الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أكثر من 4500 وفاة في لبنان... التدخين يملأ منازلنا ومطاعمنا فأين القانون 174؟

المصدر: "النهار"
أكثر من 4500 وفاة في لبنان... التدخين يملأ منازلنا ومطاعمنا فأين القانون 174؟
أكثر من 4500 وفاة في لبنان... التدخين يملأ منازلنا ومطاعمنا فأين القانون 174؟
A+ A-

لم ننسَ بعد صور تجمعات الأهالي في مقهى موسى في محلة باب الرمل في طرابلس التي كسرت بفضاحتها قرار#التعبئة_العامة الذي فرضته الدولة لمدة 4 أيام آنذاك. كان واضحاً أن الرواد لا يؤمنون بأن ملازمة المنزل تحافظ على أمانهم الصحي، هؤلاء ليسوا وحدهم الذين ينظرون إلى فيروس #كورونا وكأنه #مؤامرة سياسية، كُثُر غيرهم لديهم قناعاتهم الأخرى التي تنسجم مع مشهد "اللامبالاة" في الإجراءات الوقائية.

في يدهم نربيج النرجيلة وفوق رؤوسهم الدخان المتصاعد؛ أتراهم يعرفون أن منتجات التبغ تحتوي على أكثر من أربعة آلاف مادة كيميائية، 250 منها معروفة أنها ضارّة، و69 أخرى تسبّب السرطان وأمراض القلب التاجي؟ بالطبع هم لا يعرفون ذلك، أو يعرفون ولا يُصدقون كما هي الحال مع فيروس كورونا، هو موجود إلا أنهم يرفضون تصديق ذلك!

في أيلول 2011 أصدر مجلس النواب القانون 174 الذي يهدف إلى منع التدخين في الأماكن العامة والمغلقة، 9 سنوات مرّت على صدور هذا القانون الذي طُبق في الأشهر الأولى قبل أن يُدفن في أدراج النسيان شأنه شأن قرارات أخرى. "نحن نعتبر أنفسنا حضاريين في وقت لا يبدو أننا نعرف عن الحضارة شيئًا. والدليل أننا نسنّ القوانين من دون تطبيقها"، هذه العبارة قالها وزير الصحة السابق الدكتور جميل جبق؛ هو يعرف حق المعرفة "أن التدخين مستمر على قدم وساق في كل مكان، سواء في داخل المنازل أو في الأماكن العامة". 

يبدو أن أرقام المدخنين في لبنان إلى ارتفاع، إذ بلغت 51% عند البالغين الذكور و41% عند الإناث اللواتي يتجه معظمهن إلى النرجيلة، في المقابل تُسجل وفاة 4000 لبناني سنوياً بسبب التدخين وفق أرقام وزارة الصحة اللبنانية، مقابل 7 ملايين وفاة في العالم. كما تؤكد "​منظمة الصحة العالمية​" أنّ "هناك 60000 طفل سنويًّا حول العالم يتوفون إثر التدخين السلبي".

في حين أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن حوالى 40% من الطلاب اللبنانيين في المدارس الحكومية والخاصة، والذين تراوح أعمارهم بين 13 و15 عامًا يدخنون السجائر، و38% يدخنون النارجيلة. ويتعرض حوالى 70% من طلاب المدارس الحكومية والخاصة الذين تراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة لدخان السجائر (التدخين السلبي) في منازلهم وفي الأماكن العامة، وحوالى 50% يتعرضون لدخان النارجيلة في الأماكن نفسها.

هذه الأرقام وحدها قادرة أن تشرح سبب ارتفاع نسبة الإصابة بالأمراض السرطانية، وأن لبنان من أوائل الدول في العالم حيث ينتشر سرطان المثانة والرئتين والمريء، وقد زاد هذا السرطان في العقد الأخير ثلاثة أضعاف، استنادًا إلى إحصاءات الوكالة الدولية لبحوث السرطان IARC. نعرف جيداً أن التدخين ليس العامل الوحيد المسبب للسرطان، فنحن نعيش في بيئة ملوثة حيث نستنشق سموم النفايات المكدوسة أو المحروقة، بالإضافة إلى الأكل غير الصحي والمواد الكيماوية المحقونة في غذائنا وخُضارنا.

ليس علينا أن نخجل من هذه الأرقام. ما شعر به وزير الصحة السابق جميل جبق عندما وجد نفسه مضطرًا للرد على أسئلة طُرحت عليه في الجمعية العامة لمنظمة الصحة العالمية في جنيف حول مسار لبنان في منع التدخين، مخجلٌ، وفق قوله، برأيه: "هل نقول إن التدخين موجود بقوة في منازلنا ومطاعمنا ومستشفياتنا وفي كل أماكننا العامة؟ وهل نقول إن ثمة أهالٍ يتركون أولادهم المراهقين يدخنون النارجيلة في داخل المنزل؟ 

ثمة من يقول إن تطبيق قانون منع التدخين في المطاعم أدى إلى تراجع العمل فيها، لكن من يقول لهؤلاء إن الفاتورة الاستشفائية تُضاهي أكثر بكثير، وإن أكثر من 4500 لبناني يموتون سنوياً بسبب التدخين، وإن وزارة الصحة تنفق مبالغ طائلة نتيجة الأمراض السرطانية المتأتية عن التأثيرات المباشرة وغير المباشرة للدخان؟! إذ يبلغ ما يتم دفعه لأدوية الأمراض المستعصية حوالى مئتي مليون دولار سنويًا. 

وفق رئيس قسم الأمراض الصدرية والإنعاش في مركز كليمنصو ورئيس قسم الأمراض الصدرية والإنعاش في الجامعة اللبنانية - كلية الطب، البروفسور وجدي أبي صالح، "ارتفعت نسبة سرطان الرئة في لبنان، خصوصاً عند النساء بسبب زيادة معدّلات التدخين. هو المسؤول عن أعلى نسبة وفيات في لبنان والعالم، ويعود السبب إلى الكشف المتأخر عنه بسبب غياب الأعراض التحذيرية في مراحله الأولى، بالإضافة إلى عدم وجود علاجات مُجدية وفعالة للوصول إلى حالات الشفاء في حال تقدم المرض".

هناك أسباب أخرى غير التدخين مسؤولة عن الإصابة بسرطان الرئة وأهمها:

* تقدُّم العمر وإطالة أمد الحياة والشيخوخة. (شهد لبنان في السنوات الماضية ارتفاعاً في متوسط عمر الإنسان حيث وصل إلى 80 سنة تقريباً، وهو الأعلى في الدول العربية). ترتفع مخاطر الإصابة بالأمراض السرطانية مع تقدم العمر.

* التلوث: زيادة التلوث في لبنان، وظهور عدة جزئيات وانبعاثات نتيجة المفاعلات الحرارية وتلوث السيارات والنفايات والحرق العشوائي لها تُسبب انبعاثات مسرطنة.

وفي قراءة للأرقام، يبدو واضحاً ارتفاع نسبة الإصابة بسرطان الرئة عند النساء مقارنة بالرجال نتيجة زيادة التدخين والنرجيلة في صفوفهن. سُجلت في 2005 نسبة 9.5 حالات سرطان لكل 100 ألف لبناني عند النساء، وارتفعت إلى 13.6 حالة لكل 100 ألف لبناني، أي بلغت نسبة الزيادة 27%.

وفي مقارنة مع أرقام الإصابة عند الرجال، سجلت في 2005 نسبة 25.1 حالة سرطان لكل 100 ألف شخص، وارتفعت إلى 28.3 حالة لكل 100 ألف، أي بلغت نسبة الزيادة 11%.

هذه الزيادة في التدخين عند النساء التي شهدناها في الفترة الأخيرة، سنرى تأثيرها على العقود المقبلة، وإذا استمر الحال على ما هو عليه اليوم بمسألة التدخين سيصبح سرطان الرئة متساوياً بين الرجال والنساء في لبنان".

وبات معلوماً أن ٨٠ إلى ٩٠ في المئة من سرطانات الرئة سببها التدخين على أنواعه من السجائر والنرجيلة والسيجار والسجائر الألكترونية، ويقدَّر كل رأس نرجيلة، بساعة تدخين، وينفث سموماً تعادل ٥ علب من الدخان. لكن ما يُسببه التدخين غير المباشر يوازي بمخاطره ما يتعرض له المدخن ولو بنسب مختلفة، فكيف إذا كنا نعيش في بيئة ملوثة لا تراعي المعايير الصحية؟

ما زال سرطان الرئة المسبّب الأول للوفيات حول العالم، ومعظم الحالات المصابة سببها التدخين، إلا أن ذلك لا يُلغي إصابة غير المدخنين بهذا النوع من السرطان حيث سُجلت إصابتهم بنسبة حوالى 10- 20% بسرطان الرئة.

هذه النسبة برأي أبي صالح "تجعلنا نبحث في عوامل الخطر لدى هؤلاء المرضى الذين لم يُدخنوا سيجارة واحدة في حياتهم، والتي تتمثل بـ:

* التعرّض للتدخين السلبي (أحد أفراد العائلة يدخن في المنزل)

* العمل في المصانع والمعامل التي تنبعث منها انبعاثات مسرطنة

* التعرض للأشعة لا سيما العاملين في قسم الأشعة

* التلوث الذي يُسبب انبعاثات مسرطنة في الجو (تلوث صناعي- انبعاثات السيارات- حرق النفايات...)

* الاستعدادت الجينية للإصابة بالأمراض السرطانية الرئوية.

صحيح أنه لا يمكن التحكم بالعامل الجيني، ولكن يمكننا التعامل والحدّ من تأثير العوامل الأخرى التي تزيد من مخاطر الإصابة بهذا النوع من السرطان.

ويشير أبي صالح إلى أن "سرطان الرئة عند غير المدخنين لا يحظى لسوء الحظ بالاهتمام الكافي وتسليط الضوء على مخاطره كما هي الحال مع المدخنين، ويكون نوعه مختلفاً عن سرطان الرئة عند المدخنين حيث نلاحظ انتشار سرطان adenocarcinoma أكثر من باقي الأنواع السرطانية الرئوية الأخرى.

كيف يمكن لغير المدخن الوقاية من سرطان الرئة؟

* عدم التعرض لتأثير الدخان السلبي

* عدم الوجود في أماكن مغلقة يكثر فيها التدخين

* استشارة الطبيب باكراً في حال كان لديه تاريخ عائلي للسرطان

* العمل على وضع مصافٍ جيدة في المصانع وتطبيق المعايير العالمية للسيطرة على الإنبعاثات التي يتعرض لها العامل والتي من شأنها أن تقلل من الإصابة بالسرطان.

يُعتبر التلوث من أبرز العوامل المؤثرة في لبنان مقارنة بالعوامل الأخرى المسبّبة للسرطان، إذ يتعرض معظم المرضى غير المدخنين المصابين بسرطان الرئة إلى التلوث بمختلف أشكاله ولا سيما انبعاثات السيارات (عدد السيارات في بيروت هائل) وتأثير زحمة السير على الشخص حيث يتعرض لتلوث مدته أطول وبشكل يوميّ، بالإضافة إلى التلوث الناتج من حرق النفايات.


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم