الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

الناس يدفعون الثمن... الزجاج يرتفع سعره ولا حلّ إلّا بفتح الاعتمادات المصرفية!

المصدر: "النهار"
فرح نصور
الناس يدفعون الثمن... الزجاج يرتفع سعره ولا حلّ إلّا بفتح الاعتمادات المصرفية!
الناس يدفعون الثمن... الزجاج يرتفع سعره ولا حلّ إلّا بفتح الاعتمادات المصرفية!
A+ A-

لعلّ الضرر المشترك الذي لحق بمختلف المنازل والمحال التجارية والمؤسسات هو تحطّم النوافذ الزجاجية وواجهات المحال وغيرها، طبعاً بنسبٍ متفاوتة. عندما تجول في بيروت أمس، ترى الزجاج في جميع أرجاء المدينة. تناثر وتطاير على جوانب الطرقات وملأ الحاويات والأرصفة. لكن في ظل الأزمة الاقتصادية التي نعيشها اليوم، والتي تكاد تخنق اللبناني، هل هو مستعدّ لتكبدّ خسائر إضافية لتصليح أضرارٍ ليس مسؤولاً عنها؟ وكم تبلغ كلفة تصليح الزجاج مع أزمة الدولار؟

بعد يومين من الانفجار الكارثي، بدأ الناس يرممون منازلهم ومحالهم، وأوّل ما قاموا به هو ترميم الواجهات والنوافذ. في مركز طباعة في الأشرفية، حيث طارت واجهة المحل الواسعة، لا زال المعنيّون يبحثون ويسألون عن سعر الواجهة الجديدة. طلب منهم "معلّم" الزجاج ألف دولار سعر كادر الحديد فقط وبالدولار، وبدل أتعابه ألف دولار أيضاً لكنّه حوّلها إلى 6 ملايين ليرة. "لا زلنا نفكّر في الموضوع، هي مشكلة كبيرة جداً، فنحن كنّا على الحافة وصُعقنا بهذه الضربة، نحاول بالتي هي أحسن" يقول المدير. صاحب محل للاكسسوار في منطقة ساسين لا زال يسأل عن الأسعار، "الأسعار جميعها بالدولار وأغلى ما يمكن، وحتى الآن حصلت على سعر 750 دولاراً للزجاج العادي ولكن ليس هذا وحده، فهناك تفاصيل أخرى إضافية من ألمنيوم وحديد وخشب، لا أحد أعطاني سعراً على الليرة، نحن ميّتون أساساً وجاءتنا مصيبة فوق مصيبة.

هذان نموذجان عمّا يعانيه اللبنانيون اليوم. فمن ناحية هم مضطرّون إلى تصليح هذه الأضرار، لكن من ناحية أخرى الحالة الاقتصادية الصعبة لا تسمح في الوقت الراهن.

الألمنيوم يمكن تأمينه وتلبية طلب السوق منه. أمّا الزجاج فالمشكلة الأساسية في تأمينه هي ارتباطه بالدولار، فالتجار مضطرون إلى تأمين fresh money كي يستوردوا المواد الأولية، بحسب زياد بكداش، نائب رئيس جمعية الصناعيين. المشكلة الأساسية تكمن هنا. لذا، على الحكومة ومصرف لبنان أن يسمحا بفتح اعتمادات في المصارف اللبنانية لشراء المواد الأولية للزجاج وفق السعر الرسمي 1500 ليرة، من حسابات التجار الشخصية، ومن المُلحّ أن تقوم الدولة بذلك قبل حلول الشتاء، لأنّ أي باخرة شحن تتطلّب أقلّه مدة شهرين كي تصل إلى لبنان.

هناك باخرة زجاج ستصل بعد أسبوعين يمكن أن توفّر الزجاج الخاص بواجهات المحال والمؤسسات. لن يكون هناك أزمة زجاج، لأنّ المواد الأولية تمّ طلبها، لكن لتسريع تصليح أضرار المنازل من زجاج وألمينيوم قبل حلول الشتاء، على مصرف لبنان أن يلبّي مطلب فتح الاعتمادات كيلا يستمرّ التجار بالاستيراد عبر الـ fresh money، وفق بكداش. هناك اجتماع سيُعقد لأصحاب مصانع الألمنيوم والزجاج مع وزير الصناعة الإثنين المقبل لتأمين هذا المطلب.

احتكار التجار لا يرحم

"فليساعد الله الناس"، بهذه الكلمة بدأ حديثه روبير قشوع، صاحب أكبر مصانع الزجاج والألمنيوم. الشح برأيه يعود إلى الكارثة التي حلّت بمرفأ بيروت. هناك معنيّون يتفاوضون حالياً مع الشركات الخارجية لتحويل حاويات المؤسسة إلى مرفأ طرابلس. كما أنّ هناك جهات تواصلت مع شركات في مصر، وإذا ما تيسّر الأمر، ستكون الباخرة في لبنان بعد 48 ساعة. لكنّ المشكلة الكبرى هي احتكار التجار. في لبنان ثلاثة تجار كبار في صناعة الزجاج. هو منهم، وهو الوحيد الذي يلبّي طلبات المتضررين. خفّض أسعاره لمساعدة الناس، فالكارثة كبيرة ولا يمكن وصف الكمّ الهائل من الطلبات لفنادق وجامعات ومصارف ومنازل وغيرها، لكنّ التجار الآخرون لا يشبعون، إذ يحتكرون الزجاج ما أدّى إلى ارتفاع سعر متر الزجاج من 3 إلى 9 دولارات فهم خبّأوا الزجاج في مخازنهم. "لماذا الدولة لا تكشف على مخازنهم وتفرج عن بضائعهم وتلزمهم ببيع الزجاج لتيسير أمور الناس، وتخفيض التكلفة عليهم؟" يسأل قشوع.

طالب الدولة بمساعدتهم عبر منحهم سعراً خاصاً للدولار على سعر 1500 كي يوفّروا على الناس. هو وغيره من التجار مجبرون أن يبيعوا إمّا بالدولار وإمّا بسعر صرف السوق، لكن "فلتنظر الدولة بحال الناس وتساعدنا كي نساعد الناس". هناك من عرض عليه الزجاج من سوريا، وربما يضطرّ إلى قبول هذا العرض رغم أنّ نوعيته بنظره ليست جيدة جداً، فمبدئياً أي شحنة زجاج لن تصل قبل شهر والطلب كثيف.

أحد معلمي الزجاج والألمنيوم يعبّر بغضب عن ارتفاع سعر كلفة الزجاج عليهم كمعلّمي ورش. لا يقبل تاجر الزجاج سوى الدفع بالدولار حصراً. يوم الانفجار كان سعر الزجاج البلور (العادي) كما السابق، لكن في اليوم التالي ارتفع سعره من 9 دولارات إلى 13 دولاراً للمتر، "نقف بالطابور على باب تاجر الزجاج كمن يقف للإعاشة" بحسب المعلم. زجاج الـ double vitrage كان المتر منه بـ 26 دولاراً وأصبح الآن بـ 45 دولاراً. هؤلاء التجار يحاربونهم، إذ كان يستغرق تجهيز هذا الزجاج مدة يومين لكن الآن يقول التاجر له إنّه ينبغي تحضيره أسبوعاً لئلا يلبّي طلبه. واجهات الزجاج الـ securit ضد الكسر، كان ثمن المتر منها 80 دولاراً وأصبح 95 دولاراً. حتى مادة الكوتشوك التي توضع بين الزجاج والألمنيوم مقطوعة حالياً، فالباقة منها كانت بـ3 دولارات أصبحت ب7. هذه الأسعار جميعها قبل وبعد الانفجار. هناك من يحتكر سوق الزجاج حالياً و"نحن مصلحتنا تدمرت". مَن هو ميسور الحال يقوم بتصليح زجاجه، أمّا مَن لا يستطيع، فيقوم بسدّ شبابيكه بالنايلون إلى أن يفرجها الله.

فتح الاعتمادات المصرفية لحلّ الأزمة قبل حلول الشتاء

كمية الزجاج الحالية لدى مؤسسة سليم حامض للزجاج لا تكفي حاجة السوق، وفق قول صاحبها سليم حامض أحد مستوردي الزجاج. كان لديه عدة حاويات من الزجاج في مرفأ بيروت، وخسرها جراء الانفجار. هناك صعوبة في إقناع الشركات الأجنبية بركن بواخرها في مرفأ آخر غير مرفأ بيروت. لكن على الدولة أن تتحرّك قبل قدوم الشتاء لأنّ الطلب على الزجاج كثيف جداً. أسعار الزجاج لديه بالدولار أو على سعر صرف السوق.


الأضرار كبيرة جداً والكمية الموجودة لدينا لا تغطي 5% من حاجة السوق، يشرح المدير التجاري في شركة "Glassline" نبيل كيروز. المواد الأولية جميعها مستورَدة من الخارج، هناك حاجة ملحّة لأن يُفرَج عن أموال المودعين. تحاول المؤسسة أن تخفّض من أسعارها قدر المستطاع بعد هذه الكارثة، فـ"نحن نشعر مع المتضررين، وليس الوقت المناسب للتجارة". هناك مشكلة في أنّ الشحن بحراً يأخذ وقتاً طويلاً، بينما الشحن جواً أسرع لكنّ كلفته أعلى ما سيرفع سعر الزجاج والألمنيوم. كما أنّ هناك مشكلة أساسية، ألا وهي إلى أي مدى سيكون مرفأ طرابلس قادراً على استقبال كمية كبيرة من الشحنات. خطوات التصليح قد تمتدّ إلى أوائل الشتاء ريثما تصل طلبيات المواد الأولية، فهي تتطلب حوالي الشهر والنصف كي تصل. أكبر مشكلة تعانيها الشركة هي في طريقة الدفع، هي أنّها مضطرّة إلى وضع صيغة الدفع نقداً بالدولار أو بالتحويل إلى حساباتها في الخارج، لشراء المواد الأولية، لذا من الضروري جداً أن تفتح المصارف الاعتمادات للتجار لتسهيل وتسريع عمليات الاستيراد وبالتالي، تخفيض الكلفة على المواطنين.

أسعار الزجاج في مؤسسة "Bifem-Paralu" لتركيب واجهات الشبابيك والألمنيوم، هي بالدولار أو بالليرة على سعر الصرف الرسمي في المصارف أي 3900 ليرة، أمّا ثمن الخدمة فيُدفع بشيك بالدولار أو بالليرة، و"مَن يمكننا مساعدته نساعده دون تردّد"، يفيد صاحب المؤسسة هادي فرحات. زاد الطلب كثيراً لديه، فـ "بيروت تهدّمت كلّها وأعتقد أنّه ربّما نشهد شحّاً بالزجاج، لكن هناك خطوط من بعض الدول العربية ولا زلنا نستطيع تأمين الزجاج منها ولو بشكلٍ ضئيل".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم