الثلاثاء - 23 نيسان 2024

إعلان

هل الامتناع عن الجنس صحي نفسياً؟

المصدر: "النهار"
كلودا طانيوس
A+ A-

قد يُعتبَر الامتناع عن الجنس مخالفاً لحدس وطبيعة الإنسان، لكن العديد من الناس لا يمارسون العلاقة الجنسية، إما عن خيارٍ شخصي، إما جرّاء التعليمات الدينية والمجتمعية. ويشرحون أن لامتناعهم عن الجنس فوائد كثيرة، وهو يناسب حياتهم "في الوقت الحاضر".


 


 


الوجه الإيجابي


يساعد الجنس على حرق السعرات الحرارية وتعزيز الحميمية عند الثنائي وتخفيف الألم، أي إنه أمرٌ لا يجب رفضه والامتناع عن ممارسته. لكن تبين لمركز البحوث في مستشفى نهر هامبر بتورونتو أن امتناع الشخص عن الجنس لفترة، يؤدي إلى تنشيط الرغبة الجنسية لديه، ما يؤدي لتجربة جنسية أفضل من سابقتها. وفيما تختلف حدّة الامتناع عن الجنس من شخصٍ لآخر، إذ يمتنع البعض عن كل الأمور الجنسية من ضمنها اللّمس ويمتنع البعض الآخر عن العلاقة الجنسية فقط، يتمتع الممتنع عن الجنس بالحماية من الأمراض المنقولة جنسياً ولا يواجه أي احتمال حَمل غير مرغوب به.


ويضيف مركز البحوث في المستشفى نفسِه أن الامتناع عن الجنس يؤدي بالناس لتقدير اللذة الجسدية، وهي المغايِرة للّذة الجنسية. فيتمتعون بالأحاسيس الناجمة عن اللّمس، مضيفين إلى علاقاتهم ألفة وحميمية خارج نطاق العلاقة الجنسية. وهكذا "يتعلّم" الشخص أموراً لم يكن يعرفها عن جسمه، ويصبح أكثر وعياً لرغباته ولاستجاباته الجنسية، بعيداً من الضغوط والتوقعات التي تقع على عملية ممارسة الجنس.


كذلك أظهرت دراسة لكلية الطب في جامعة أوكلاند في آب 2013 أن الامتناع عن الجنس يزيد من المودّة عند الثنائي، ويجعل الإنسان يكتشف مناطق جديدة في جسمه مثيرة للشهوة الجنسية ويُتقن تقنيات جنسية جديدة.


 


الوجه السلبي


قد يستحوذ الخجل على من يمتنع عن الجنس، بحسب دراسة أجرتها كلية الطب في جامعة كولومبيا البريطانية بفانكوفر. إذ يذكر تقرير الدراسة في آذار من العام الماضي، أن الامتناع عن الجنس يؤثر في ثقة الشخص بنفسه خصوصاً إذا ما كان مرتبطاً، إذ في امتناعه عن الجنس يَظهر كغير الواثق من نفسه ويؤثر في الشريك سلباً ويجعله هو أيضاً غيرَ واثقٍ من نفسه، بما أنه سيعتبر أنه ليس جاذباً أو كافياً لعلاقةٍ جنسيةٍ ممتعة. يحتّم هذا الأمر تواصلاً واضحاً بين الشريكَين، يشرح فيه الشخص دوافعه للامتناع عن الجنس وكم هي الفترة، وفق معدّي الدراسة.


الإحباط الجنسي قد يظهر أيضاً جراء الامتناع عن الجنس، خصوصاً عند من يستعينون بالجنس للتخفيف من التوتر والإجهاد لديهم. هذا ما ذكرَته صحيفة "ذا هافينغتون بوست" الأميركية في تحقيقٍ لها عن المسألة، بيّنَ أيضاً أن التحفيز الجنسي يتأثر سلباً، فالدماغ هو "الجهاز" الجنسي الأقوى بما أنه المزوّد بالمشاعر الجنسية، ويمكن الرسائل السلبية عن الجنس التي تُجبر الناس على الامتناع عنه أن تؤثّر سلباً في كيفية تفكيرهم في العلاقة الجنسية. ويذكر موقع CerveauEtPsycho أن الممتنعين عن الجنس يختبئون وراء الدين، وقد يتطور لديهم خوفٌ من العلاقة الحميمة.


 


يكذب الشخص على نفسه عند امتناعه عن الجنس


يوضح الاختصاصي في علم الجنس الدكتور بيارو كرم لـ"النهار" أن "مسألة الامتناع عن الجنس تختلف مدتها وحِدّتها بحسب السبب الذي دفع بالشخص اختيار هذا الامتناع"، مشيراً إلى أن "الحِدّة قد تختلف من الامتناع عن كل شيء يتعلق بالعلاقة الجنسية وبالاتصال الجسدي، إلى الامتناع عن الجماع فقط، بحسب خيار الشخص".


ويؤكد أن كل ما يتحكم بالامتناع عن الجنس هو أسبابٌ نفسية بحت، "فيتأثر الشاب بنظرته إلى والدته وبرأيه فيها كامرأة، وتتأثر الشابة بنظرتها لوالدها، ما يخلق عند الشخص صورة استباقية عن الجنس ويتحكم بخياره في ممارسته أو عدمها"، ويضيف أن "للتجربة التي يمر فيها الشخص منذ طفولته تأثيرها أيضاً، فمن تعرّض للتحرش الجنسي مثلاً يرفض موضوع الجنس، أما من كانت علاقته الجنسية الأولى غير ناجحة أو ممتعة فهو أيضاً قد يمتنع عن الجنس، خصوصاً المرأة التي تعلم أن عليها أن تفقد السيطرة حتى تصل إلى النشوة الجنسية، فتبتعد عن هكذا أمر خوفاً من أن تحبّ العلاقة وتصبح مريدة لها".


وتضطلع أيضاً العواملُ العضوية بدورٍ في مسألة الامتناع عن الجنس، إذ يشير كرم إلى أن "تربية الشخص على أنه لا يجوز أن يمسّ أحدٌ به من الناحية الجنسية تجعله يشعر بالألم والتشنج خلال الجنس، ما يشكل سبباً لامتناعه عنه"، لكنه يؤكد أن أساس السبب نفسي "فهنا يعتقد الشخص أنه اختار امتناعه عن الجنس، فيما لا يمكن أن يختار بما أننا نُخلَق جنسيين وغير ممتنعين عن الجنس".


أما هل يفيد الامتناع عن الجنس عبر زيادة المتعة في العلاقة الجنسية عند انتهاء فترة الترفع عنه، فيوضح كرم عبر "النهار" أن "كل شيء يمتنع عن ممارسته الإنسان، يجد صعوبة في العودة إليه وممارسته مجدداً"، ويلفت إلى أن "العودة إلى ممارسة الجنس لن تكون مستحيلة، ولكن قبل ذلك يجب تحديد السبب النفسي الذي دفعه للامتناع عن الجنس، إذ هو يلجأ إلى مهرب من حقيقة يعيشها ويجب معالجتها أولاً، بما أنها السبب الأساسي".


ويلفت كرم إلى أن للامتناع عن الجنس تأثير سلبي أيضاً في الشريك: "إذ سيتساءل لماذا لم يعد يريد شريكه ممارسة الجنس، من هنا ضرورة الاختيار المشترك والتفاهم داخل الثنائي"، مؤكداً أن هناك ضرراً مهماً جراء الامتناع الجنسي "لأن التوقف عن الجنس هو كالتوقف عن الطعام والشّرب والنوم".


الأشخاص غير المرتبطين، من جهتهم، قد يمتنعون عن الجنس بسبب عدم توافر الشريك، أو جراء التعليمات الدينية والمجتمعية والأخلاقية، وفي هذه الحالة يلفت كرم إلى أن "امتناعهم عن الجنس مع شريك معين، لا يعني أنهم لا يمارسون الاستمناء". أما الراضخون للضغوط الاجتماعية فيعزو الأمر إلى التربية التي تُظهر الجنس موضوعاً وسخاً وتُجبر الشخص على اعتبار ألا أحاسيس جنسية لديه: "فتكذب الفتاة على نفسها لفترة طويلة جداً من عمرها، حتى تكتشف أن ما تشعر به هو أمرٌ طبيعي وتواجه حقيقة الأمور"، في إشارةٍ منه إلى أن التربية من جهة، والعوامل الاجتماعية من جهة أخرى، تشكل عوامل مؤدية إلى الامتناع عن الجنس.


ويؤكد كرم أنه "ما من أحدٍ يختار الامتناع عن الجنس بملء إرادته، فالأسباب النفسية هي التي تفرض نفسها على حياته الجنسية، فيما في الواقع عند الإنسان حاجة وغريزة جنسية طبيعية"، من غير أن ينفي وجود حالات لاجنسية "وهم الأشخاص ذات الحالات النادرة حيث لا انجذاب جنسي لديهم (Asexuals)" على حدّ قوله.


 


 [email protected] / Twitter: @claudatanios

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم