الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

قانا الجليل... أرض القداسة والمعجزات

المصدر: النهار
ريم قمر
قانا الجليل.
قانا الجليل.
A+ A-

تقع قانا الجليل على بعد 95 كم جنوب بيروت في قضاء صور، وترتفع 300 متر عن سطح البحر. وهي اليوم من المواقع المقدّسة، التي يزورها المؤمنون من لبنان ومختلف أنحاء العالم.

تشتهر بلدة قانا الجليل اللبنانية بدورها في نشأة المسيحية، باعتبارها المكان الذي حدثت فيه أولى معجزات السيد المسيح، التي بدأ معها الإيمان المسيحي بين تلامذته.

فبحسب الإنجيل المقدّس، حدثت أولى المعجزات التي حققها المسيح في بدء رسالته في قانا الجليل، حيث أظهر مجده، وعلى إثرها آمن به تلامذته. فذات يوم، شهدت بلدة قانا الجليل عرساً كانت السيدة مريم حاضرة فيه، فدُعي السيد المسيح وتلامذته إلى هذا العرس. نفد الخمر خلال العرس، عندها طلبت السيدة مريم من المسيح التدخل لحلّ المشكلة، رغم أنها كانت تعلم أنّ ساعته لم تأتِ بعد. لبّى المسيح طلبها، فأحال الماء خمراً.

 
تصوير مي مروّة

 

وبحسب الدراسات المسيحية التي أجريت لتحديد موقع قانا الجليل، يتفق العديد من العلماء على أنّ قانا الجليل حيث حدثت المعجزة الأولى للمسيح، هي نفسها بلدة قانا الجنوبية الواقعة في قضاء صور.

إلى الشمال الغربي من بلدة قانا الجليل، وفي أعلى المنحدر القويّ المشرف على وادي قانا أو ما يُعرف بوادي "عاشور" توجد أرض صخرية وَعِرة، وعلى واجهة مجموعة من صخورها عُثر على نقوش نافرة من صنع الإنسان.

 
تصوير مي مروّة

 

تبرز في هذه النقوش أشكال أشخاص يبلغ عددهم نحو 35 شخصاً، بالإضافة إلى نحو 18 نصباً ومحفورات غير مكتملة. من المرجّح أنّ هذه المنحوتات تعود إلى أوائل العهد الروماني، أي القرن الأوّل الميلادي. وهذا ما يظهره طراز لباس الأشخاص المنحوتين على الصخر.

والظاهر أنّ لهذه النقوش دلالات دينية، إذ يظهر أحد الأشخاص رافعاً يديه إلى السماء متضرعاً ومبتهلاً، ويبدو آخر حافي القدمين كما الزاهد الورع.

وعلى صخرة مستقلّة في وسط المنحوتات، يوجد نقش يمثل مجموعة أشخاص متوازين يبلغ عددهم اثني عشر شخصاً، بينهم شخص بارز الحجم ما يشير إلى بروز مكانته، ويقف أربعة أشخاص إلى يساره وثمانية إلى يمينه. ويحدّ طرفي النقش نصبان مخروطيان صغيران. أما الطريقة التي نُحتت بها هذه النقوش، من حيث عدم إبراز ملامح الأشخاص أو شكل لباسهم كما هي حالة المنحوتات الأخرى، فتظهر أنّ لهذا النقش دلالات رمزية ودينية تعبّر عن فكرة ما. ما يحمل على الاعتقاد بأنّ النقش يمثّل السيد المسيح وتلامذته الاثني عشر.

 

تصوير مي مروّة

 

وعلى بُعد أمتار قليلة تحت الصخرة الكبيرة، توجد مغارة صخرية منفتحة على المنحدر تطلّ على وادي قانا. وهذه المغارة متوسطة الحجم عند مدخلها، تضيق كلما توغّلنا في داخلها، وتمتدّ عميقة من الناحية الخلفية باتجاه الغرب. ومن المرجّح أن تكون قد استعملت مسكناً لإنسان العصر الحجري القديم، حيث وُجدت آثار لهذا الإنسان داخلها. ويُعتقد أيضاً أنّ المسيحيين الأوائل قد لجؤوا إلى هذه المغارة، حين كانوا يتركون ممتلكاتهم وينتقلون إلى الصحاري والبراري. والأرجح أنهم مَن نقش هذه الرسوم التشخيصية الرمزية، لتشهد على الحادثة المهمة التي حدثت في البلدة، وعلى علاقة السيد المسيح ببلدة قانا الجليل.

 وبحسب السكّان المحليين، لهذه المغارة دور مهم أيضاً في العادات والمعتقدات المحلّية. كان يقصدها السكّان لاستعمال المياه الراشحة من ثدي صخري فيها، لشفاء النساء اللواتي ينضب حليبهنّ حين الإرضاع.
 
 

وفي بلدة قانا أيضاً مقام ديني واقع على مرتفع، يُعرف بـ"مقام الجليل" الذي يكرّمه سكان البلدة. تظلّله شجرة ميس، يعتقد السكان المحليون أنها نبتت حيث مرّ المسيح، وهم يتبرّكون بأوراقها ويتخذونها دواءً لشفاء مرضاهم.

 ومن بين الآثار الظاهرة في بلدة قانا بالقرب من مقام الجليل، أجران حجرية كالتي يصفها النصّ الإنجيلي، والتي حوّل المسيح فيها المياه إلى خمر، بحيث يتناسب حجم هذه الأجران مع سعة الأجران التي ذُكرت في الإنجيل.

وهذه الأجران الحجرية موجودة في الساحة العامّة، حيث كان يجتمع الناس لإقامة الحفلات ومنها حفلات العرس.

 
تصوير مي مروّة
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم