الخميس - 25 نيسان 2024

إعلان

جبران تويني مشى في ركب الشهادة يعزّيه دنوّ ساعة قاتله

المصدر: "النهار"
الشهيد جبران تويني مع الكاتب مروان نجار في باريس.
الشهيد جبران تويني مع الكاتب مروان نجار في باريس.
A+ A-
كتب الكاتب والمنتج مروان نجّار
 
بيني وبينَ شقيقي الأصغر رمزي ما بينَهُ وبين أخيه الصغير الكبير جبران.
فرمزي المولود صيف 1952 يَصغُرُني، ولادةً، بخمسِ سنوات.
وجبران المولود صيفَ 1957 يَصغُر رمزي بمثلِها.
 
قد كانت لنا خارجَ صِلَةِ الرَّحِم أخُوَّةٌ من اختيارِنا. لذلك أراني اليومَ إن بكَيْتُ هذا رثَيْتُ ذاك، في حالة حزنٍ واحدة تتضاعَف في الزمن ولا تَضعُف مع الزمن.
كان حريًّا برمزي الذي نعَيْناهُ البارحة أن يكون هو من ينعى أخًا يَكبُرُه في السنّ، كما كان لجبران أن يَنعانا تباعًا، وقد نعَيْناه وبكَيْناهُ معًا، فأيَّةُ مفارقةٍ هذه!
قال رمزي في إحدى حلقات "حديث البلد" مجيبًا عن سؤالٍ غيبيّ حول ما بعدَ الحياة الفانية: "ما من أحد راح وأخبر".
لكنّ بعض عزائنا أن نتصوَّر.
 
جبران ورمزي هناك في دار الخـُلد. كم يَسعَدُ بهما الخالدون!
 
سبق أن تذوّقْتُ في دنيا الفناء وجودَهما معًا، "الشابّ الأبديّ" و"المارد الجميل"، يجمعان الظرافة والوسامة وحرّيّةَ التعبير وحدّة الذكاء، فكيف لمن يتذوَّقُ من اليوم إلى الأبد نعمة هذا اللقاء في كَـنَفِ النعيم؟
 
كان رمزي لا يزال يزرع ويمنّي النفس بموسم حصاد طال انتظاره، معتنقًا جدليّة التواصل الإيجابيّ بين المتناقضات، في زمن سئم خيبات الأمل وملّ خواءَ العهود وعُريَ الوُعود.
 
وفي غَفلة من عين الزمن حصدته الجائحةُ الغادرة بلا استئذان، متحدّيةً حِسَّه المرهف والدقيق بالمسؤوليّةِ والحذر.
أمّا جبران فكان للغدر المتربّصِ به شأنٌ آخر.
 
كانت البيئة قبل 15 عامًا تنزف دمًا وتذرف دمعًا وتُرهص بكلّ الأهوال.
 
خيرة الناس ابتلعهم وباءٌ أشدّ خبثًا وادّعاءً، وباءٌ كان جبران قد ناصبه العداء وتحدّاه متمرّدًا على طلب السلامة واجتناب الموت.
 
رجوته ألّا يذهب إلى بيروت كما كان عازمًا فأجابني بابتسامته ذات الغلاف الساحر والعزم "المستقيم": "هذا الوحش قضى على الكثيرين منّا وسيقضي حتمًا على غيرهم. ربّما أكون واحدًا منهم، لكنّ هزيمته اقتربت وساعته دنَت".
 
تفاءل جبران بقرب انكسار قاتلِه فلم يهَبِ الموت.
 
كأنّه... كان عندَه كلُّ شيء ولا ينقصُه إلّا شرفُ الشهادة.
 
رَدَّ للدنيا كلَّ شيءٍ وأخذَ ما كان يَنقُصُه.
 
فهنيئًا لجبرانَ شهادتُه... ولنا الشوقُ والعزاء.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم