السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

هل لعبتَ دور الضحية من قبل؟

المصدر: "النهار"
A+ A-

في مناسبات عدة يسيء الشخص التحكمَ بغضبه وإدارتَه بشكلٍ سليم، فيلجأ إلى طريقة أداء دور الضحية. إذ هناك ميزاتٍ في الطبع تدفع بأصحابه إلى الانزعاج من حالة الغضب التي يشعرون بها، فيُسقطون أنفسَهم في تصنيف دفاعي معين، وهو الظهور كالضحية في أيّ مسألةٍ في الحياة. توصّلت إلى هذا التحليل الجديد جمعيةُ Glendon للصحة النفسية في سانتا باربرا بكاليفورنيا، ونشرَ تقريرَها مؤخّراً موقع Psych Alive.


 


 


لماذا يؤدي دور الضحية؟


يتّجه الشخص إلى أداء دور الضحية، حتى من غيرِ قصد، لأنه يخاف من غضبه ويتنكّر لوجوده، فيُسقطه على أشخاصٍ آخرين ويتوقع الأذى منهم، وِفق الجمعية. وعند تشكُّلِ هكذا توقُّعٍ عنده وتطوُّرِ الحساسية العالية على الغضب لديه، قد يشوّه حقيقةَ تعابير الوجه عند الآخرين، معتبراً أنها تدلّ إلى نيات خبيثة. فيتحوّل غضبُه الذي كان يتوجّب عليه الشعورَ به كردّ فعل على الإحباط أو الإجهاد، إلى خوفٍ وانعدامِ الثقة بالآخرين وإلى شعورِه بالأذى والضّرر.


فيصبح الفرد الغارِق في شعور الضحية متطلعاً إلى الأحداث التي تجري وكأنها تحصل له فقط، ويشعر بعدم الفعالية وبالإرباك. كذلك يُمضي يومياته معوّلاً على افتراضٍ أساسي، وهو وجوب أن يكون هناك عدالة في العالم، فيما هي طريقة تفكير الأطفال. ويميل خلال لقاءاته وعلاقاته الآنية إلى إبراز الظروف التي مرّ بها في طفولته المبكّرة حين كان طبعاً عاجزاً عن القيام بأي شيء، متجاهلاً أنه أصبح بالغاً ويتمتع بالكثير من القدرات مقارَنةً بمرحلة طفولته.


 


الخروج من نطاق "الضحية"


على المرء أن يشخّص الدافع للعبِه دور الضحية، وهو "الصوت الداخلي المنتقِد" بحسب جمعية علم النفس الأميركية. إذ تذكر في تشخيصها لحالة الشعور كالضحية أن هناك صوتاً يقول للشخص: "هذا ليس عادلاً. لا يجب أن يحصل معي كذلك. ماذا فعلتُ كي أستحق ما يحصل؟!". وهكذا أفكارٌ مدمّرة تشجّع على السلبية والشعور بالعجز بما أنها تحدّ من الإجراءات المتّخذة من الشخص لتغيير حالته السيئة. فالغضب وانعدام الثقة يتطوّران أكثر عند الناس الذين "يسمعون" هذه الأصوات الداخلية التي تقنعهم بأن الآخرين يكرهونهم ولا يهتمون بهم أو بصالحهم، مِثل: "لا يأخذون مشاعري بعين الاعتبار"، و"لا أحد يهتم بي منهم"...


 


كيفية التعامل مع الغضب


بدل تحويل الغضب إلى الشعور كالضحية، على المرء أن يعي أوّلاً أن الغضب هو ردّ فعل عاطفي ينتج من الشعور بالإحباط. وثانياً، يجب أن يتذكّر ألا ضرورة لأن يفسّرَه أصلاً، ولا أن يتنكر له فيصبح "الضحية".


وللابتعاد كلياً عن الشعور بالدونية والأذى، فيكفّ عن اعتبار نفسه الضحية، يتوجب عليه وِفق تقريرٍ عن المسألة في صحيفة "ذا غارديان" البريطانية التخلي عن مفردات معينة في حديثه خلال غضبه، وهي: "عادل"، "يجب"، "صح"، "خطأ". إذ في العلاقة الرومنسية، مثلاً، تدلّ كلمة "يجب" إلى التزام بالقيام بأمرٍ معين. فيقول الشريك: " لأننا متزوجان، يجب أن تحبّني، يجب أن تهتمّ بي، يجب أن تمارس العلاقة الجنسية معي"، لكن هذه الجُمَل تنبع جميعها من موقع الضحية. فعندما يربط الناس إحباطَهم بتوقعاتِهم أنه يجب على الغير إرضاءهم، تنشأ لديهم لا محالة مشاعرُ "الضحية".


لكن في تحدّي الشخص للشعور أنه الضحية، وفي امتناعه عن استعمال الألفاظ المذكورة آنفاً خلال تعبيره عن غضبه، عبر تحمّله المسؤولية الكاملة عن مشاعره وتصرفاته، يكتشف طريقة جديدة للتواصل مع الشخص الآخر. فلا تحصل الشجارات من هجومٍ ودفاع متبادلَين، ويتمكن الشخص من التعبير عمّا أغضبه بطريقة عقلانية، وحتى هادئة، لا تنعكس توتّراً عنده أو عند المتلقّين.


 


 

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم