ابتكار جديد... كبسولة في الفم بدلاً من المنظار

تؤكد التطورات الكثيرة التي تظهر بوتيرة متسارعة في عالم الطب أكثر فأكثر أنه شيئاً فشيئاً يتخطى الطب العوائق والتحديّات في سبيل تقديم الأفضل في صحة الإنسان وحياته. من التطورات اللافتة الكبسولة القادرة على تصوير الأمعاء والتي قد تحل محل المنظار في حالات معينة. في هذا المجال تحدثت الطبيبة الاختصاصية في أمراض الجهاز الهضمي والكبد والتنظير المتطور الدكتورة نويل الأسمر عن هذا الابتكار.

بدأت تظهر الكبسولة الفيديو video capsule  التي تسمح بتصوير الأمعاء وتم التسويق لها حول العالم من عام 2001. وبحسب الأسمر، ثمة أنواع عديدة منها ومن مصادر مختلفة لشركات متعددة، إلا أنها كلّها تخص بشكل أساسي المعي الرفيع رغم أنه منها ما ابتكر كبسولة للقولون. "تم ابتكار كبسولة ذات تحكم مغناطيسي لتصوير المعدة في الصين وفي مركزين في أوروبا. لكن مهما اختلفت بين شركة وأخرى هي بشكل أساسي أشبه بحبة دواء يبتلعها المريض مقاسها حوال ستنمتر واحد في العرض وسنتمترين ونصف السنتمتر تقريباً في الطول وهي تحتوي على كاميرا وعدسات عدة ولدى ابتلاعها تدخل في المعي الرفيع لالتقاط صور متعددة لكشف كافة التفاصيل التي يحتاجها الطبيب. مع الإشارة إلى أنها قادرة على التقاط 6 صور في الثانية بحدود 160 درجة. وبالتالي هي تلتقط أكبر عدد من الصور ليتمكن الطبيب من رؤية المعي الرفيع من مختلف الجوانب بكافة تفاصيله"، وحتى في هذا الابتكار حصلت تطورات عديدة في السنوات الأخيرة، وما تم التوصل إليه بحسب الأسمر، هو مستوى عالٍ في دقة الصور وجودتها التي تلتقطها الكبسولة في المعي.

طريقة تناولها

يتم تحضير المريض كما جرت العادة مع المنظار، بطريقة بسيطة قبل ليلة واحدة من موعد اللجوء إلى هذه التقنية، بحسب الأسمر. فيعطى الحلول بمعدل ليتر ونصف الليتر يساعد على تنظيف المعي. وفي اليوم التالي، يأخذ المريض الكبسولة على الريق، فيما يوضع نوع من الجهاز على جسم المريض من الخارج حتى تسجّل كافة الصور التي التقطت. "بعد 8 ساعات وبعد التأكد من التقاط الصور  الممكنة كافة وأصبحت مسجلة على الجهاز وأن الكبسولة أصبحت في القولون يمكن وقف الفحص ونزع الجهاز وإيصاله إلى الكمبيوتر وتحليل الصور التي حُصِل عليها".

المضاعفات الممكنة

يجب الحرص وتجنب إعطاء الكبسولة للمريض المسن أو الحامل أو الطفل دون سن 10 سنوات أو الاشخاص الذين يعانون مشكلات في البلع أو مشكلات معينة في الجهاز العصبي بما يمكن أن يؤثر على القدرة على ابتلاع الكبسولة، ما قد يؤدي إلى انتقالها إلى مجرى الهواء، فيشكل خطراً عليهم بحسب أسمر.

"في هذه الحالة لا بد من التأني ومن الأفضل اللجوء إلى المنظار، ويمكن عندها أن يدخل الطبيب بنفسه الكبسولة إلى القسم الأول المعي الرفيع. كما ان ثمة أشخاصاً يعانون تأخيراً في التصريف في المعدة بسبب مشكلات فيها فيحصل تأخير في وصول الكبسولة إلى المعي الرفيع. في هذه الحالة من الأفضل إعطاء الشخص المعني الدواء المناسب أولاً لتسهيل عملية التصريف وبالتالي وصول الكبسولة إلى القسم الأول من القولون قبل أن تفرغ بطاريتها".

من جهة أخرى، تحذر الأسمر من أن الأشخاص الذين سبق أن خضعوا لعمليات في المعي أو يعانون من تضيق فيه قد لا يكون من الممكن إعطاؤهم الكبسولة لأنها قد تبقى عالقة، وقد يتطلب ذلك إجراء عملية عندها. من هنا ضرورة التأني قبل إعطاء الكبسولة وفي حال الشك يمكن ان تعطى كبسولة تجريبية patency capsule مسبقة قادرة على التفكك والتحلل إذا علقت في مكان. ففي حال حصول ذلك لا تعطى الكبسولة الحقيقية.

متى يمكن اللجوء إليها؟

ثمة حالات تستدعي اللجوء إلى الكبسولة:

- من يعانون نزفاً في الجهاز الهضمي ويظهر لديهم اسوداد في الغائط أو فقر في الدم دون ظهور سبب لفقر الدم ونقص الحديد بالمنظار التقليدي للمعدة والقولون.

- الشك بالتهاب في المعي ولم يظهر المنظار أي مشكلة شرط عدم وجود مانع للجوء إليها كالانسداد بالمعي بشكل أساسي.

- البحث عن ثآليل أو أورام في المعي الرفيع إذا كان ثمة استعداد لذلك بهدف اللجوء إلى المنظار أو العملية لاستئصالها.

- في حال وجود مرض سيلياك وعدم القدرة على التشخيص بالمنظار التقليدي بهدف التدقيق في المعي الرفيع.

- في حال وجود لمفوما في المعي الرفيع.

تعتبر الكبسولة وسيلة تشخيصية حصراً، بحسب الأسمر ولا تعتمد لأسباب علاجية، وبالتالي لدى اللجوء إليها، في مرحلة ثانية لا بد من اللجوء إلى منظار خاص للمعي الرفيع لمعالجة المشكلة أو اي وسيلة أخرى. مع الإشارة إلى أن الكبسولة الخاصة بالمعي الرفيع هي وحدها المتوافرة في لبنان في مراكز ومستشفيات متعددة، ويتم التطوير فيها حالياً على صعيد عالمي من خلال تقنية الذكاء الصناعي. يضاف إلى ذلك وجود كبسولة للقولون غير متوافرة في لبنان.