الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

حكايات الربيع الجميلة... لكلّ بلد سحر أعياده ومهرجاناته

المصدر: النهار
فوران الألوان في الربيع
فوران الألوان في الربيع
A+ A-
ديانا حدّارة
 
امهما اختلفت أمزجة الناس والفصول التي يحبّونها، فإنّ الربيع يكاد يكون الفصل الذي يُجمع عليه معظمنا، على أنّه أجمل الفصول، وتجد بعضنا يردّد عفويًّا أغنياته، شخصيًّا أردّد أغنية الراحلة سعاد حسني "الدنيا ربيع والجو بديع، قفّللي على كلّ المواضيع... قفّل قفّل قفّل"، فكم أحوجنا اليوم إلى "تقفيل" كلّ مواضيع، "الكاني ماني"، كما تقول الأغنية، والتماهي مع الطبيعة لحظة خلعها رداء الشتاء وانغماسها بكلّ ألوان الفرح، وهي ترمي خيوطها الربيعية الدافئة. فللربيع الذي يغنّيه الناس بكلّ اللغات، أعياد ومهرجانات تخفي وراءها حكايات جميلة لا تخلو من الغرابة أحيانًا. حول العالم اخترنا خمسة بلدان تحتفل بالربيع بمهرجانات، لكلّ واحد منها حكاية.
 
مهرجان الزهور في هولندا: "وداعًا للحرب"
 
 
حين نقول هولندا تستحضر مخيّلتنا حقولاً لا متناهيةً من التوليب. فمع بداية الربيع تتفتّح ملايين الزهور، وكأنّها أرتال جيوش من الألوان تجتاح مدن وقرى هولندا من دون مقاومة، بل يحتفل الهولنديّون بها ويستقبلونها بمهرجان التوليب الأشهر في هولندا، معلنين عصيانهم على برد الشتاء.
 
في شهر نيسان/ أبريل من كلّ عام، يجذب موكب الزهور الهولنديّ ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم.
 
يعود هذا الحدث الربيعيّ إلى عام 1947، فبعدما انتهت الحرب العالميّة الثانية عام 1945، أراد الهولنديّون الخلاص من آثار الحرب وبشاعتها عن طريق الاحتفالات، وعودة التواصل الاجتماعيّ حين كان واقعيًّا وليس افتراضيًّا.
البداية كانت مسيرة على شكل مهرجان محلّيّ، تألّف من موكب قوامه زوجا أكاليل وباقات أزهار، وشاحنات مزيّنة وعربات جرّ يدويّة، وفرقة موسيقيّة محليّة.
سار أوّل موكب للزهور في Bollenstreek، نظّمه Willem Warmenhoven، وهو مزارع النرجس من هيلغوم Hillegom، وكان قد ابتكر أوّل عوّامة على شكل حوت، وترافقت معه شاحنة صغيرة كانت عبارة عن زنابق مخفيّة. دعت مدينة ساسينهايم Hillegom مدينتي هيلغوم Sassenheim وليسه Lisse للتعاون في هذا الحدث، وقد تمّ تنظيمه في موكب واسع النطاق، وفرقة استعراض صغيرة.
 
ولعلّ حديقة كوكنهوف جنوب هولندا في منطقة ليسه بين مدينتي أمستردام وهاغ، هي من أجمل حدائق العالم وأشهرها على الإطلاق، وهي نجمة الحدث الدائمة في مهرجان التوليب.
 
ولهذه الحديقة حكاية، ففي القرن الخامس عشر الميلادي كانت المنطقة التي تقع فيها الحديقة منطقة بيئيّة عذراء مملوكة للكونتيسة جاكلين. إضافة إلى استعمالها كمنطقة صيد كانت أعشابها تستعمل في مطبخ القصر، ومن هنا اكتسبت الحديقة تسمية حديقة المطبخ.
في مهرجان التوليب سوف تنغمس حدائق كوكنهوف Keukenhof بكلّ ألوان الزهور، وكذلك الحدائق القريبة منها ومزارع الزنبق. يمكنك زيارتها بالسيارة أو بالدرّاجة على طول طريق ركوب الدراجات، وعلى طول مناطق الجذب السياحيّ.
 
شمّ النسيم في مصر أسطورة فرعونيّة
 
 
مع إقبال الربيع يحتفل المصريّون باختلاف طوائفهم ومذاهبهم بعيد "شم النسيم"، فيخرجون إلى المتنزّهات ويحتفلون به بتناول الفسيخ. يعود تاريخ شمّ النسيم إلى عهد الفراعنة، وكان يعرف بعيد شامو، وتعني تجديد الحياة. فقد اعتقد قدماء المصريّين أنّ شامو يمثّل بداية خلق العالم، حين يبحر إله الشمس "رع" في قاربه من السماء ليرسو على قمّة الهرم الأكبر، في رحلة ترمز إلى الحياة والموت. لذا كان تغيّر الفصول، وتأثيره على نهر النيل، حدثًا مهمًّا بالنسبة إلى المصريّين. وعندما أصبحت مصر تحت حكم الإمبراطوريّة الرومانيّة، تمّ دمج شامو ببساطة في احتفالات عيد الفصح. وعندما أصبحت مصر دولة ذات أغلبيّة عربيّة، اكتسبت العطلة اسم "شمّ النسيم".
 
طبق الفسيخ رمز الرزق والبيض للنهضة
 
 
يشكّل الفسيخ الطبق الأكثر ارتباطًا بشمّ النسيم، وهو سمك مجفّف ومملّح يؤكل مع البصل الأخضر، وتناوله في هذه المناسبة يعبّر عن الخصوبة والبهجة المصاحبة لموسم الحصاد. أمّا البيض فيُعتبر رمزًا للنهضة وجزءًا رئيسًا من احتفالات شمّ النسيم. وبصرف النظر عن طلاء وتزيين البيض، فإنّ العرف هو كتابة التمنّيات على البيض، ثمّ تعليقها في سلال على الأشجار والمنازل، على أمل أن تُستجاب الرغبات.
 
مهرجان الربيع سونغكران Songkran في تايلاند
 
 
في تايلاند يبدأ الربيع بمهرجان سونغكران،  حيث يخرج التايلانديّون إلى الشوارع ويخوضون المعارك المائيّة باستعمال خراطيم أو مسدّسات المياه، فيقفون على جنبات الطرق ويرشّون أيّ شخص يمرّ بالماء.
وقد يغطّى بالطباشير التي يستعملها الرهبان. وسونغكران كلمة مشتقّة من اللغة السنسكريتيّة، وتعني انتقال الشمس من موقع إلى آخر في دائرة الأبراج، وتحديدًا من برج الحوت إلى برج الحمل. ومهرجان سونغكران هو يوم التنظيف جسديًّا وروحانيًّا في الربيع. فيتخلّص التايلانديّون من أيّ شيء قديم وعديم الفائدة، وإلّا فسوف يجلب الحظ السيّئ على مالكه.
 
يدوم سونغكران ثلاثة أيّام، يقوم الناس في اليوم الأوّل بتنظيف منازلهم، والأماكن العامّة والمعابد والمدارس، للتخلّص من سوء حظّ العام الماضي، فيما النشاط الرئيس هو سونغ-نام فرا، وهو طقس يتضمّن صبّ الماء المعطّر على صور بوذا المقدّسة.
وفي اليوم الثاني يُعرف باسم وان ناو، ويقوم الناس بإعداد الطعام ويقدّمونها للرهبان، وبدورهم يقوم الأبناء بغسل أقدام والديهم بالماء المعطّر، فيما يبارك الوالدان الأبناء بأكليل من الياسمين. وفي اليوم الثالث يزور الناس معبدهم المحلّيّ لتقديم الطعام والملابس للرهبان.
 
مهرجان التوليب في اسطنبول
 
 
منذ القرن الثاني عشر، جلب الأتراك المهاجرون أنواعًا بريّة من زهرة التوليب معهم من آسيا الوسطى إلى الأناضول. واشتهرت اسطنبول بحدائق قصورها المغرورقة بالزهور الفريدة من أواخر القرن السابع عشر إلى أوائل القرن الثامن عشر.
أمّا حكاية المهرجان فبدأت حين قامت بلدية اسطنبول عام 2006 بزراعة ملايين شتلات زهرة التوليب في جميع أنحاء المدينة. لتجتاح المدينة في الربيع، وبشكل مفاجئ، الألوان الرائعة للتوليب، الحدائق والساحات والشوارع، ممّا أسعد سكان اسطنبول والزوار على حدٍّ سواء. وهكذا بدأ مهرجان الزنبق في اسطنبول الذي يستمرّ لمدّة شهر بشكل تدريجيّ مع ما يقدّر بنحو 30 مليون زهرة توليب.
لتذكّر انفجارات ألوانها سكان المدينة وزائريها أيضًا أنّ أيّام الشتاء قد ولّت، ويمكن الاستمتاع بالربيع.
ويعتبر متنزّه أميرغان المطلّ على مضيق البوسفور، المحور الرئيس لمهرجان اسطنبول توليب، ما يجعل التجوال بين أروقته مغامرة في عوالم اسطنبول وهي تفور جمالاً.
تستضيف قصور كوشك داخل الحديقة عروض الحرف اليدويّة التقليديّة مثل الرخام الورقيّ والخطّ ونفخ الزجاج والرسم. تنتشر العروض الموسيقيّة في الخارج على مراحل.
 
مهرجان الربيع في زيوريخ سويسرا
 
 
Sechseläuten هو مهرجان الربيع الذي تنطلق فعاليّاته في زيوريخ كبرى مدن سويسرا. يعود تاريخ هذا المهرجان إلى القرن السادس عشر، حين قرّر مجلس المدينة تقديم التوقيت الصيفيّ ساعة واحدة عن التوقيت الشتويّ.
 
وتقرّر أنّه في أوّل يوم اثنين ربيعيّ، يجب أن يدقّ ثاني أكبر جرس في Grossmünster عند الساعة السادسة لإعلان بداية الربيع. منذ ذلك الحين، يتمّ الاحتفال بـ Sechseläuten أو Sächsilüüte كما يطلق عليها باللهجة المحليّة، والتي تعني حرفيًّا "رنين الأجراس الساعة السادسة".
 
في مهرجان سشيسلاوتن Sechseläuten يحتفل الناس بانتهاء الشتاء وبداية الربيع، بحرق تمثال رجل الثلج العملاق "Bögg" الذي يمثّل نهاية فصل الشتاء، وهو مصنوع من الملابس القديمة والألعاب الناريّة، يتمّ إشعاله في المحرقة عندما تدقّ ساعة كنيسة Grossmünster عند الـ 6 مساءً. يُعتقد أنّه كلما اشتعل بشكل أسرع، يكون الصيف في سويسرا أكثر إشراقًا ودفئًا. يتضمّن المهرجان الذي يستمرّ يومين الولائم والمسيرات الفلكلوريّة والخطب الفكاهيّة.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم