السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

"ملكة الأناقة"... وفاة جينيفياف دو فونتنيه الملقّبة بـ"سيّدة القبّعة" (صور وفيديو)

المصدر: "النهار"
فاديا صليبي
موت جينيفياف دو فونتنيه
موت جينيفياف دو فونتنيه
A+ A-

أمضت جينيفياف دو فونتنيه حياتها في توزيع التيجان، لكنّها كانت تعتمر دائماً التاج نفسه: قبّعة بيضاء أو سوداء، حسب مزاجها، والتي أصبحت مشهورة مثل قبّعة موريس شوفالييه أو فرانسوا ميتران... حتّى أُطلق عليها لقب dame au chapeau.

سيّدة القبّعة Geneviève de Fontenay مع المذيع الفرنسيّ المعروف Jean-Pierre Foucault

 
 

ابتكر دانيال ماسون، خصيصاً لملكة الملكات، قبّعة أُطلق عليها اسم"le Fontenay"، والتي اعتمرتها بفخر كرمز لسلطة لا جدال فيها في اللياقة والاستقامة والذوق الفرنسيّ الجيّد...

هذا الدور المصمّم خصيصاً لها، قامت بصياغته مع مرور الوقت، مع الكثير من الحظّ والشخصيّة القويّة، وجرعة جيّدة من الأعصاب. توفيت جينيفياف دو فونتنيه عن عمر يناهز الـ 90، ليلة الاثنين - الثلاثاء.

جينيفياف دو فونتنيه وملكة جمال فرنسا السابقة سيلفي تيلييه التي اصطدمت معها

 

لطالما كانت جينيفياف دو فونتنيه، المولودة Mulmann، في المكان غير الصحيح بين عائلتها. هي الأكبر في عائلة مكوّنة من عشرة أطفال، وأب مهندس، وأم ربّة منزل، اتّسمت بالصرامة والصلابة، عاشت العائلة في شمال شرق فرنسا: "نحن لا نتحدّث على الطاولة، نتوجّه بالكلام مع الوالدين بكلمة Vous وتعني بالفرنسيّة (حضرة الوالدة وحضرة الوالد وهي طريقة الأرستقراطيين الفرنسيين في التخاطب مع ذويهم)، قداس يوم الأحد قبل نزهة العائلة"... كانت تعتني جينيفياف بأشقّائها وشقيقاتها، لكنّها بالفعل كانت تتمتّع بشخصيّة قوية: "غالباً ما كانت تقف في وجه والديها و كانت تضطرّ والدتها أحياناً إلى ضرب أسفل قدميها لكي تستسلم للطاعة"...

 

ملكة الأناقة

كانت تفضّل قص الباترونات وتصنيع الفساتين بدلاً من الذهاب إلى المدرسة الداخلية في ميتز، حيث كانت بالكاد تصل إلى مستوى درجات النجاح، ما دفع والدها إلى اليأس الكبير... كانت دائماً في مظهر لا يشوبه شائبة، تعتمر قبّعتها بشكل دائم، التحقت بمدرسة فندقية في ستراسبورغ قبل أن تتدرّب كخبيرة تجميل في باريس، حيث كلّ الطموحات ممكنة... في الخمسينات من القرن الماضي، عملت الشابة أيضاً كعارضة أزياء، وفازت بلقب ملكة جمال الأناقة، بالخفاء عن والديها، ولفتت انتباه لويس بوارو دو فونتنيه، الذي ترأّس لجنة ملكة جمال فرنسا بعد الحرب.

جينيفياف دو فونتنيه مع ملكة جمال باريس عام 1981

ترأّس الثنائيّ الانتخابات المحلّية، والتقيا بالمرشّحات، وقاما بجولات للمشاركة في حفلات الكازينوهات على الساحل الفرنسيّ الجنوبيّ خلال فصل الصيف، قبل الانتخابات الوطنيّة التي تنظّم في نهاية العام. كانا يريدان أن يكونا مدافعَين عن الأخلاق الفرنسيّة، حتّى لو كانا، في الخفاء، أسرة خارج الزواج... عندما علمت العمّة العجوز لجينيفياف أنّ ابنة أخيها حامل خارج الزواج، أصيبت بالاكتئاب. صدمة عنيفة أجبرت عائلتها على نقلها إلى المستشفى!

جينيفياف دو فونتنيه في شبابها
 
  

ملكة أم

في أوائل الثمانينات، قاتلها القدر بشدّة: فقدت جينيفياف زوجها، ثم ابنها الأكبر لودفيك، الذي أنهى حياته قبل أن يبلغ الثلاثين من عمره. فبات تنظيم حفل ملكة جمال فرنسا شريان حياتها: كي لا تغرق، حملت الشعلة، وأصبحت القبطان الوحيد للّجنة، فأصبح هذا الأمر محور حياتها. ابتسم الحظّ لها فجأة في عام 1986، عندما حاول جاي لوكس تعزيز ليلة رأس السنة الجديدة على القناة الفرنسيّة 3France . فبثّ نهائيّ مسابقة ملكة جمال فرنسا في ذلك المساء. وأضحى انتخاب ملكة جمال فرنسا حدثاً لا يمكن تفويته على التلفزيون الفرنسيّ، ضمّ ما يفوق 10 ملايين مشاهد. وتبوّأت جينيفياف المقدّمة، مثل الملكة الأمّ الحقيقية لهذا الحدث الشعبيّ: أضحت معروفة في كلّ مكان، وتهدي إمضاءها للمعجبين، وتقود بناتها في جولات في المقاطعات الريفيّة، التي كانت تملأ خزنة اللجنة.

كانت على استعداد دائماً لقيادة السيارة، وكي الفساتين، وغسل المايوهات، وخياطة الحاشية، وتركيز قبعتها الشهيرة بمجرّد اقتراب الكاميرا لإجراء مقابلة معها... في الظلّ، كان ابنها Xavier يدير الأعمال، تاركاً والدته في دائرة الضوء.

 

حلول الكارثة

 عام 2002، تراجعت ثروة عائلة Fontenay: اشترت شركة الإنتاج Endemol شركة Miss France مقابل 6 ملايين، ووافقت على دفع ما يصل إلى 5000 يورو لسيّدة القبّعة على مدى سنوات عدّة كمديرة. لكنّ شهر العسل تمّ اختصاره: شعرت جينيفياف شيئاً فشيئاً أنّها حرمت من طفلها الصغير، واستمرّت في إبداء آرائها السلبيّة، مستمرّة في لعب دور الرئيسة، رغم أنّها لم تعد مسؤولة عن دفّة القيادة. كما استمرّت في إطلاق الانتقادات عبر الصحافة وهي المعروفة بلسانها اللاذع. في عام 2010، اتّهمت المنتجين بالسماح بنشر صورة الملكة بطريقة مبتذلة. "أولئك اللواتي يفتحن أرجلهنّ يذهبن فوراً إلى إنديمول، ستأتي الأخريات إليّ..." ولجعل الأمور أسوأ، أطلقت سيّدة القبّعة مسابقة موازية، باسم Miss Nationale، من الواضح أنّها قادمة للسير على أحواض الزهور الخاصّة بأرباب عملها السابقين، الذين قاضوها بسبب المنافسة غير الشريفة... وجدت فرنسا نفسها أمام ملكتين. وبينما الحرب مستعرة في المحاكم، انغمست جينيفياف في صرف مدّخراتها في محاولة لإبقاء رأسها مرفوعاً، تمّ تبديد 75000 يورو من أجل التكاليف القانونية. شعرت بالاشمئزاز والمديونيّة، وانتهى بها الأمر بالتوقيع على هدنة مع Endemol، بإشراف سيلفي تيلييه، ملكة جمال فرنسا 2002 والرئيس الجديد للعلامة التجاريّة.

 

قبل موتها، ماذا قالت؟ وهي المعروفة بلسانها اللاذع

"لقد تعلّمت أن أحافظ على كرامتي في جميع الظروف، وأن أحترم نفسي وأحترم الآخرين، ولن أتغيّر. سأموت بقبّعتي ورأسي مرفوعٌ." قالت ذات يوم الملكة والدة الملكات. وأعطت تعليمات لجنازتها محذّرة: "صندوق بسيط بدون ذهب وخشب ثمين". "على أيّ حال، ستكون النتيجة واحدة، مع أو بدون وسادة أو ملاءة حريريّة..."

 

 

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم