السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

المرأة المعيلة في مصر... أعداد متزايدة ومناخ معاكس

المصدر: "النهار"
القاهرة - ياسر خليل
المرأة المعيلة في مصر... أعداد متزايدة ومناخ معاكس
المرأة المعيلة في مصر... أعداد متزايدة ومناخ معاكس
A+ A-
وما يضاعف المعاناة اليومية لتلك النساء، هو تدني أجورهن مقارنة بالرجال، وارتفاع معدلات البطالة بينهن لنحو 4 أضعاف مثيلتها لدى الرجال، كما أن هناك نسبة غير قليلة منهن لم يحصلن على أي قسط من التعليم، مما يجعل التحاقهن بوظيفة مناسبة أمراً مستحيلاً.

وفيما تتكبد تلك النساء معاناة مستمرة، تحملهن النظرة الاجتماعية السلبية تجاههن عبئاً إضافياً ثقيلاً، بخاصة تلك النساء اللاتي يعشن في بيئات فقيرة. وعلى الرغم من الجهود الرسمية والأهلية المبذولة خلال السنوات القليلة الماضية، إلا أن أوضاع غالبية تلك النساء لم تتحسن كثيراً.

جهود غير كافية

تقول منى عزت مديرة برنامج النساء والعمل في مؤسسة المرأة الجديدة لـ"النهار": "إن السيدة المعيلة ليست المطلقة أو الأرملة فحسب، بل قد يكون زوجها موجوداً، لكنه تزوج بأخرى، ولم يعد ينفق عليها، أو قد يكون غير قادر على العمل".

وتضيف: "إن النساء الأكثر فقرا منهن، يكن أميات، ولا توجد فرص عمل أمامهن، سوى العمل غير المنتظم، كأن تقوم بالعمل في المنازل، أو في الحياكة، أو تنتج بعض السلع البسيطة وتبيعها. هذه مجالات عمل لا توفر فرصا آمنة لحياة الأسرة".

أما عن نسبة الأسر التي تشكل المرأة المصدر الرئيسي لدخلها، فتقول خبيرة التمكين الاقتصادي للنساء: "إنها تصل إلى قرابة 33%، ونسبة الأمية بينهن تبلغ نحو 44% في الحضر، و66% في الريف، ومنهن أرامل ومطلقات ويمثلن 83% في الحضر، 70% في الريف، وهذا وفقا لآخر الأرقام الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للمحاسبات، في فبراير من العام 2017".

وتتوقع أن "الأرقام قد تزايدت، على الرغم من أن هناك جهودا تبذل من قبل الدولة والمجتمع المدني. على سبيل المثال هناك قانون للحماية الصحية للنساء المعيلات، ولكنه للأسف غير فعال للدرجة الكافية، لعدم توافر قاعدة بيانات تمكن من التواصل مع النساء، لتعريفهن بحقوقهن. صدر أيضا نهاية العام الماضي قانون رائع للحماية الاجتماعية، لكننا بانتظار لائحته التنفيذية".

أيضا "الجمعيات الأهلية تؤدي دوراً، فبعضها يقوم بالتدريب والتأهيل، وأخرى تمنح قروضا، والدولة لديها مشروعاتها، ووزارة التضامن الاجتماعي لديها أكثر من مشروع يتضمن النساء المعيلات، مثل (مستورة)، و(تكافل وكرامة)".

لكن وفق تقدير عزت، فإنه بالرغم من أن "تلك الجهود جيدة، وتساعد بعض النساء، إلا أنها لا تنجح في إخراجهن من دائرة الفقر، ونقلهن إلى مستوى معيشي أفضل. ونحن نرى كيف أن الحصول على خدمة جيدة، سواء في التعليم، أو الصحة، أو المواصلات، وغيرها، بات مرهونا بالقدرة الشرائية للمواطنين".

كما أن "تلك النساء عرضة للعنف، نتيجة نظرة المجتمع لهن. مثلاً: لو كانت إحداهن تشتغل كعاملة منزل، فإنها لا تستطيع أن تقول هذا لجيرانها صراحة، حتى لا تتعرض للشك في سلوكها، وتواجه الملاحقة والتحرش. لذا فهي تخفي طبيعة عملها، وتجبر على ارتداء ثيابها بطريقة معينة، وتتجنب الاحتكاك بجيرانها، لأنها تشعر بأنها مستهدفة ومستباحة اجتماعيا، لمجرد كونها مطلقة أو أرملة ولا يوجد رجل يحميها".

وتشير الخبيرة في مجال المرأة إلى أن "التجارب التي نجحت في بلدان أخرى تتلخص في العمل المؤسسي، لتحسين ظروف العمل غير المنتظم، حتى يصبح به استدامة. ونحن نحتاج أيضا إلى إعادة النظر في مجالات عمل النساء، ويتم فتح مجالات أخرى، وهذا بدأ يحدث نسبيا، حيث بدأت بعض السيدات في كسر القيود الاجتماعية، وحاولن العمل في مجالات إصلاح الهواتف الجوالة، وصيانة الكهرباء، والسباكة، وغير ذلك".

"التدريب الحرفي كحل"

وتقول هدير شلبي مؤسسة موقع "فريزيانا" المتخصص في تسويق الحرف اليدوية لـ"النهار": "لقد عملنا مع الكثير من السيدات في مناطق عشوائية، وتحت خط الفقر، وكان هذا بالتعاون مع جهات حكومية ودولية".

وتوضح: "بعض تلك النساء لم يحظ بفرصة للتعلم، ومن ثم لا يتمكن من إيجاد فرصة عمل جيدة، لهذا كنا نسعى لتعليمهن حرفة يدوية، مثل الخياطة، وصناعة الأكسسوارات، والفخار، المهم أن يكون لديهن منتج يمكن بيعه، ونحن نساعدهن على تحقيق هذا حتى يكون هناك استدامة في الدخل".

"هناك كذلك متعلمات، فإذا كانت مطلقة نقدم لها دورات للتأهيل النفسي، حتى تستطيع التعافي من آثار نظرة المجتمع لها" تضيف شلبي، "ثمّة نظرة سلبية تجاه المطلقات، فالبعض يعتبر أنها هي سبب كل المشكلات في هذا العالم، وأنها سبب الانفصال، أو أنها طلبت الطلاق لأنها تحب رجلا آخر، أو أنها تريد أن تستمتع بحياتها، في حين أنه في الكثير من الأحيان يكون الزوج هو الذي يسبب لها ولأسرتها المشكلات".

هذه النظرة المجتمعية، تتطلب، بحسب ما تقول شلبي "العمل مع تلك السيدات على تجاوز المشكلات النفسية التي يتعرضن لها، واستعادة ما لديهن من خبرات ومؤهلات حتى يلتحقن بأعمال تمكنهن من الإنفاق على أنفسهن وأولادهن".

"نحن في فريزيانا نعمل على التمكين الاقتصادي لتلك النساء، فأنا شخصيا أقدر كل امرأة تتكبد عناء الإنفاق على أسرتها، لأن الأمر لا يتوقف عند الحصول على الأموال، فهي تكون بمثابة الأم والأب وكل شيء لأسرتها، وإلى جانب هذا تتكبد معاناة نفسية من المعاملة السيئة حتى من أقربائها الذين يتعاملون معها كما لو أنها ألحقت بهم عارا بطلاقها هذا".

مناخ معاكس

بينما "تحارب" النساء المعيلات في أكثر من جبهة، كي يستطعن النجاة بأسرهن وأنفسهن من الظروف التي فرضت عليهن، فإن المناخ العام الذي تكون على مر قرون متتالية يجعل الأمر أكثر صعوبة أمامهن، فمن جهة تشكل قناعات نسبة كبيرة من أفراد المجتمع عقبة كبيرة أمامهن، ومن جهة أخرى تعد الأوضاع الاقتصادية معضلة إضافية.

ويقول المجلس القومي للمرأة بمصر في تقرير له إن ارتفاع نسب البطالة بين النساء يعد "مؤشراً خطيراً، في ظل الخصخصة والاتجاه نحو اقتصاديات السوق سوف تتأثر أوضاع المرأة، وبخاصة الفرص المتاحة لعملها نظراً لإقبال القطاع الخاص في الغالب على تشغيل الرجال أكثر من النساء، حيث يخشى ارتفاع نسب تغيب النساء عن العمل وحصولهن على إجازات متتالية بسبب واجباتهن العائلية".

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم