الأربعاء - 22 أيار 2024

إعلان

كلمة أخيرة

سائد حامد أبو عيطة
كلمة أخيرة
كلمة أخيرة
A+ A-

بين وعد بلفور ووعد ترامب الفلسطينيون ضحيَّة نظريَّة المصلحة والقوة

إما أن نؤمن بالسَّلام، وإما أن نؤمن بالقتال، وإما أن نواجه الخيانة ونعترف بها، وإما أن نترك لِلعالم مُطلق الحريَّة في التَّصرُّف.

إنَّني غير مؤمن بِالشِّعارات، والوَقفَات التَّضامنيَّة، والتَّظاهُرات وحرقُ الأعلام والصُّور لِبعض السَّاسة، والإضرابات، وتصريحات الرَّفض والاستنكار، ونظريات المؤامرة، والخطابات الشعبوية التي تستخفُ بِعقول الشعوب، ولكني لا أُشككُ لِلحظة واحدة بأن الخِيانة حاضرة دائماً، ومُرتبطة بِالمصالح وبِكُلِّ عَصرٍ وزمنٍ، وأنَّ هُناك خائناً في الخفاء. لا يهمني كيف يكون شكله، ومعتقده، متديناً أو عِلمانيِّا أو ملحِداً أو مجوسيِّاً، فأصحاب الصَّفقات السِّياسيَّة لا يهمُّهُم نوعيَّة الصَّفقة السَّياسيَّة، والأهم هو ثمن تِلكَ الصَّفقة بِالنِّسبة لهم.

علينا الفهم بأنَّ نظريات المؤامرة ليست المُسبِّب الوحيد الَّذي تقوم عليه سياسات العالم، فهُناك اِرتباط بين "المَصلحة والقوة " في العالم، وهو ما ينفِي تِلك النظريات، فقد كانت مَصلحة أُوروبا ـ وعلى رأسها بريطانيا كقوة عُظمى في العالم ـ تقتضِي بإزاحة اليهود من أُوروبا، والبحث عن سُبل الخلاص منهم مهما كانت الأشكال أو الوسائل لِتحقيق ذلِك، وهو ما يُمكن تفسيره بِمصلحة وقوة بريطانيا آنذاك كقوة عالميَّة، وكذلِك المَصلحة والقوة النَّازية من بعدهم، فإذا استطعنا كفلسطينيين وعرب الفهم بأن "القوة والمَصلحة" هُما مُحرِّك السِّياسات العالميَّة، يُمكننا إذاً المعرفة لماذا جاء وعد بلفور، ولماذا جاءت صفقة القرن.

لن أُطيل في هذا الجانب، لكنيّ سوف أتحدث من زاوية تتعلق بردود الفعل الفلسطينية والعربية الشعبية والرَّسميَّة .

لقد أصبحت الرُّدود بالِيَّة ومرَّ عليها الدَّهر بين الرفض، والاِستنكار، والشِّعارات، والتصريحات، والوقفات التَّضامُنيَّة، وحرق الأعلام، والتَّظاهرات والاِضرابات، والصُّرَّاخ واللطم والنَّدب، لا قيمة لِذلك، وتِكرار لِما نفعله مُنذ سنوات الاِنتداب البريطانيِّ على فلسطين. إنَّ العالم لا يفهم هذه اللُّغات التي نتحدث بها في فلسطين والوطن العربيِّ كشُعوبٍ وحُكومات، وفي حقيقة الأمر نحن وبكلِّ أطيافنا ومُعتقداتنا نتظاهر لأنفسنا، ونُلقي بالشِّعارات، والتَّصريحات، ونستنكر، ونقف وقفات تضامُنيَّه، لِنخاطب أنفسنا، ونُعلن إضرابات ضدّ أنفسنا، والعالم لا يفهم، ولا نتيجة حقيقية لِكُلّ ردت فِعل شعبية أو رسمية. وما زاد الطِّين بِلّة هو الاِستثمار العربيِّ، والإيرانيِّ، والتركيِّ بالقضية الفلسطينية أخيراً، ما يَجعلنا نُفكِّر بالبحث عن ذلِك الخائن الخفيّ الَّذي يُلازم القضيِّة الفلسطينية مُنذ ولادتها.

كُلَّ ما فَعَلهُ الشعب الفلسطيني والعربي ضدّ الانتداب البريطاني في فلسطين أصبح مورُوث فلسطينيِّ وعربيِّ، وفي المُقابل أصبح العالم يفهم جيداً ردود الافعال الفلسطينية والعربية قبل أن يُقدِّم على أيِّ خطوة جديدة ضدّ العرب والفلسطينيين ولِصالح الكيان الصهيونيِّ، حتى أصبحت المُظاهرات، والشِّعارات، والخِطابات، والتَّصريحات، والوقفات التَّضامُنيِّة، وحرق الاعلام، والرفض، والاضرابات وما شابه ذلِك جميعها ردُود فِعلِّ مؤكَّدةً لِلفلسطينيين والعرب، وهُناك من يؤمن بها سواء بِقَصدِ أو بِدُونِ قَصدٍ أو لِلتعبير عن غَضَبُهُ وسُخْطُهُ ...

ولكن هل هُناك من يسأل عن النتيجة؟

في نهاية المَطاف يُمكننا القول بِالعاميَّة " موجه وراح تعدي " " موجه وراح تمرّ "

72 عام هذا يَعنيِ الكثِير من الموجات التي عدَّت ومرَّت، ونحن نتوارث ردُود الفِعل وكأنه مَنتُوج وطنيِّ لا يُمكن التَّفرِيط به، أصبح بإمكاننا تأليف الكُتُب في كيفيَّة تنظيم التَّظاهرات، والاضرابات، وكيفيَّة صِياغة التَّصريحات والشِّعارات، وإِلقاء الخطاب الدينيِّ، والسياسيِّ، واليمينيِّ، واليساريِّ الشَّعبوي، والرفض لِمجرد الرفض.

حان الوقت لِلسؤال لِماذا يحدث ذلِك، ولِماذا تَسقط في كُلِّ مرَّةً إرادة الشعوب، ولا تَسقط المؤامرة كما يَرها البعض؟؟ !!


حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم