الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

مخاطر إجهاض ثورة لبنان

ميشال الشمّاعي
مخاطر إجهاض ثورة لبنان
مخاطر إجهاض ثورة لبنان
A+ A-

لا تبدو ثورة لبنان كغيرها من الثورات التي وقعت في العالم. فهي إن صحّ التّعبير تأخذ خصوصيّتها من خصوصيّة المجتمع اللّبناني المركّب، فضلاً عن أنّها تطالب بحقوق، وليس مطالب كما يحاول منتقدوها الإيحاء. وهي مرّت بمراحل مختلفة منذ تاريخ اندلاعها في 17 تشرين الأوّل المنصرم، وما زالت مشتعلة بالوتيرة نفسها. فما هي أبرز المخاطر التي قد تسقطها؟ وهل ستؤثّر في قواعد الاستقرار إقليميًّا؟

حاولت وتحاول السلطة أن تجهض الثّورة بمختلف الطّرق. لسنا هنا بصدد سردها فهي معروفة من قبل المراقبين جميعهم. لكن الأخطر ما قد تواجهه هذه الثّورة ممّن هم خارج إطار سلطة الدّولة. وأعني تحديدًا هنا خطر السلاح المتفلّـت، وتحديدًا السلاح الذي لا تملك الدّولة أي قدرة على التّحكّم به. ولا يخفى على أحد أنّ أبرز القوى الخارجة بسلاحها عن قدرة الدّولة على التحكّم هي سلاح "حزب اللّه".

صحيح أنّ الثّورة قد انطلقت نتيجة الضّغوط الاجتماعيّة – الاقتصاديّة والماليّة. لكن تكمن الضّرورة في البحث عن مسبّبات هذه المشاكل. ولعلّ عدم قيام دولة قادرة وقويّة هو السبب الأساسي الذي مكّن الفاسدين من ارتكاب موبقاتهم. والسلاح الذي منع الدّولة وقوّض قيامها بالشّكل الصّحيح، ولئن كانت مهمّـته في البدء مهمّة مقدّسة، في ظلّ تقاعس الدّولة عن القيام بدورها الأساسي في الدّفاع عن الأرض والعرض. ولقد حذّرنا مرارًا وتكرارًا من خطر تفلّت السلاح غير الشّرعي المنظّم وغير المنظّم.

لذلك لا خطر على ثورة لبنان من السلاح المقبوض بيد الدّولة، بل الخطر بوجود السلاح الخارج عن إطارها التنظيمي. وهو تحديدًا سلاح "حزب الله" الذي يتمتّع بدوره بقدرة تنظيميّة في استخدامه، أو بأبسط الحالات باستخدام وهجه كما حصل في أحداث مختلفة في الحياة السياسيّة اللّبنانيّة. إضافة إلى ذلك، إنّ ارتباط هذا السلاح بقرارات استراتيجيّة إقليميّة قد تلزمه على التحرّك في أيّ لحظة خدمة لأوليائه في إيران. ولا يخفى على أحد أنّ الأوضاع الايرانيّة التي تشهد عدم استقرار، قد تكون دافعًا جديدًا لاستخدام هذا السلاح في لبنان اليوم، بهدف تخفيف الضّغط داخل إيران، وإشاحة النّظر عن الثّورة التي تشتعل كالنّار في الهشيم داخل الجمهوريّة الاسلاميّة.

فضلاً عن ذلك، المصادر الدّوليّة، لا سيّما الرّوسيّة، التي ترفض مطلب الثوّار اللّبنانيّين في تشكيل حكومة اختصاصيّين مستقلّين، والتي تدفع نحو حكومة سياسيّة تبقي الستاتيكو في لبنان كما كان قبل الثّورة، قد تشكّل دافعًا جديدًا لـ"حزب الله" في استخدام سلاحه لإجهاض الثّورة اللّبنانيّة. وقد شهدنا بروفات جديدة منها ما حصل حول محطّة الجديد التلفيزيونيّة على أثر مقدّمتها الاخباريّة، وآخرها الغزوة البربريّة لساحات بيروت والاصطدامات مع المتظاهرين على جسر الرّينغ.

حذارِ من إسقاط ثورة لبنان خدمة لأغراض إقليميّة توسّعيّة، أو خدمة لمطامع شخصيّة شعبويّة. وحذار تقويض الثورة، أو حتّى تحويلها إلى دمويّة لأنّ ذلك قد يشعل إيران أكثر، وقد يوقظ الثّورات التي أخمدت برماد الخيانة والدّماء عند أقرب المقرّبين إلى لبنان. ومن له أذنان للسّماع... فليسمع.

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم