السبت - 18 أيار 2024

إعلان

في حضرة داوود الشريان

المصدر: "النهار"
جورج موسى
جورج موسى
داوود الشريان.
داوود الشريان.
A+ A-
في مرحلة ما من حياتك المهنية، ستكتشف أن ما "أنجزته" حتى اليوم لا يستحقّ الاحتفاء. ستكتشف أيضاً أن النضوج المهني يكمن في البحث عن تحديات جديدة، تثبت من خلالها لنفسك أنك ما زلت هاوياً… فالهواية تعني الشغف، والشغف يعني أن تتعلم أكثر وتغوص أكثر لتعيش مجدداً لحظات السحر والدهشة وتستعيد طعم الخسارة حيناً والانتصار أحياناً… بديهيات؟ أبداً! أحياناً، قد يقتل الروتين هذه المشاعر التي تضخّ فيك نبضاً جديداً. أحياناً أخرى، يستلم الغرور السطحي هذه المهمة… وبين هذا وذاك، تمضي الأيام وأنت تبحث عن شيء ما، تستعيد من خلاله متعة مفقودة.
 
مناسبة الحديث عن هذه التحديات هو داوود الشريان. القصة بدأتْ قبل أشهر قليلة. يومها، تلقيتُ اتصالاً من صديق يقترح عليّ العمل في برنامج حواري جديد سيديره الشريان. ابتسمتْ. أعادني الاتصال سنوات إلى الوراء، إلى جريدة "الحياة" في أوائل سنوات الألفية. يومها، كان كاتب هذه السطور في بداية المسيرة المهنية، وكان ينتظر بشغف أن يصل إلى مكتبه ليقرأ زاوية "أضعف الايمان" للصحافي والإعلامي السعودي المخضرم.
 
مرّت السنوات، تركت "الحياة" وأخذتني الحياة إلى طرق مختلفة، لكن الشريان وكلماته بقيت مخّزنة في الذاكرة، حتى جاءت لحظة العمل على البرنامج الجديد.
 
مدهش هذا الرجل، كيف يستطيع أن يدبّ فيك الحماس مجدداً، ويعطيك شحنات من المتعة الممزوجة بتواضع الكبار، في مهنة، باتت تفقد الكثير من بريقها وصناعها الحقيقيين.
 
الشريان نموذج. مرجع في الكلمة. مختلف الطرح والتحليل والنقاش. عالم بالفن والثقافة تماماً كما يعرف بالسياسة والتاريخ… الشريان سجالي ومن طراز رفيع. مسيرة طويلة على الورق: من "الوفد" و"كل العرب" و"اليمامة" و"اليوم" إلى "البلاد" و"الرياض" وحتى "المسلمون" ومجلة "الدعوة السلفية" وصولاً إلى "الحياة"…
 
عبر أثير الإذاعة، قدّم برنامج "الثانية" على "أم بي سي أف أم". وعلى الشاشة الصغيرة، قدّم "المقال" على تلفزيون "دبي" وشكَل حديث الناس عند الثامنة حين قدّم "الثامنة" لسبع سنوات عبر mbc. على الشاشة نفسها، أطل قبل سنوات في "في الشريان"، وفي السنة الماضية، خاض تجربة مختلفة محوّلاً برنامج مسابقات هو "تحدّي العائلات" من مادة تسلية فقط إلى مادة تحمل بعداً اجتماعياً. "أستاذ داوود" - كما يطلق عليه المقربون" - رأس لمدة هيئة الإذاعة والتلفزيون في المملكة، وقدم برنامجاً سجالياً على شاشتها…
 
وبعد كل هذه التجربة، يأتيك - بكل حب - ليذكرك بأهمية عشق المهنة وإدمانها كي تبقى وتلمع وتستمر وتتجدد، خاتماً حديثه قائلاً: "الموظفون يتقاعدون… أما المهنيون فيبقون أحياء بمهنتهم".
وهذا سرّ الشريان. "كبريت الصحافة" (كما يُطلق عليه)، لطالما تعامل مع اللغة العربية على أنها كائن حي. أنسن الكلمات. وهو، حين تسأله عن برامجه، يخبرك أنه جاهد لتبقى وسيلة تربط الناس ببعضهم البعض… وأن قوة المادة الموقعة باسمه، تعود إلى ضيوفه، إلى الناس أنفسهم. أما الليلة، فعصارة هذه التجربة الطويلة، ستظهر بشكل مختلف في برنامج "مع الشريان" الذي يبدأ عرضه هذا المساء على شاشة mbc1.
 
حسناً، برنامج حواري تطل فيه أسماء فنية فتيّة ومخضرمة… فما المختلف فيه إذاً؟ الجديد هو الشريان نفسه وطريقة إدارة الحوار.
 
هذه المرة، وإذا كنتَ تبحث عن "السكوبات" التي كرّستها الصحافة الصفراء، لا تتكبّد عناء تحويل الريموت صوب قناة mbc.
 
ذلك أن الشريان، وعن سبق إصرار وتصميم، سيقدم مادة مغايرة. هنا، سيطرح أسئلة غاية في البساطة، لكنها غاية في الغمق وغاية في الأهمية. أحياناً جملة صغيرة، أو حتى كلمة واحدة فقط… ستكون كافية ليغوص بعدها الضيف في أماكن غاية في الصدق… هذا البرنامج سيعيد سرد قصص أبطاله… فصول منها… محطات من الطفولة والمراهقة والبدايات وربما حتى المرحلة الراهنة، شكلت نقطة مفصلية في حياة كل ضيف من ضيوف البرنامج.
 
مع الشريان، ستسرد إليسا - بصراحتها المعهودة - حكايتها مع الزمن. هنا أيضاً، ستستحضر منى واصف هند بنت عتبة وأسعد الوراق و"أم جبل". هنا، سيخبر الشاب خالد كيف وصل ذلك الفتى الذي يجول في أزقة وهران إلى العالمية، ويتوقف تيم حسن عند بريق البدايات، وتغرق نادين نجيم في حنين الماضي، ويعود خالد الشيخ إلى طفولته في البحرين، وتدخلنا نانسي عجرم في تفاصيل مخبأة في الذاكرة، ويعود علي عبد الساتر طالباً في القاهرة، ويستعيد هاني شاكر الوقفة بين عبد الوهاب وشادية وعبد الحليم، وتستحضر سميرة سعيد تلك الطفلة التي شغلت المغرب قبل سنوات… حكايا وسيَر من الماضي والحاضر وحتى المستقبل، سيجعل داوود الشريان - المشبّع حتى التخمة من الضوء والمتحرر من عقدة نجومية مذيعي اليوم - ضيوفه يتحدثون عنها بإسهاب وصدق وأريحية…
 
صورة جديدة، انتاج جديد، تجارب جديدة سيخوضها الضيوف الذين سيزورهم داوود لإجراء الحوارات معهم… حكاية جديدة سيرويها داوود ليلة كل أربعاء (عند العاشرة مساء بتوقيت السعودية، وضيفة الحلقة الأولى إليسا / منتج منفذ: جوليانا زيدان / إخراج شربل يوسف)… أما العمل في حضرة الشريان… فحكاية أخرى!
 
@moussa_georges
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم