الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

البابا في ختام زيارته: "العراق سيبقى دوماً معي"

المصدر: النهار
البابا فرنسيس خلال ترؤسة قداساً في ملعب فرانسو حريري في أربيل بكردستان العراق أمس.(أ ف ب)
البابا فرنسيس خلال ترؤسة قداساً في ملعب فرانسو حريري في أربيل بكردستان العراق أمس.(أ ف ب)
A+ A-
في آخر محطة عامة من زيارته التاريخية للعراق، ترأس البابا فرنسيس بعد ظهر الأحد قداساً احتفالياً في أربيل في كردستان، شارك فيه الآلاف وسط إجراءات صحية وأمنية، وودّع العراقيين قائلا: "العراق سيبقى معي وفي قلبي".
 
وبعد ثلاثة أيام حافلة بالتنقلات بالطائرة والمروحية وسيارة مصفحة في بلد طوى صفحة تنظيم "الدولة الاسلامية"(داعش) الدامية قبل ثلاث سنوات فقط ولا يزال يشهد توترات أمنية ناتجة عن وجود فصائل مسلحة خارجة عن السيطرة، قال البابا في ختام القداس: "الآن، اقتربت لحظة العودة إلى روما. لكنّ العراق سيبقى دائماً معي وفي قلبي". 
 
وأنهى زيارته برسالة أمل قائلاً: "في هذه الأيام التي أمضيتها بينكم، سمعت أصوات ألمٍ وشدّة، ولكن سمعت أيضاً أصواتاً فيها رجاءٌ وعزاء"، قبل أن يحيي الحضور بعبارات "سلام، سلام، سلام. شكراً! بارككم الله جميعاً! بارك الله العراق!"، ثم "الله معكم!" بالعربية. 
 
وبتأثر واضح، قالت بيداء سافو البالغة من العمر 54 سنة التي شاركت في القداس في ملعب فرانسو حريري في أربيل مع أولادها: "نعرف الآن أن هناك من يفكر فينا، ويشعر بما نفكر به". وأضافت: "سيشجع ذلك المسيحيين للعودة إلى أرضهم".
 
وسافو بين آلاف المسيحيين الذين فروا من الموصل في شمال العراق الى أربيل بعد سيطرة "داعش" على المنطقة بين 2014 و2017.
 
وكان البابا زار في وقت سابق مدينة الموصل، حيث صلّى على أرواح "ضحايا الحرب". كما زار قرقوش، البلدة المسيحية التي نزح كل أهلها خلال سيطرة "داعش"، وعاد جزء منهم خلال السنوات الماضية. 
 
ووصل البابا بمواكبة أمنية كبيرة إلى الملعب في سيارة الـ"باباموبيلي" الشهيرة التي ألقى منها التحية على الحشد الذي تجمع لاستقباله والمشاركة في القداس. 
 
ويتسع ملعب فرانسو حريري الذي يحمل اسم سياسي أشوري عراقي اغتيل قبل 20 عاماً في أربيل، لعشرين ألف شخص، لكن عدد الحاضرين كان أقل من ذلك بكثير، إذ فرض على المشاركين الحصول مسبقا على بطاقة خاصة وتمّ تحديد العدد، وذلك في إطار تدابير الوقاية من وباء كوفيد-19.
وفي المدينة، التي تعرّض مطارها أواخر شباط لهجوم صاروخي استهدف الوجود الأميركي، لاقى الآلاف البابا رافعين أعلام الفاتيكان وكردستان وأغصان الزيتون.  
 
"السلام أقوى من الحرب" 
وفي الموصل، أسف البابا لـ"التناقص المأسوي بأعداد تلاميذ المسيح" في الشرق الأوسط. وقال على أنقاض كنيسة الطاهرة السريانية الكاثوليكية، إن هذا "ضرر جسيم لا يمكن تقديره، ليس فقط للأشخاص والجماعات المعنية، بل للمجتمع نفسه الذي تركوه وراءهم". 
 
وصلّى من الموقع الأثري الشاهد على انتهاكات الجهاديين "من أجل ضحايا الحرب والنزاعات المسلحة"، مؤكدا أن "الرجاء أقوى من الموت، والسلام أقوى من الحرب".
 
ثم توجه إلى قرقوش حيث أدى صلاةً في كنيسة الطاهرة الكبرى التي تشهد أيضا على الانتهاكات العديدة ل"داعش" في شمال البلاد.
 
وجال في عربة غولف بالمدينة وسط حشد صغير رافقه بالزغاريد والتحيات. ويعاني البابا البالغ من العمر 84 سنة من التهاب في العصب الوركي ويواجه صعوبة في السير.
 
وقالت هلا رعد بعدما مرّ البابا من أمامها: "هذا أجمل يوم!". وأضافت المرأة المسيحية التي فرت من الموصل عند سيطرة الجهاديين عليها: "نأمل الآن أن نعيش بأمان، هذا هو الأهم".   
 
وأرغم العديد من مسيحيي العراق، بفعل الحروب والنزاعات وتردي الأوضاع المعيشية، على الهجرة. ولم يبقَ في العراق اليوم سوى 400 ألف مسيحي من سكانه البالغ عددهم 40 مليوناً بعدما كان عددهم 1,5 مليون عام 2003 قبل الاجتياح الأميركي للعراق.
 
واكتست هذه المحطة أهمية كبرى، لا سيما أن محافظة نينوى وعاصمتها الموصل، تشكّل مركز الطائفة المسيحية في العراق، وقد تعرّضت كنائسها وأديرتها التراثية العريقة لدمار كبير على يد التنظيم المتطرف.
 
وقال البابا في كلمته من الموصل :"إنها لقسوة شديدة أن تكون هذه البلاد، مهد الحضارات قد تعرّضت لمثل هذه العاصفة اللاإنسانية التي دمّرت دور العبادة القديمة". 
 
"لا تيأسوا" 
ورأى المسيحيون الذين عملوا منذ أسابيع على ترميم وتنظيف كنائسهم المدمرة والمحروقة، في هذه الزيارة البابوية الأولى في تاريخ العراق، رسالة أمل.
 
وقال منير جبرائيل الذي شارك في استقبال البابا في قرقوش :"ربما تساعد زيارة البابا في إعادة بناء البلاد، وإحضار السلام والحب أخيراً. شكراً له".  
 
واستقبل سكان البلدة البابا بسعف النخيل، قبل أن يدخل الكنيسة على وقع الألحان السريانية ويؤدي فيها صلاةً أشار فيها إلى ضرورة إعادة بناء ما دمّرته سنوات من "العنف والكراهية". 
 
وأحرق "داعش" هذه الكنيسة في قرقوش الواقعة على مسافة نحو 30 كيلومتراً إلى جنوب مدينة الموصل، قبل أن يعاد ترميمها. 
 
ولحق دمار كبير ببلدة قرقوش على يد التنظيم، ولا يزال الوضع الأمني متوتراً مع انتشار مجموعات مسلحة بأعداد كبيرة في السهول المحيطة.
 
وقال البابا في كلمته :"قد يكون الطريق إلى الشفاء الكامل لا يزال طويلاً، لكني أطلب منكم، من فضلكم، ألا تيأسوا". 
 
وتعرّض عشرات الآلاف من مسيحيي نينوى للتهجير عام 2014 بسبب سيطرة "داعش"، ويثق قلّة منهم حالياً بالقوات الأمنية التي يقولون إنها تخلّت عنهم، ويخشى الكثيرون منهم حتى الآن العودة إلى بيوتهم. 
 
وإلى التحديات الأمنية، تأتي الزيارة وسط تحدٍّ صحي أيضاً مع زيادة بأعداد الإصابات بكوفيد-19 حرمت الحشود من ملاقاة البابا وإلقاء التحية عليه.
 
وقال الناطق باسم الفاتيكان أتيو بروني الأحد :"هذه رحلة لها طابع خاص نظراً للظروف" الصحية والأمنية. وأضاف: "لكنها مبادرة حبّ وسلام لهذه الأرض وهذا الشعب". 
 
وفي اليوم الثاني من زيارته التاريخية، التقى البابا السبت في النجف المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله العظمى علي السيستاني، الذي أعلن اهتمامه بـ"أمن وسلام" المسيحيين العراقيين. ص8
وغادر البابا إربيل مساء إلى بغداد استعداداً للعودة اليوم إلى روما. 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم