الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قلعة سمار جبيل... معالمها تحكي عن تاريخها الغنيّ ​

المصدر: النهار
ريم قمر
قلعة سمار جبيل- تصوير ريم قمر
قلعة سمار جبيل- تصوير ريم قمر
A+ A-

تقع سمار جبيل شماليَّ لبنان على بعد 4 كم من مدينة البترون، على تلّ استراتيجيّ، يعلو نحو 500 متر عن سطح البحر.

تمتاز البلدة بأهمية تاريخية لافتة، فلقد تعاقبت عليها حضارات مختلفة كالفينيقية والأشورية واليونانية والرومانية والصليبية والعربية، ما أعطاها تنوّعاً أثرياً غنياً.

تسمية سمار جبيل آرامية وهي "شيمر" ومعناها الحامي والحارس، فهي تعني "حارسة جبيل". اختارها الفينيقيون مصيفاً لملوك جبيل، نظراً لموقعها الاستراتيجي المشرف على الساحل، ومدينة جبيل ومناخها اللطيف في فصل الصيف.

ظهرت هذه الأهمية التاريخية من خلال الحفريات الأثرية، واللقيات التي عُثر عليها في المنطقة، والتي تعود الى العصر البرونزي. كما عثر أيضاً على قطع أثرية مختلفة تعود الى عدة حقبات، أبرزها قطع عملة نقدية تعود الى العصر الهليني وتحديداً القرن الخامس للميلاد، فترة حكم بيرييكلاس تصل قيمتها الى أربع دراخامات، ومصدرها مدينة أثينا.

 

تصوير ريم قمر

 

 تتميز سمار جبيل بقلعتها الشامخة المشرفة على الساحل، التي تحيط بها معالم أثرية متنوّعة تعود لحقبات تاريخية عديدة. يعود بناء القلعة إلى الفترة الصليبية، وقد بُنيت على أنقاض بناء قديم يعود الى الفترة الفينيقية، دمّره الصليبيون لإعادة بناء حصن يناسب حاجاتهم الدفاعية. وكان هذا البناء حصناً استُخدم في فترات متلاحقة. استخدمه الفرس خلال سيطرتهم على المنطقة، ثم الرومان والبيزنطيون.

تتميز القلعة بتصميمها العسكري الدفاعي، فهي تحتوي عناصر قتالية ودفاعية، وقاعات شاسعة كانت لها استخدامات مختلفة. تضمّ القلعة آباراً محفورة في الصخر، ودهاليز عميقة تربطها بالساحل، ومعاصر ونواويس وغرفاً جنائزية ومسرحاً رومانياً، بالإضافة الى منحوتات وتماثيل وخنادق وجسور وإصطبلات، ومخازن رومانية وأحواض وأجران منقوشة في الصخر.

 
 

عند زيارة القلعة، يمكنك أن تتجول بين المعالم التي تعود الى مختلف الحقبات، وخصوصاً بعد ترميمها وتجهيزها لاستقبال الزائرين. في المنحدر الشمالي من القلعة نقوش بيضوية تعود الى الحقبة الهيلينية، وهي مشاهد تمثّل على الأرجح طقوساً دينية على صلة بعبادة الإله الشابّ أدونيس، التي كانت معتمدة بكثرة في منطقة جبيل.

 
تصوير ريم قمر

 

 

كذلك يحتوي الموقع على مغاور وتجاويف صخرية تعود الى العصر الروماني، كانت تُستخدَم مدافن وقبوراً.

وعُثر في الموقع أيضاً على نقش إغريقي محفور في الصخر يزيّنه إطار. يشير النقش الى وفاة أوريليا زوجة أيراكليون عام 241، وإلى إشغال القلعة في الفترة الرومانية.

 
 

أكثر ما يميز الموقع وجود مجموعة متنوّعة من المعاصر والبراميل والصهاريج الصخرية، التي تعود الى حقبات مختلفة كالفينيقية والرومانية والبيزنطية. وهي عبارة عن معاصر مخصّصة لعصر الزيتون. ويوجد أيضاً بنيتان كبيرتان مربّعتان محفورتان في الصخر شرق الحصن، كانت مخصّصة لعصر العنب، ما يشير الى هذا النشاط الصناعي في المنطقة، وخصوصاً أنها كانت وما زالت تُشتهَر بزراعة الزيتون والكرمة وإنتاج الزيت والنبيذ.

 
 

تصوير ريم قمر

 

 داخلَ القلعة بئر ماء قديمة تُعرف ببئر القديس نوهرا. وبحسب التقاليد المحلّية، أتى المبشّر القديس نوهرا في نهاية القرن الثاني الى سمار جبيل مبشراً بالمسيحية، فاستُشهدَ في البترون، حيث انتُزعت عيناه بأمر من الإمبراطور ديكوليتيان، ولكنه لم يفقد بصره على الرغم من ذلك. وبنيت في البلدة أيضاً كنيسة على اسم القديس نهرا.

وفي القرن السابع عشر، لجأ بطريرك الموارنة يوحنا مارون الى البلدة يوم انتخب أسقفاً على أبرشية البترون وجبل لبنان، بعد أن استقرّ سابقاً في دير القديس مارون على نهر العاصي، واتخذ من قلعة سمار جبيل مركزاً له. ثم غادرها حين أصبح بطريركاً عام 685 إلى قرية كفرحي. وداخل القلعة قاعة كبيرة تحمل اسمه.

 
تصوير ريم قمر

 

في العصر العثماني، سيطر بنو عساف وحلفاؤهم آل حمادة على الحصن، ولكنّ الأمير فخر الدين تمكّن من انتزاعه منهم عام 1618، وذلك بعد أن سيطر على كامل المنطقة. ولكنّ القلعة سرعان ما تعرّضت للخراب، ودُمّر برج الحصن بسبب هزّة أرضية ضربت المنطقة.

تُعدُّ القلعة اليوم من الأماكن الجديرة بالزيارة، لما تحتويه من عناصر أثرية مختلفة وموقع رائع يوفّر مشاهد بانورامية جميلة للمنطقة.

 
تصوير ريم قمر
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم