الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

وضع معيشيّ مقلق في عكار مع بدء الشتاء... لا كهرباء ومازوت التدفئة بالدولار (صور)

المصدر: عكار- "النهار"
التدفئة على الحطب في عكار.
التدفئة على الحطب في عكار.
A+ A-
ميشال حلاق

أكثر من 80 في المئة من أبناء محافظة عكار باتوا اليوم عند خط الفقر وما دون بفعل الانهيار المالي والاقتصادي الحاصل، وبفعل تدهور القطاعات الإنتاجية من زراعيّة وصناعيّة على حدّ سواء. وبسبب تراجع القيمة الشرائية لليرة اللبنانية أمام الدولار، وُضع أبناء المنطقة برمتها كما أبناء لبنان عامة أمام خيارات صعبة ومُرّة، قد لا تُحمد عقباها، خصوصاً إذا لم تُبادر الدولة إلى وضع حلول عمليّة سريعة لمساعدة الناس على الاستمرار.

الكهرباء مقطوعة بشكل دائم، والمحروقات تُباع بأسعار دولار السوق السوداء، ورفع الدعم عن كلّ الموادّ الغذائيّة والأدوية صعّب الأمور كثيراً على العائلات الفقيرة في هذه المنطقة الحدودية مع قدوم فصل الشتاء القارس البرودة، خصوصاً في المناطق الوسطيّة والجبليّة، حيث لا قدرة للأهالي على مواجهة هذا التحدّي .

ومستلزمات الإنارة والتدفئة باتت من الصعوبة بمكان مع ارتفاع أسعار المحروقات، خاصّة مادتي المازوت والغاز، فلجأ الأهالي إلى الحطب لتأمين احتياجاتهم على حساب غابات عكار وغطائها الحرجيّ، الذي نُكب هذه السنة أيضاً بسلسلة من الحرائق.

يقول الناشطون البيئيّون إن التعدّيات الجائرة المتمادية حرقاً وقطعاً تُنذر بعواقب بيئيّة خطيرة وغير مسبوقة، وستدفع أثمانها الأجيال المقبلة.

ويشير الأهالي إلى أنهم استبدلو كلّ المواقد التي كانت تعمل على المازوت بأخرى على الحطب، بالرغم من الأسعار المرتفعة للحطب المقطوع. لكنّهم يبرّرون خيارهم المستجدّ بسهولة تأمينه نسبة إلى المحروقات التي خرجت فاتورتها عن السيطرة من دون حسيب ولا رقيب.
 


زكريا

رئيس اتحاد بلديات جرد القيطع عبد الإله زكريا وصف الوضع الاقتصادي والمعيشي للأهالي عامة، في منطقة الساحل والوسط وفي الجرود العالية، مع بدء فصل الشتاء، بالصعب جداً والمقلق؛ فانقطاع الكهرباء الدائم، والارتفاع غير المسبوق لأسعار المحروقات وضع الأهالي أمام حائطٍ مسدودٍ ... فشهدت هذه المنطقة سلسلة من التعدّيات المتفلّتة على الغابات لتأمين الحطب بدلاً من المازوت والغاز والكهرباء لعبور مواسم البرد ومواجهة تحدّي الصقيع، ولم تنفع كلّ مناشدات البلديات الجهات المعنية الأمنية والقضائية".

ولفت زكريا إلى أن بعض تجّار الحطب قد تمّ الادّعاء عليهم أمام النيابة العامة.

ونبّه إلى أن الواقع الاقتصادي الصّعب نتيجة تدنّي القيمة الشرائية لليرة وانعدام فرص العمل، إضافة إلى الواقع الصحيّ الصّعب المتفاقم بسبب كورونا... كلّها عوامل توحي بأن الأمور ستزداد صعوبة على أغلبيّة الناس، لا سيّما ألا معالجات جدّية في الأفق .

أما وضع البلديات فصعبٌ وفق زكريا، الذي قال: "ماليّتها التي تأتي بالقطارة من الدولة مع انهيار قيمة الليرة باتت عاجزة عن مدّ يد المساعدة إلى الأهالي الذين هم بحاجة إليها".

والمعوّل عليه الآن للصمود هو ما تقدّمه الهيئات المانحة من مساعدات غذائيّة فقط... شاكراً بعض أبناء المنطقة المغتربين الذين كان لهم دورٌ مهمّ في المساعدة علاوة على التكافل الاجتماعيّ الموجود في بلداتنا وقرانا (الناس لبعضها) لتجاوز هذه الأزمة الصّعبة جدّاً فنسبة 84 من اللبنانيين باتوا على خط الفقر.
 


الشيخ

رئيس بلدية "العمايير رجم عيسى" (في منطقة وادي خالد الحدودية) الشيخ أحمد الشيخ قال: "بعد دخول موسم الشتاء، في ظلّ الوضع الاقتصادي للمواطن الذي يُرثى له، تقف البلديات عاجزة عن تقديم أيّ مساعدة للمواطن، لأن صندوق أيّ بلدية لا يستطيع تصليح عطل في مجرى صرفٍ صحيّ". وشدّد على أن هذا الوضع المتردّي "يُعرّض المجتمع لمشكلات اجتماعية كثيرة تنشب بين البلديات والمتعهّدين، الذين يُريدون أموالهم بالدولار بينما عقودهم بالعملة اللبنانية".

وتوجّه الشيخ إلى "الدولة اللبنانية كي تأخذ هذا الموضوع بعين الاعتبار، والتعويض على البلديات لتنهض بالحدّ الأدنى في تسوية تلك المشكلات"، كما توجّه إلى "الجمعيات الدولية والمحليّة للمساعدة على إتمام المشاريع أو القيام بمشاريع الضرورة".
 


الناشط البيئي عبد العزيز الزين

الناشط البيئي عبد العزيز الزين العضو المنتخب حديثاً في مجلس النواب الشباب، وهو ابن منطقة جبل أكروم الحدودية، رأى أنّ المعاناة باتت عامّة وقاسية بكلّ المعايير مع انهيار القيمة الشرائيّة للّيرة ورواتب الموظفين، وهي غير قادرة على تأمين المستلزمات المعيشية والحياتية الضروريّة التي تسعّر بمجملها بالدولار.

وقال: "يعاني أهالي جبل أكروم من انقطاع الكهرباء ومن تحكّم أصحاب المولّدات بالأسعار، التي تخطّت التسعيرة المحدّدة من قبل الدولة؛ فقرى وبلدات جبل أكروم طقسها بارد جداً، وتزداد الحاجة فيها بالمقابل إلى التدفئة، التي بات السبيل إليها صعباً، بسبب غلاء مادَتَي المازوت والغاز، ما أدّى إلى لجوء الأهالي إلى قطع الأشجار للتدفئة، ما يهدّد بمخاطر بيئيّة كبيرة جداً، إذا استمرّ الوضع الحالي من دون حلول، في ظلّ غياب الدولة شبه الكليّ حتى الآن عن تقديم المساعدة للناس.

كما أن قلة وجود المازوت وانقطاع الكهرباء الدائم أدّت إلى مشكلة أخرى، وهي قلّة سحب المياه من الينابيع، حيث المياه أصبحت شحيحة.
 
\
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم