أديرة، ومزارات، وقصور وأكثر... عبيه البلدة التي تبهرنا بتفاصيلها!

تقع عبيه في قضاء عاليه، وتُعتبر من القرى اللبنانية التي شهدت تاريخًا حافلًا بالأحداث.عُرفت سابقًا بإمارة الغرب، وكانت مركزًا رئيسيًّا للإمارة التنوخية، وموقعًا لنشأة عدة إمارات كالبحترية، والمعنية والشهابية.

لاقت عبيه عبر التاريخ شهرةً واسعةً على الصعيد السياسي والعمراني والعلمي والثقافي والديني، إذ تنتشر في أرجائها مجموعة كبيرة من الأبنية التراثية والتاريخية، ما جعلها وجهة للسياح والباحثين عن بصمات التاريخ.

لعلَ أفضل طريقة للتعرّف إلى القرية، هي التجول فيها سيراً على الأقدام، ما يسمح باكتشاف ما تخبئه بين أزقتها من معالم تراثية وتاريخية شاهدة على عظمتها التاريخية.

 عبيه عبر التاريخ

 شهدت عبيه أحداثًا تاريخية عديدة، فلقد كانت وجهة للتنوخيين الذين استقروا فيها وجعلوا منها إمارة لهم بفضل موقعها المميز قبالة الشاطئ وطبيعتها الخضراء المميزة بغاباتها الكثيفة.

تعتبر عبيه أيضًا قرية الأمير فخر الدين المعني الثاني الكبير الذي ترعرع فيها بعد أن تركته أمه عند أقربائها حتى بلوغه سن الرشد. كذلك، شكلَت عبيه مركزًا لإمارة البحتريين الذين استلموا الحكم في المنطقة بعد التنوخيين. وفي الفترة العثمانية، أصبحت تحت حكم الأمراء المعنيين ومن ثم الشهابيين حيث استقر فيها الأمير محمد ملحم حيدر وابنه الأمير قعدان الشهابي فتحوّلت عبيه في أيامه إلى قاعدة للمعارضة الشهابية.

المعالم الدينية التاريخية

 تحتضن عبيه مجموعة من الكنائس القديمة التي تعود إلى مختلف المذاهب المسيحية. وهي عبارة عن سبع كنائس منتشرة في أرجاء القرية، تم بناؤها في فترات تاريخية مختلفة، وهي:

- كنيسة مارجاورجيوس للروم الكاثوليك والتي يعود تاريخ بنائها إلى العام 1885.

- كنيسة سيدة المعونات هي قنطش للرهبنة الحلبية ويعود تاريخ بنائها إلى القرن الخامس عشر.

 - كنيسة مار مارون والتي كانت عبارة عن بناء يعود للفترة التنوخية.

- كنيسة مار سركيس وباخوس، بنيت في القرن الرابع عشر خلال فترة حكم الأمير ناصر الدين الحسن، وكانت عبارة عن مجلس للأميرعبدالله التنوخي فوهبها  إلى آل سركيس، وتمّ تحويلها إلى كنيسة في ظل حكم الشهابيين أواخر القرن الثامن عشر.

- كنيسة المخلص للروم الأورثودكس، والتي هدمت عدة مرات ومن ثم أعيد بناؤها

- الكنيسة الانجيلية والتي بنيت في العام 1846.

- دير الآباء الكبوشيين الذي بني في العام 1466 والذي يعتبر اليوم المزار الرسمي والدائم لتمثال اليوبيل للسيدة العذراء في فاطيما.

- دير الآباء الكبوشيين المعروف اليوم بمركز الحمام الزاجل والذي يحمل في إحدى وجهاته نقوشًا تشهد على تاريخ بنائه.

 كما وتعتبر عبيه مقصدًا للطائفة الدرزية إذ إنها تضم مزارات دينية عدة، أهمها مزارالشيخ عسّاف بن صالح أمين الدين، وهو من العبّاد الأوائل في المنطقة، ومزار الشيخ أحمد أمين الدين الذي تولى مشيخة العقّال والذي يلقَّب بالشيخ الرضي. أما القبلة الحقيقية للدروز فهي مقام الأمير السيد جمال الدين عبد الله التنوخي، وهو الملقب بـ"الأمير السيد"، ولقد عُرف برؤيته الإصلاحية وترك تراثاً عقائدياً غنيًا للطائفة الدرزية.

المباني التعليمية

تنتشر في عبيه أيضًا مجموعة كبيرة من الأبنية التعليمية خصوصًا وأنها شكَلت محطة للإرساليات الغربية بدءاً من الآباء الكبوشيين، ثم الأمريكان، فالمدرسة الداودية. ولقد لعبت هذه المدارس دورًا بارزًا بتخريج مفكرين من لبنان والعالم العربي.

إبدأ زيارتك بالتعرف إلى المدرسة الداودية التي أسسها المتصرف داوود باشا، والتي تم تحويلها اليوم إلى معهد للعلوم التكنولوجية التابع للجامعة اللبنانية.

ومن ثم انتقل للتعرف إلى المدرسة العالية الأميركية، التي كانت نواة الكلية السورية الإنجيلية في بيروت، والتي أصبحت عام 1866 الجامعة الأميركية في بيروت. إضافة إلى المدرسة التنوخية التي بنيت في العام 1845.

المعالم التراثية

لعلَ أجمل ما يمكن اكتشافه في عبيه الآثار القديمة التي تعود بمعظمها إلى الفترة التنوخية والشهابية. فتنتشر القصور والبيوت القديمة في كافة أرجاء القرية وتتميز جميعها بهندستها ونقوشها وزخارفها التي تعكس فن العمارة العربية والإسلامية، وهي تشمل نقوش فن الخط العربي والزخارف الهندسية والنباتية.

لا تفوت اكتشاف السوق القديم المميز بقناطره وسقفه المعقود، وعين الجديدة التي بناها الأمير قعدان في العام 1795، إضافة إلى سرايا الأمير منذر بن علم الدين سليمان ومنزل المطران غريغاريوس حداد، بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الأورثودكس، وقصر الأمير السيد جمال الدين عبد الله التنوخي.