الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

أشعرُ بالفراغ يتمدّد في جوفي... يكبُر ويتّسِع

سارة درغام
أشعرُ بالفراغ يتمدّد في جوفي... يكبُر ويتّسِع
أشعرُ بالفراغ يتمدّد في جوفي... يكبُر ويتّسِع
A+ A-

طيّب وكالعادة... أبدأ بجُمَلٍ مبهمة غير متماسكة، وفق شعاري "أكتُبُ ما أعرفه ولا أعرفُ ما أكتبه". ليس مهماً، المهم هوَ أن أكتُب ما بداخلي، فقط أكتُب... وأكتب.

في هذه السّاعة... أشعرُ أن علبةَ كبريت مثلًا، أو شجرة صنوبر، تشتعل في رئتيّ، أنفاسي تحرقني ودماغي سينفجر كبالونٍ ربّما! نعم لهذه الدّرجة.

أشعرُ بالفراغ يتمدّد في جَوفي، يكبُر ويتّسِع، لا مجالَ لاختفائه، كفكرة مبدأ أحد علماء الفيزياء: "الطّاقة لا تفنى ولا تخلق من العدَم"، ينطبق تمامًا على ما بداخلي رغم عدم وجود وجه لمقارنته بأي أشكال الطاقة.

لكن، وبكل الأحوال، هو متعادل الشّحنة، ليس سلبيًّا ولا إيجابياً، ليس يحمل أي شيء وجوديّ، مجرّد... مُفتَرِس لا يمكن قتلُه. حسناً... كي لا أطيل في هذا الهراء، كيف حالك؟ وجهك؟

اقتبستُ تشبيهًا من نصٍّ لمجهول كنت أعشقه وزرعته في أحد نصوصي القديمة، سأعود وأكرره الآن!

كيف حال وجهك -خريطة ضياعي- هل اعتادَ الحياة الجديدة؟

أحببت وجهكَ بحجمِ التناقض الذي وصفته به، كيف يمكن أن يكون هناك خريطة للضياع؟

مِمَ أنا كثيرة الضّياع؟ صحيح ما كنت تقوله لي، لكن كنتُ أتركُ آثارًا في كلّ مرة أضيعُ فيها كي تعثر عليّ. تعمَّدتُ الاختباء في الأماكن عينها، وكنتَ تجدني دائمًا وتضمّني بقوّة رهيبة تدمعني، وبنبرة لاذعة مليئة بالحُبّ... تحضّني على عدم تكرار فعلتي بسبب خوفك من فقداني. كان وصولكَ لشغاف قلبي ما يمنعني من إدراك ما أخبرتكَ به الآن بعد سنة من العمى.

ولكن الآن؟ ترى هل تحبّكَ هي أكثرَ منّي؟

هل تعتني بكَ أكثر، وتداري حزنكَ أكثر، وتغفر أخطاءكَ أكثر؟ هل تستوعبك، وتعتني بمزاجِك العشوائيّ، وتلوّن خطوط زوايا عينيكَ بالفرح، وتسكبُ كلّ حنانها ودفئها في جوارحك، ترى هل هي حنونة؟

هل تحتضن كفّيكَ بقوّة لمواساتكَ حينَ تحتاج، وتبكي حين تغزّكَ شوكة، وتتألم أكثر منكَ على أوجاعك، وتدعي لكَ أكثر مما تفعلُ لها، تذكرُك دائماً في صلاتها؟ وعند كل آذان تتضرّع لك؟ هل ترتدي لونكَ المفضّل، وتستمع لأغنيتك المفضلة حتّى تغرقَ بها، عندذاك تمتزجان وتصبحان مكعب أحجيات ملوّناً بالنجوم والفضاء؟ وهل تغار عليكَ بتميّز، تضحّي لأجلكَ بأي شيء حتى براحة بالها؟ تناديكَ باسم خاص بها... هل تحبّه؟ وهل تحفظ تواريخ بينكما كأوّل "مرحبًا" وأوّل لقاء وأوّل "اشتقتُ لكِ"، وتروي تفاصيل يومها، بأسلوب يشدّك، أنتَ هل تستمع بشغف!

هل تحبّكَ أكثر مِما أفعل؟ وتستحقّ قلبكَ أكثر مما أفعل؟

بكلّ حال...

لا تحزنها يا نجمي الجميل، كنْ ملاذها ولا تفكّر بالعودة إلى هنا... مراراً و تكراراً كان عقلي ينبهني، لكنني كنت أود أن أنصت دائماً الى قلبي. 

أريدُك أن تعرف أنني فعلاً أحببتُكَ، جميع مشاعري كانت لكَ... أود أن أذكرك أنني اختبرتُ معك أول شعور من كل شيء.

أقول عباراتٍ رُبّما مرتبكة أو غير مفهومة، لكن أشعرُ بها في داخلي تخنقني... أشعر بأنّ هناكَ مَن نسيَ إبريق ماءٍ يغلي في قلبي، أعرفُ من نسيه، وأعرف أنّه تناساه... أدرِك مَدى سذاجة التّعبير فأنا حرفيًّا بتُ فاشلة في تحويلِ مشاعري إلى كلماتٍ مُنَسَّقة.

كلّ ما في الأمر، أنّني شعرتُ برحيلك يُعانقني، عانَقَني الرّحيل.

لقد أحببتك حقًّا، أتذكر آخر لقاءٍ -مقصودٍ- لنا. كنّا معًا تجمع أرواحنا طاولةً واحدة وفنجانَي قهوة. في الوقت نفسه أعلم أنك تحمل عطري بداخلك. عطري الذي كان وسيبقى يزهر في رئتيك حين تذكرني...

الطفل الذي في داخلك يكون معي أنا فقط. قواعدك وخطوطك الحمر تنساها معي، غرورك، تقر بضعفك ومعاناتك ونقاط ضعفك.

يُصعب عليَّ قول ما سأقول الآن، ولكن حظًّا موفّقاً في بقيّة خطواتك، وحبًّا بقدر الدّنيا يا عزيزي عام 2020. 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم