السبت - 20 نيسان 2024

إعلان

صُنع في لبنان

المصدر: النهار
عمار الحيدري
صُنع في لبنان
صُنع في لبنان
A+ A-

الاستخفاف الممنهج بصيحات قسم كبير من الشعب وأوجاعه يفوق بوحشيته الدمار المعنوي والجسدي الذي تعرّض له الوطن والمواطن إبان الحرب الأهلية اللبنانية.

تلك الاعتباطية المتغطرسة التي تقوم بها (مع سبق الإصرار والتعنت) دولتنا العليّة إنما هي دليل فشل سريري معلن قد ينتج عنه تصعيد وشيك لعصيان مدني خطير يقتل كل ما بقيَ من فسحات الأمل لسبل العيش الكريم في لبنان.

والكل يسأل نفسه متحيراً أما كفى؟

فالمسألةُ ليست مسألة فسادٍ إداري على مستوى الوطن بل تحول وبكل وقاحةٍ لفسادٍ أخلاقي على مستوى عالٍ من اللامبالاة وكأنهم لا يدركون ما حجم الإفلاس المادي والمعنوي الذي هيمن على كافة شرائح المجتمع اللبناني الذي كان بدوره يُعتبر من الشعوب المتقدمة على دول المنطقة بأشواط، ولكن الحقيقة باتت للأسف بخلاف ذلك، فبفضل سياسة حكامنا طيلة سنوات متعاقبة تراجع وضع الوطن والمواطن درجاتٍ ودرجات للوراء من كافة النواحي حتى وصل الحال بهذا البلد ليُضرب به المثل في الفشل والفساد السياسي.

إن ما يجري اليوم من ثورة في لبنان يذكرنا بثورةٍ درسناها في تاريخنا المعاصر ألا وهي ثورة الفلاحين (١٨٥٩ - ١٨٦١) التي قادها طانيوس شاهين ضد الإقطاعيين أنذاك.

وقتها تمرد الشعب على الظلم والغبن والفساد الحاصل، وكذلك تمرد الشعب اليوم لنفس الأسباب.

وقتها توحد قسم من الشعب خلف الثورة، وقسم آخر ضدها، وهذا ما يحصل اليوم.

وقتها أدخلوا سمّ التفرقة الدينية والطبقية لقتل روح الثورة، اليوم يستخدمون الأساليب ذاتها مع تطور بسيط طبقاً لمتغيرات الزمن والفكر.

وقتها استمد المعارضون للثورة قوتهم لقتل ثورة الشعب بدول الخارج وفضلوا بالتالي (القمح الصليبي على زوان بلدنا) فقط "كرمى لِعين " مصالحهم الشخصية ضاربين بعرض الحائط مصلحة الوطن أولاً ثم مصلحة الشعب ثانياً... وللأسف اليوم تقوم السلطة بالدور نفسه مفضلةً مصالحها مع الخارج على مصلحة وطنها وشعبها.

رغم مرور ما يفوق القرن ونصف القرن من الزمن، ما زلنا نعيش حالة التخلف (الوصاية الخارجية) بالاستقواء على بعضنا البعض بدول الخارج وكأنه محرمٌ علينا أن نمدّ أواصر المواطنة بيننا كلبنانيين، وكأن سنين الحرب قد اندثرت أثارها وتشوهاتها على ذاكرتنا ويومياتنا.

كأننا نسينا وصمة العار تلك التي ما زالت تلاحقنا وتلاحق الأجيال التي ستأتي بعدنا.

أما آن لنا أن نبني وطننا بسواعدنا نحن؟

أما آن لنا أن نتعلم من دروس الماضي؟

ومن محيطنا الإقليمي والشقيق؟

أما آن لنا أن نصنع لبنان يشبهنا... صنع في لبنان

إن لم نعِ الآن قبل فوات الأوان... فالويلٌ لنا وللبنان.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم