السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

الأورومو ومقتل هونديسا: الاضطرابات الإثنيّة في إثيوبيا تخلّف دماراً واسعاً

المصدر: "أ ف ب"
الأورومو ومقتل هونديسا: الاضطرابات الإثنيّة في إثيوبيا تخلّف دماراً واسعاً
الأورومو ومقتل هونديسا: الاضطرابات الإثنيّة في إثيوبيا تخلّف دماراً واسعاً
A+ A-

لم يكن أمام غيرما من خيار سوى أن يراقب من بعيد حشدا من الناس يهتفون "هذا المكان لنا" فيما كانوا يضرمون النار بمدرسة أسسها قبل عقد من الزمن في شاشاميني بمنطقة أوروميا في #إثيوبيا.

ورغم أنه عاش طيلة حياته في شاشاميني، البلدة السريعة النمو في منطقة أوروميا، إلا أن والديه لم يكونا من إثنية أورومو، الأكبر في البلاد، أي أنه كثيرا ما عومل كدخيل.

ولو حاول التدخل لإنقاذ مدرسته من شبان الأورومو العازمين على تدميرها، لقتل كما يعتقد.

وقال غيرما الذي طلب عم ذكر اسمه بالكامل: "إذا تركتهم يفعلون ما يريدون، لا يمسّونك. لكن إذا حاولت إنقاذ بيتك وممتلكاتك، فسيأتون إليك".

والاضطرابات التي حوّلت المدرسة أنقاضا متفحمة، كان سببها مقتل #هاشالو_هونديسا، المغني الشعبي الذي يعتبره الكثير من افراد أورومو صوتا عبر عن معاناتهم من التهميش السياسي والاقتصادي.

في الأيام التي تلت مقتله قبل أسبوعين لقي ما بين 179 و239 شخصا مصرعهم، وفق أرقام رسمية متضاربة، في العنف العرقي أو بسبب استخدام الشرطة والجنود القوة القاتلة ضد المتظاهرين.

لكن الأرقام لا تعطي صورة كاملة للخراب في أماكن مثل شاشاميني، حيث تعرضت مئات المنازل والمدارس والفنادق وأنشطة تجارية أخرى أصحابها من الأورومو، للتدمير على أيدي مثيري شغب.

ودمّرت ممتلكات أخرى، وفق تقارير، في بلدات في أنحاء منطقة أوروميا المحيطة بالعاصمة أديس أبابا.

وقالت ليتيشا بادر من منظمة هيومن رايتس ووتش إن "ابحاثنا حتى الآن تشير إلى أن الأضرار التي لحقت بالممتلكات أسوأ مما حصل في موجات اضطرابات سابقة".

وبالنسبة للمتضررين من غير الأورومو، فإن الدمار يعني أنهم ربما لن يلقوا ترحيبا في أماكن اعتبروها دياراً لهم.

وقالت الماظ مورغان تشابمان، صاحبة فندق في شاشاماني دمر في أعمال العنف: "مع هذه الاستراتيجية التي يعتمدونها بحرق أماكن رئيسية... لا أعلم إن كانوا يريدون أن يعود الناس".

- حياة الأورومو مهمة -

تعرف شاشاميني بأنها تضم عددا كبيرا من أتباع الديانة الرستفارية. لكن البلدة هي أيضا مركزا للتبادل التجاري في منطقة الوادي المتصدع الإثيوبية.

وهذا يعني إن هناك الكثير من الممتلكات القيمة لمهاجمتها.

على طريق رئيسي يؤدي إلى البلدة، نهبت متاجر وأحرقت، وتم تكسير واجهاتها وتغطت ممراتها بحطام معدني.

وعلى جوانب الطرق انتشرت هياكل السيارات المحترقة، بينها خمس شاحنات لنقل المشروبات الغازية انتشرت حولها القناني الزجاجية المكسرة.

وعلى جدار مبنى يضم شركة تأمين تعرض للنهب، كتبت عبارة "حياة الأورومو مهمة".

ومع ذلك فإن بعض المباني -- مدرسة هنا ومطعم هناك -- لم تصب بخدش. وقال عدد من أهالي المنطقة لوكالة فرانس برس أن غالبيتها مملوكة من أفراد من الأورومو.

وتشابمان، وهي من ترينيداد وتوباغو أسست فندق ليلي اوف ذا فالي (زنبقة الوادي) الذي يضم 28 غرفة قبل 15 عاما، قالت إن مجموعة من مثيري الشغب أضرموا النار في الفندق بعد ساعات على الأنباء التي أفادت بمقبل هاشالو، ما أجبرها على مغادرة المجمع وهي في ملابس النوم.

وقالت إن فندقا مجاورا يملكه أفراد من مجموعة الأمهرة العرقية، تعرض للنهب أيضا. لكن فندقا ثالثا أصحابه من الأورومو لم يتعرض لأذى.

وقال وليام ديفسون من مجموعة الأزمات الدولية إن "هذه الهجمات على ممتلكات يملكها أشخاص من غير الأورومو، مع الأسف ليست سوى الموجة الأخيرة من العنف الإثني في إثيوبيا، حيث كثيرا ما يكون الاستقطاب السياسي على أسس عرقية".

- اسلوب التخويف -

لم يتضح عدد الأشخاص الذين قتلوا وجرحوا في أعمال العنف في شاشاميني.

ولم تقدم الحكومة حصيلة للقتلى وفقا للمناطق الجغرافية، كما لم تعلن عن عدد القتلى في العنف العرقي أو على أيدي قوات الأمن.

وبعض المصابين في شاشاميني الذين عولجوا في هاوسا المجاورة، أصيبوا بنيران قوات الأمن، فيما أصيب آخرون من جراء "العصي والحجارة" التي أحيانا ما تستخدم في هجمات عرقية، وفق الطبيب زيناو سيرنيسو، رئيس مستشفى هاوسا ريفيرال.

ومهما كانت الأعداد، فمن الواضح أن العلاقات بين المجموعات الإثنية تتدهور.

وفي ذروة أعمال العنف قام شبان في شاشاميني، بشحذ سواطير على طرق مرصوفة بالحجارة، محدثين أصواتا يريدون بها تخويف من هم من غير الأورومو، وفق سيدة من الأهالي طلبت عدم نشر اسمها خوفا على سلامتها.

وفيما كان الناطقون بلغة أفان أورومو فقط لا يخشون الخروج "مضت ثلاثة أيام قبل أن نبدأ بسماع الأمهرية مجددا في الشارع" وفق السيدة.

وقال شهود عيان إن العديد من أفراد الأورومو دافعوا عن جيرانهم من غير الأورومو، وحاولوا منع تدمير منازلهم وأنشطتهم التجارية.

وقال مواطن من الأورومو طلب أيضا عدم ذكر اسمه، لوكالة فرانس برس إنه استقبل عائلة من مجموعة الغُراجي العرقية تقيم في الجوار، مضيفا بأنه يشعر "بالإحراج إزاء ما حدث" في شاشاميني.

وقال: "من المحزن جدا لي كإثيوبي أن أعيش في هذا الوقت وأفكر في الإثنية، فيما ينبغي علينا التركيز على مستويات الفقر التي تعد الأسوأ على الإطلاق".

وأضاف: "ليس لدينا شيء ودمرنا كل ما نملك".

- مزاولة الأعمال انتهت -

ورغم مظاهر التضامن هذه، إلا أن العديد من أصحاب الأعمال من غير الأورومو قالوا إنهم يفكرون في الرحيل.

وقالت سيدة إن اثنين من موظفيها من منطقة أمهرة، حزما حقائبهما وغادرا بعد ست سنوات في شاشاميني.

وقالت ليتيشا بادر من هيومن رايتس ووتش، إن على الحكومة أن تضع في أولوياتها إجراء "محاكمات موثوقة ودفع تعويضات" لمنع تكرار أعمال عنف مشابهة.

وقالت تشابمان صاحبة الفندق إنها ستبقى في المنطقة لترى ما إذا كانت الحكومة ستعوض لها ما خسرته، لكنها لا تعتزم إعادة فتح الفندق.

وأكدت "أننا لا زلت أحب إثيوبيا... لكن في ما يتعلق بمزاولة العمل، قضي الأمر. لقد تقاعدت"، مضيفة: "الأورومو جعلوني أتقاعد".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم