليس الا قمة العنصرية والتمييز في حقها.


وقصة أخرى مع التمييز في مجال قوانين العقوبات وقوانين الجنسية. فالأعذار المخففة في جريمة الزنى لا يستفيد منها الا الرجل. ولا زالت جريمة الشرف احدى اشارات الفجور الذكوري في وجه المرأة. فالمرأة المتزوجة من أجنبي عصيّ عليها نقل جنسيتها مباشرة لاولادها حتى فيما لو ولدوا ونشأوا في موطنها!


وبالنسبة للاجهاض، ان القوانين السائدة في بلاد الشرق الاوسط ما زالت تمنعه طبعا ليس حرصا على سلامة المرأة . هذا المنع تبرره الديانات السماوية باعتباره مخالفة ارادة الله في الخلق، أما الاهداف الحقيقية وراء القوانين الوضعية التي تنص عليه فهو تمليك الرجل وحده قرار الحد من الانجاب وحرمان المرأة من حقها الاساسي لجهة خصوصية جسدها بأن تقرر متى تستمر بحملها ومتى توقفه بارادتها المطلقة وليس تحت سطوة قوانين جائرة بحقها.
وللسخرية، ما زالت المرأة في بعض الدول العربية، ممنوعة من السفر دون زوجها أو أقله دون أن يرافقها أحد أفراد عائلتها من الذكور، أو لا تستطيع المرأة الحصول على جواز سفر الا بموافقة زوجها.


وعن التمييز ضدها في العلم والعمل، يبدو ان الاوضاع الاقتصادية المزرية في معظم الدول العربية ما زالت تحفّز على تعليم الرجل على حساب المرأة. وحتى متى كانت المرأة ذات كفاءات علمية عالية، فهي غير قادرة على توظيفها الا في مجالات الادارات العامة، أو التعليم أو الصحة. فضلا عن عدم مساواتها مع الرجل لناحية الأجر أو الترقية أو تبوّق مراكز سلطة مهمة. وللاشارة فيما يتعلق بموضوع التحرش الجنسي داخل العمل ، يتبين أن معظم البلدان العربية لم تدرج أية حماية للمرأة في هذا الخصوص ومنها لبنان.


واذا كانت المرأة قد أحرزت بعض المساواة الهزيلة في قطاع العمل، فهي ما زالت في برعم النضال لناحية مشاركتها في العمل السياسي اذ تبلغ نسبة التمثيل النسائي العربي في البرلمانات الوطنية 3.5 في المئة فقط وذلك يعود الى عدة أسباب أهمها الفكرة السائدة في المجتمعات الذكورية على الاعتقاد بعدم قدرة المرأة على تحمّل أعباء جدية كتلك التي يرتّبها تسيير مرافق الشأن العام.


وأخيرا وليس اخرا مسألة التعنيف وهو سيد رموز التمييز ضد المرأة. ففي العام 2001، تم رصد أكثر من 9000 حالة تعنيف في الجزائر لم يعاقب من مرتكبيها الا الربع فقط! ورغم الجهود المتفانية للقضاء على هذه الظاهرة، لا يمر يوم أبدا من دون أن نسمع عن قصة موت امرأة في بلادنا بنتيجة التعنيف.


وتبقى الاشارة الى قضية المتاجرة بالنساء حيث حصد كل من لبنان واسرائيل النسبة الاعلى بين دول المنطقة في انتشار هذه الظاهرة لعدم قدرة هذه الدول على حماية المرأة من العصابات المروجة لهذه التجارة خصوصا أن بعض قوانين العمل في الدول العربية (لبنان مثلاً) لا يشمل العمال الاجانب ومنهم العنصر النسائي الذي لا يستفيد من الحماية القانونية.


هو يوم المرأة العالمي، يوم للمرأة نصف المجتمع، وللأم واضعة النصف الاخر منه.
في هذا اليوم لا يسعنا الا تقدير واجلال كل رجل يعي في قرارة ذاته أن نصف جيناته أنثوية، وأن التي ولدته أنثى، وأن نصفه في الزواج أنثى، وبأن الرجولة والشهامة والمروءة هي كلمات تمثله بتائها فقط متى استحقها.


وفي اليوم العالمي للمرأة، رجاء وأمنية حتى يأتي يوم لا تكون فيه نصوص دينية تساهم في التمييز ضد المرأة ولا اجتهادات ذكورية تفسر استنسابيا ايات الشرع وتعاليم الانجيل فيما هو لمصلحة الرجل. 
هلمّ الى عدالة مدنية تساوي الرجل بالمرأة.
كل عام والعالم ينبض بقلب امرأة!


 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم