الأحد - 28 نيسان 2024

إعلان

دار "الحياة": عراقة، حداثة... فأفول نجمها المحلي والدولي

المصدر: "النهار"
منال شعيا
منال شعيا
دار "الحياة".
دار "الحياة".
A+ A-
70 عاما: أمضتها دار "الحياة" في مشوار الصحافة والقلم والإنتاج... وأمضى معها لبنان والعالم العربي مشوارا ثقافيا، سياسيا، اجتماعيا وفنيا قبل ان تسدل الستارة أخيرا على الطبعة الورقية...

في ذات يوم من صيف حزيران عام 2018، اتخذت صحيفة "الحياة" قرارا باقفال مكتبها في لبنان. وهنا كان عام الذروة!

كانت تلك الصحيفة خصوصا، والدار عموما، تعاني سيلا من الصعوبات الكثيرة التراكمية، دفعت بالصحيفة الى ان تواجه أزمة مادية كبيرة. وتدريجيا، كانت الصحيفة والدار تقلّص عملها وتمارس سياسة التقشف، علّها تصمد، قبل ان يكون القرار الأخير بالاقفال.

كانت الأسباب المالية هي العامل الرئيسي الأول الذي أدى الى توقف الطبعة الورقية، وتلت هذه الخطوة اقفال مكتب بيروت بعد نحو شهر.

يومها، ابلغ الموظفون ان إقفال المكتب يندرج في إطار قرار بإغلاق كل المكاتب الخارجية للصحيفة ولأسباب مالية، لاسيما ان المقر الرئيسي كان انتقل من لندن الى دبي مطلع العام 2018.

كل هذه التغيرات كانت مصيرية بالنسبة الى دار أمضى 70 عاما في النشر والتوزيع والطبع، الى جانب العمل الصحافي اليومي والاسبوعي... وعلى الرغم من عراقتها وقدمها، لم تستطع ان تصمد دار "الحياة" امام هول التحديات العالمية والمحلية التي واجهت قطاع الإعلان خصوصا، فكانت تداعياته "كارثية" على صعيد قطاع الاعلام عموما.

بيع او توقف نهائي؟
لم تكن دار "الحياة" يتيمة في هذه المواجهة، اذ غالبية الصحف اصطدمت يومها بالتغيرات نفسها، وعانت الامرّين، وقلّة قليلة منها استطاعت ان تصمد وتنجح في الاستمرار... والنضال.
قبل قرار الاقفال وتوقف الطبعة الورقية، كان يعمل في مكتب بيروت نحو مئة موظف، نصفهم من الصحفيين المقسمين بين جريدة "الحياة" ومجلة "لها" الفنية والاجتماعية، واستطاعوا في ظروف معينة، ان يواصلوا العمل في الظروف الأخيرة الصعبة، عبر اشكال عدة، قبل ان يقفل المكتب نهائيا.

هكذا، كانت الصحيفة دأبت خلال الفترة الأخيرة على إصدار نسختين: الأولى دولية انطلاقاً من بيروت وتوزع في أنحاء العالم، والثانية سعودية محلية. ومع إبقاء النسخة السعودية على حالها، في فترة أولى، تقرر إصدار النسخة الدولية عبر الإنترنت، على ان تطبع في مقرها الرئيسي في دبي.

هذا الاستمرار "الرقمي" في العمل أبقى التعاون، موقتا، مع عدد من الموظفين لفترة، قبل ان يتم "تصفية" الدار التي يملكها الأمير خالد بن سلطان بشكل غير معلن، اذ تمّ لاحقا تجميد طبعات صحيفة "الحياة" الدولية والخليجية، مع الإبقاء على الموقع الالكتروني للصحيفة ومجلة " لها" الأسبوعية. تلك المجلة التي مرّت بدورها بهزّات وباضراب موظفيها عن العمل تارة والتوقف عن الصدور تارة أخرى.

فبعد الانتقال الى دبي، كانت محاولة بيع يمهد لها بين شركتي IMI التي تضم شبكة "سكاي نيوز"، و"الشركة العربية للأبحاث والنشر" التي يملكها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، لكن هذه المحاولة لم تصل الى خواتيمها السعيدة، وقيل ان " مفاوضات البيع" تعثرت، مما أعاد تسليط الضوء مجددا على مشكلة الموظفين والمصروفين والمترتبات المالية التي تراكمت، وخصوصا ان هؤلاء سلكوا طريق القضاء والدعاوى القضائية وبعض التحركات الاحتجاجية المطلبية.

هكذا، تفاعلت مشاكل الدار ومكاتبها التي لم تستطع الصمود الواحد تلو الاخر،
لا سيما بعدما لحقت الطبعة الدولية التي تصدر من دبي، بمصير زميلتيها في بيروت ولندن اللتين حُجبتا في حزيران 2018 ومطلع عام 2019، ومع إغلاق مكتب بيروت، اكتفت الدار بالتعاقد بدوام حر مع نحو 50 موظّفاً موزعين بين تقنيين واعلاميين.

هكذا، أقفلت دار "الحياة" حكايتها ... الا ان مشوارها ربما لم ينته بعد...؟!

1946: عام التأسيس
عام 1946: أبصرت صحيفة الحياة النور. في 28 كانون الثاني من ذاك العام، كان العدد الأول للصحيفة. يومها، أسس الصحافي كامل مروة "الحياة"... وسريعا تحولت الجريدة الى احدى اكبر الصحف الواسعة الانتشار في العالم العربي وبلدان الاغتراب.
مروة، احد أبرز رواد الصحافة اللبنانية والعربية، اغتيل داخل مكتبه عام 1966، قبل أعوام من اندلاع الحرب الاهلية في لبنان...الا ان الجريدة أكملت مشوارها عبر محطات عدة لاحقا. فهل كانت شرارة الحرب والاغتيالات قد بدأت يومها، وكما دوما على حساب الصحافة الحرة واهل القلم ؟!



دار "الحياة": محطات وتحديات ابرزها عام 1988!
عرفت صحيفة "الحياة" ومعها الدار الكثير من المطبات والتحديات، ولعل اغتيال مؤسسها كان المحطة الأولى عام 1966. بعدها، لم توفر الحرب الاهلية في لبنان، اهل الصحافة، من "شرّها"، فكانت ان اقفلت الصحيفة أبوابها في بيروت عام 1976...
... والى العاصمة البريطانية، كانت إعادة التأسيس في لندن عام 1988.
ولطالما، صنّفت "الحياة" من الصحف السبّاقة إلى التجديد شكلا ومضمونا في سياق تجربة مهنية احترافية.
في تشرين الاول 1988، أعاد جميل كامل مروّة تأسيس الصحيفة في لندن، وانطلقت في مسار حديث في تقنيات الاتصال والتواصل، ونجحت في التزاوج بين العمل الرصين وملاحقة العصر.
بعد عامين، باتت ملكاً للأمير السعودي خالد بن سلطان.
محطات عديدة خاضتها الدار، كانت ابرزها في عام 2002، حين أطلقت "الحياة" موقعها الالكتروني في خدمة القراء المنتشرين حول العالم. اما في آيار 2012، بات بالإمكان نقل مضمون "الحياة" الورقي إلى منصّات رقمية، كالموقع الالكتروني او الخليوي.
والى جانب الطبعة الدولية التي كانت تنطلق من بيروت، كانت لها ايضا طبعة سعودية. اما في عام 2003 فقد خاضت تجربة جديدة متميزة ومتخصصة، اذ أصدرت مجلة "لها" الأسبوعية، واشتهرت في الدول العربية ودول الخليج، وكانت تناقش قضايا المرأة العربية العصرية.
على مدى 70 عاما، اعتبرت "الحياة" منبراً لأبرز الكتاب والمثقفين العرب، كانت تطبع في تسع مدن هي لندن، نيويورك، القاهرة، بيروت، الرياض، جدة، الدمام، فرانكفورت ودبي، وكانت لديها مكاتب في عدد من كبريات العواصم والمدن العالمية بينها واشنطن وباريس وموسكو.



الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم