الأحد - 12 أيار 2024

إعلان

"لن نغادر أبداً"... فلسطينيّون في الضفة الغربيّة متيقظون وقلقون في مواجهة المستوطنين الإسرائيليّين

المصدر: أ ف ب
فلسطيني وقف داخل مطبخه في أعقاب هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في قرية المغير بالضفة الغربية المحتلة بالقرب من رام الله (17 نيسان 2024، أ ف ب).
فلسطيني وقف داخل مطبخه في أعقاب هجوم شنه مستوطنون إسرائيليون في قرية المغير بالضفة الغربية المحتلة بالقرب من رام الله (17 نيسان 2024، أ ف ب).
A+ A-
تحلّق الراعي الفلسطيني ابراهيم أبو عليا ليلا وبعض أصدقائه حول نار أشعلوها على تلة في الضفة الغربية المحتلة، يحرسون القطيع بالقرب منهم، ويبقون متيقظين بعد المواجهات بينهم وبين مستوطنين إسرائيليين الأسبوع الماضي.

وقال ابراهيم أبو عليا (29 عاما) من قرية المغير شمال مدينة رام الله في الضفة الغربية المحتلة، لوكالة فرانس برس، "نحن نأتي يوميا الى هنا، نشعل النار (...) ونبقى مستيقظين حتى الصباح نحرس الأغنام".
 
ثم يشير بيديه الى جبل قائلا "توجد في الجبل فوقنا مستوطنة، ونحن نبلّغ الناس في القرية في حال أحسسنا أن هناك مستوطنين قادمون".

في نهاية الأسبوع الماضي، اختفى الفتى المستوطن الإسرائيلي بنيامين أخمير (14 عاما) بالقرب من المغير في 12 نيسان بينما كان يرعى أغنامه التي عادت بدونه إلى مزرعته في مستوطنة ملاخي هشالوم. بعدها وُجد مقتولا. فهاجم مستوطنون قرية المغير مسلحين بالبنادق وزجاجات "مولوتوف" الحارقة، وأشعلوا النيران في منازل، وقتلوا أغناما، وأصابوا 23 شخصًا بجروح، وفقًا لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا). كذلك قُتل فلسطيني واحد في أعمال العنف.

وخسر ابراهيم أبو عليا الذي أُحرق بيته، من 20 الى 30 خروفا، وأموالا نقدية جناها من بيع منتجات الألبان احترقت خلال الحريق. وقال "خسرنا 30 ألف شيكل قيمة خلايا الطاقة الشمسية... ليس عندي ملابس، ما أرتديه استعرته من صديقي، لم يتبق معي مال، أعادونا عشرين عاما الى الوراء، وصرنا تحت الصفر".

وقال رئيس مجلس قرية المغير أمين أبو عليا "أحرقوا عددا كبيرا من المنازل كان أهلها متواجدين فيها، احترقت بشكل كامل أو بشكل جزئي قبل أن تتمّ السيطرة على النيران".

وأضاف "حاولنا أن نشكّل لجان حماية، ولكن الأمر فشل، لأن قوات الاحتلال اعتقلتهم أكثر من مرة (...). لدينا حاليا أكثر من 70 أسيرا من لجان الحماية داخل السجون الإسرائيلية بتهمة محاولة تشكيل جسم منظّم".

- دوما -
في قرية دوما القريبة على بعد خمسة كيلومترات شمال المغير، نزل مئات المستوطنين عبر الحقول المحيطة في 13 نيسان بعدما عثر على جثة أخمير وعليها آثار طعن.

وقال رئيس مجلس قرية دوما سليمان دوابشة "كانت هجمة شرسة بكل معنى الكلمة. دخل أكثر من 500 مستوطن الى القرية، واقتحمها  أكثر من 300 جندي إسرائيلي، وأعلنوا أنها منطقة عسكرية مغلقة".

وقال محمود نزار سلاودة، وهو صاحب منزل أحرق في دوما، "نشعر بالعجز لأننا غير قادرين على أن نحمي أنفسنا، والمستوطن محمي من جيش الاحتلال، لا أحد يحمينا".

وأضاف من الطابق الأرضي لمنزله المحترق على مشارف دوما، "خسرت كل مالي ومستقبلي، فتخيّل كيف شعوري؟".

عند قدميه، غطّى الأثاث المحترق والزجاج المحطّم الأرض، بينما تلوّنت الجدران باللون الأسود، واحترقت ورشته في الغرفة المجاورة.

في العام 2015، أضرم مستوطن النار في منزل عائلة سعد دوابشة في دوما. فقتل مع زوجته ريهام وطفلهم الرضيع علي، وأصيب ابنه أحمد (4 سنوات) بجروح خطيرة، لكنه الوحيد الذي بقي على قيد الحياة منهم.

- "لن نغادر" -
ويقيم في الضفة الغربية المحتلّة أكثر من 490 ألف إسرائيلي في مستوطنات غير قانونية في نظر القانون الدولي.

ويقول سكان دوما، مثل العديد من القرويين الفلسطينين في الضفة الغربية، إنهم لا يتمتعون بحماية الأمن الفلسطيني الذي لا يُسمح له بالعمل إلا في 40% من الأراضي الفلسطينية، ولا تقوم اسرائيل بحماية الفلسطينين في باقي الاراضي التي تديرها.

ويقول محمود دوابشة "هذه سياسة تهجير وتطهير عرقي"، مضيفا "لن نغادر الأرض، ولن نغادر المنازل...، فليحرقوا ويكسروا ويدمروا، سوف نبقى في داخل بيوتنا".

ومنذ بداية الحرب في قطاع غزة التي اندلعت بعد هجوم غير مسبوق شنّته حركة حماس على إسرائيل في 7 تشرين الأول، تصاعدت كثيراً حدّة العنف في الضفة الغربية التي تحتلها اسرائيل مع القدس الشرقية منذ العام 1967.

وقُتل في الضفة الغربية ما لا يقلّ عن 468 فلسطينياً على أيدي جنود أو مستوطنين إسرائيليين منذ بداية الحرب في غزة، وفقاً  للسلطة الفلسطينية.

وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة في كانون الثاني الماضي "في نحو نصف الحوادث المسجلة من مجموع عنف المستوطنين بعد اندلاع الحرب في غزة، كانت القوات الإسرائيلية إما ترافق المهاجمين أو تفيد التقارير بأنها تدعمهم".

وسجّل مكتب "أوتشا" 774 هجوما نفذه مستوطنون ضد فلسطينيين منذ اندلاع الحرب في غزة، مشيرا الى أن 37 تجمعا بين قرية وبلدة تأثّر بالعنف بين التاسع من نيسان والخامس عشر منه، وهو "ثلاثة أضعاف العدد" في الأسبوع الأول من الشهر.

وقال المكتب إن تسعة إسرائيليين، من بينهم خمسة عناصر من القوات الإسرائيلية، قتلوا في الضفة الغربية خلال الفترة الزمنية نفسها.

وأكد الراعي ابراهيم  أبو عليا بدوره لفرانس برس إنه رغم الصعوبات، "لن نغادر أبدا". لكنه اضطر في أيلول الى الانتقال من أراضي رعيه السابقة الى الجانب الآخر من المغير، بعيدا عن المستوطنة.

وقالت منظمات غير حكومية إن هجمات نهاية الأسبوع تمثّل ذروة أعمال العنف بسبب العدد الهائل من الأشخاص الذين شاركوا فيها، ولكنها تعكس أيضًا اتجاهًا أوسع في الضفة الغربية.

مساء الأربعاء، رفع مستوطنون أعلاما إسرائيلية على طول الطريق الواصل بين بلدتي المغير وملاخي هشالوم.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم