السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

لبنان والأزمة المصرفيّة

المصدر: النهار
د. خلدون عبد الصمد
لبنان والأزمة المصرفيّة
لبنان والأزمة المصرفيّة
A+ A-

أين اموالي؟... صرخة الشعب اللبناني بوجه المصارف في لبنان، فلقد أقفلت المصارف لعدة أيام وذلك لأسباب واهية أحياناً، وعادت لفتح أبوابها مع إجراءات مصرفية تعسفية للحد من سحب الدولار مع أزمة تفاقمت في مجمل المصارف اللبنانية، وصمت مخيف من قبل المصرف المركزي. إذاً، إلى أين يتجه لبنان مع أزمات تداخلت بين سياسية ومصرفية ونقدية واقتصادية ومالية ومعيشية حتى طالت كل فئات المجتمع اللبناني؟

ونرى بوضوح أن مدخرات المواطن اللبناني اختفت حالياً من المصارف مع الحد من قيمة السحب بالعملة الاجنبية بشكل كبير، والقول إنها موجودة وتحت الطلب بالليرة اللبنانية لهو ضرب في مصداقيتها، فدولار الاسواق فاق ٣٠% من الدولار الرسمي غير الموجود أصلاً، إذاً، فإن المواطن فقد مدخراته بالدولار حالياً، وفقد ما يقارب ثلث حساباته بالليرة اللبنانية، وأما التاجر فدخل على سكة الإفلاس، فلا يدخل إلى لبنان شيء إلا بالدولار الرسمي، ولا دولار في الاسواق، ولا صادرات، والنمو لامس الصفر بالمئة، والدين العام إلى تزايد مع وصول العجز إلى ١١% من الناتج المحلي، والالتزامات المالية الخارجية على الأبواب، هذا مع وصول الاحتياطات بالعملة الاجنبية إلى ما دون ١٩ مليار دولار مقابل ٢٥ ملياراً في بداية العام الحالي، ففُقدت الثقة بالسلطات المالية كما ثقة اللبنانيين بالمصارف، بالاضافة إلى انعدام الثقة أيضاً من قبل الدول المانحة على السواء، فأين الخلل؟ وأين خطوات الحل؟ فالبلد المشلول اقتصادياً وسياسياً لا يمكنه التحرك قيد أنملة إلى الأمام، والوقت لا يتوقف، فنحن في تسابق مع الوقت قبل حلول الكارثة.

وفي المحصلة، لا أموال في المصارف، أو أموال محجوبة عن المودعين، وبتحليل سريع وواضح، يمكن رؤية مدى تأثير الازمة المصرفية على المواطن، بالتالي :

أولاً: أزمة السيولة الخانقة طالت كل فئات المجتمع في المصارف وفي الاسواق، على حد سواء، فبنظرة على المحال التجارية كافة نرى نقصاً حاداً في السلع وذلك لعدم القدرة على استيراد مواد جديدة بعد قرارات المصارف، هذا بالاضافة إلى ما يعانيه المواطن من قدرته على سحب الاموال.

ثانياً: السمعة، وهي سمة من ركائز الاقتصاد الاساسية، فالمواطن اللبناني من موظفين أو عمال أو عسكريين أو إداريين، يطاله الخوف بعد سوء تعامل المصارف معه منذ فترة بعدم قدرتها على الايفاء بوعودها بالعملة الصعبة وفق القوانين المصرفية بحجزها لمدخراته أو رؤوس أمواله، والخوف من انتقال هذه القرارات إلى العملة الوطنية أيضاً في المستقبل، كما وتطال السمعة العلاقات المصرفية الخارجية مع لبنان، لا سيما التحويلات المالية، والتي لها دور اساسي في النمو الاقتصادي في لبنان على وجه التحديد، وكما بالنسوهذا ينسحب على الدول المانحة التي أصبحت تتريث بعلاقاتها مع الدولة اللبنانية لا سيما بعد الازمة المصرفية الحالية والتي بالتأكيد ستؤثر بالتالي على التصنيف الائتماني الذي ينذر بالأسوأ.

ثالثاً: البطالة وتزايدها بشكل مخيف، فكل من قطاع التجارة والصناعة والزراعة والخدمات فقدت الكثير من ركائزها بعد توقف المصارف عن التحويلات المالية، وكما يعلم الجميع ان هذه القطاعات هي من اساسيات الاقتصاد اللبناني، والكل يدري علاقة البطالة بالوضع الامني على صعيد الوطن.

إذاً، ضرب القطاع المصرفي الذي تغنى به الاقتصاديون بمعظمهم على أنه الركن الرئيسي في الاستقرار النقدي والمالي والاقتصادي في لبنان بدأ بالاهتزاز، وهذا مؤشر في منتهى الخطورة مع تخفيض التصنيف الائتماني لبنوك الدرجة الاولى في لبنان أيضاً.

في الخلاصة، يبقى الحل الوحيد الآن هو بالإسراع في تشكيل حكومة اقتصادية لها قدرة على بناء استراتيجية مالية ونقدية ترفع الوضع الاقتصادي من خلال المحاسبة القضائية للهدر، والبدء في إعادة الثقة مع المجتمع الدولي والمواطن اللبناني، ويأتي ذلك من خلال عدة خطوات: أولاً، بضخ السيولة في الاسواق بكافة العملات، وثانياً، بتركيز التبادل التجاري من خلال العملة الوطنية قدر الإمكان وفي كافة المجالات، وثالثاً، من خلال البدء بإنشاء مشاريع اقتصادية تطال كافة القطاعات فيها لتشغيل اليد العاملة اللبنانية، وإتاحة فرص العمل الحقيقية وفق الكفاءة، ورابعاً، بالتقييد بما جاء في المؤتمرات الدولية المانحة، والتي قد تعيد الثقة بلبنان، وبالتالي العودة إلى الاستثمار فيه، وزيادة التحويلات الاجنبية المباشرة، كل هذا مقدمة لتغيير الوجه الاقتصادي للبنان من حيث النفط، وفك ربط العملة في المستقبل القريب، بعد تأسيس أرضية مناسبة لهذه النقلة الاقتصادية الكبرى.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم