الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

ذكرى انفجار المرفأ تجمع اللبنانيين... فرنسا لن تقدّم "شيكاً على بياض" وتحرّكات وصلاة (صور)

المصدر: "النهار"
اللبنانيون يُحيون الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ. (الصور للزميل حسام شبارو)
اللبنانيون يُحيون الذكرى السنوية الأولى لانفجار المرفأ. (الصور للزميل حسام شبارو)
A+ A-
تعود ذكرى 4 آب حاملة غضباً وحزناً وأملاً في إجلاء الحقيقة، في وقت تتّجه الأنظار إلى المؤتمر الدولي للمانحين الذي تسعى فرنسا من خلاله لجمع أكثر من 350 مليون دولار من المساعدات للبنان، على وقع انهيار حادّ لليرة مع حفاظ دولار السوق السوداء على مستوياته المرتفعة التي تخطّت عتبة الـ20 ألف ليرة.

ومع حضّ الاتحاد الأوروبي السلطات اللبنانية على "الوصول إلى نتائج عاجلة بشأن التحقيق في أسباب انفجار مرفأ بيروت"، طالب الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة نجيب ميقاتي بـ"تحقيق العدالة وإظهار الحقيقة كاملة"، وبـ"وجوب التعاون مع القضاء من أجل الوصول إلى الهدف المنشود، وإنزال العقاب بجميع الذين كانت لهم يد في هذه الجريمة بحق الوطن والشعب".
 
(نبيل إسماعيل)
 
وبعد أن انحنى أمام أرواح الضحايا الذين سقطوا "في هذا اليوم المشؤوم من عمر الوطن"، أعلن "وقوفه إلى جانب أهالي الضحايا في ما يطالبون به"، وأطلق "صرخة مدوّية (...) أنّ الوطن في خطر، وأنّ لا شيء ينقذه سوى وحدتنا وترفّعنا عن الأنانيّات والمصالح الشخصية".

بدوره، أكّد نادي قضاة لبنان "ضرورة إتمام التحقيق، وأن لا أحد فوق القانون، كما أن المساءلة حقٌّ والحصانة ليست مطيّةً للهروب من سلطان العدالة، وما سكوتُ القضاة المعنيِين في هذا السياق وعدم تسريب أيّ مواقف منسوبة لمصادر مقرّبة منهم، إلّا خيرُ دليلٍ على تسليمهم بالخضوع للمسار القضائي المتعلّق بتفجير المرفأ، وهو تصرف رجال الدولة المسؤولين والحريصين على ظهور الحقيقة. تمثلوا بهم وامتثلوا، فكفاكم تمثيلاً".
واعتبر النادي في بيان أنّه "فجأةً أَصبحَ أهلُ الحكمِ بأُمرةِ القضاة، لا يخيطونَ قطبةً دون إشارةٍ منهم. بالأمس خرج أركان السلطة ليقولوا على مسامع أهالي ضحايا جريمة المرفأ أن لا حول لهم ولا قوة أمام القرارات القضائية التي أدّت وفق روايتهم إلى التفجير، لا بل وكثرت المطالعات الهادفة إلى التفلّت من التحقيق العدلي الجاري".

وتوجه إلى أهالي ضحايا انفجار الرابع من آب بالقول: "أنتم ونحن أمامَ دسّ سمِّ الهروب من المسؤولية، في دسم إظهارِ حقيقة تفجير المرفأ، وأمامَ كلام حقّ في ظاهره يُرادُ به باطل؛ فلا حصانات أمام قدسية الدماء!!! وعدٌ من نادي قضاة لبنان أن يبقى إلى جانب المبادئ التي تأسس عليها وانطلق منها، وأن يعلي الصوتَ بوجه كلّ مستهزئ بدماء الناس وآلامهم؛ وما أمامنا سوى الالتفاف حول المحقّق العدلي بغية إحباط حملات التضليل الممنهجة التي يتعرض لها والتي كان آخرها محاولات إملاء وتوجيه وتسييس بأقلامٍ وأصواتٍ مشبوهة".
 
 
"لا شيك على بياض للبنان"
مأساة بيروت شغلت العالم وعمّقت النظرة الدولية المتشائمة حيال مستقبل البلد. وفي وقت نكست سفارة لبنان في باريس أعلامها واتشحت بالسواد في يوم الحداد الوطني وتخليداً لأرواح الشهداء، شأنها شأن القصر الجمهوري حيث نُكّست الأعلام حداداً، تنفيذاً للمذكرة الرسمية الصادرة عن مجلس الوزراء والتي قضت بإعلان الحداد الوطني واقفال الإدارات الرسمية والمؤسّسات العامة وتنكيس الأعلام في ذكرى فاجعة انفجار مرفأ بيروت، أكّد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تغريدة أنّ "لبنان يستطيع الاستمرار في الاعتماد على تضامن فرنسا".

وفي المؤتمر الدولي، تعهّد ماكرون اليوم بتقديم مساعدات طارئة جديدة للبنان بقيمة 100 مليون يورو (118.54 مليون دولار)، فضلاً عن 500 ألف جرعة من اللقاحات المضادة لكوفيد-19. وستشمل المساعدة خصوصاً القطاع التعليمي والزراعي والسلع الغذائية على ما أكد الرئيس الفرنسي عند افتتاحه هذا المؤتمر الذي يعقد عبر الفيديو ويترأسه مع الأمم المتحدة، في الذكرى السنوية الأولى لانفجار مرفأ بيروت.
 
(أ ف ب)
في السياق، أكّد ماكرون أن "المسؤولين اللبنانيين مدينين لشعبهم بالحقيقة والشفافية"، مشدّداً على أنّ "فرنسا ستساهم في إعادة إعمار المرفأ"، معلناً "مساعدة طارئة وملحّة في موضوع نشاطاته".

وأشار إلى أنّ "بلاده ستقدّم في الأشهر المقبلة مساعدات باليورو للشعب اللبناني لدعم التعليم والتربية والعائلات والتلامذة وستضاعف مساعداتها الغذائية والطبية". وأضاف: "فرنسا تبوأت مسؤوليتها كونها صديق وأفعالها بدأت منذ مؤتمر سيدر ولكننا جمّدنا مساعداتنا مقابل إصلاحات وحوكمة ولكن الإصلاحات لم تتمّ ولم يتمّ الإيفاء بأيّ التزام"، لافتاً إلى أنّه "لن يكون هناك شيك على بياض للبنان".

ورأى أنّ "لبنان يستحقّ أفضل من ذلك"، مطالباً "بتشكيل حكومة مهمّة مسؤولة للقيام بالتدابير الملحّة وذلك سيسمح للمجتمع الدولي بدعم لبنان بشكل أكبر"، موضحاً أنّ "أزمة لبنان ناجمة عن الفساد وتفكّك النظام السياسي".

من جهته، أكّد رئيس الجمهورية ميشال عون أنّ "لبنان يمرّ اليوم بأصعب أوقاته، في ظلّ معدل غير مسبوق للفقر، وجائحة كوفيد 19، ونقص حاد في الأدوية، ناهيك عن العبء الثقيل للنزوح السوري، والحصار المفروض حولنا والذي يحرم لبنان من مداه الحيوي، لذا لم يعد بإمكانه انتظار الحلول الإقليمية ولا الكبرى".

وأشار إلى "ضرورة إعادة التشغيل الكامل لمرفأ بيروت، الشريان الحيوي للاقتصاد اللبناني"، لافتاً إلى أنّ "لبنان يضع في قمة أولوياته تأهيل وتطوير هذا المرفق"، مرحباً بأيّ "جهد دولي في هذا الإطار"، موضحاً أنّه "لا بد من التأكيد أنّ المبلغ العائد لحقوق السحب الخاصة والذي سيستفيد منه لبنان من صندوق النقد الدولي في أيلول المقبل يجب استعماله بتأنٍّ وتوظيفه بأفضل طريقة لمواجهة الانهيار وبدء الإصلاحات".

في الختام، أمل عون "تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ الإصلاحات والتحضير للانتخابات النيابية بالتوازي مع بناء الثقة مع شركائنا الدوليين والتواصل مع صندوق النقد الدولي".

بالموازاة، يكتفي المجتمع الدولي حتّى الساعة في ظلّ عدم وجود حكومة وانعدام الثقة الدولية بتقديم مساعدات إنسانية عاجلة للبنانيين، من دون المرور بالمؤسّسات الرسمية، رغم تكرار السّلطات مناشدتها الجهات المانحة عدم ربط دعمها للبنان بتشكيل حكومة.
 
من جانبه، عبّر #لبابا فرنسيس عن رغبة "شديدة" في زيارة لبنان قائلاً: "بعد مرور عام على الانفجار الرهيب الذي حدث في مرفأ بيروت، عاصمة لبنان، والذي سبّب الموت والدمار، يتوجّه فكري إلى ذلك البلد العزيز، ولاسيما إلى الضحايا وعائلاتهم والعديد من الجرحى والذين فقدوا منازلهم وعملهم. لقد فقد الكثيرون أيضًا الرغبة في العيش".

وأضاف: "في يوم الصلاة والتأمّل من أجل لبنان، في الأول من تموز الماضي، قبلنا مع القادة الدينيين المسيحيين تطلعات وآمال الشعب اللبناني المرهق والخائب، ورفعنا الصلاة إلى الله نور الرجاء من أجل تخطّي الأزمة الصعبة. واليوم أناشد المجتمع الدولي أيضًا، طالبًا منهم مساعدة لبنان لكي يقوم بمسيرة "قيامة" من خلال تصرفات ملموسة. ليس بالكلمات وحسب وإنّما من خلال تصرفات ملموسة. وفي هذا الصدد آمل أن يكون مثمرًا المؤتمر القائم والذي تنظّمه فرنسا والأمم المتحدة".

وتابع "إنّ الكثيرين في لبنان، الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادّة، فقدوا إرادة الحياة. ويجب على المانحين مساعدة لبنان على طريق العودة للحياة".

كما تمنى "نجاح جهود الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لجمع مساعدات للبنان بأكثر من 350 مليون دولار في مؤتمر للمانحين، كما وجّه تحذيراً جديداً للساسة المتشاحنين".
في سياق متّصل، يستعدّ الشارع للتحرك في ذكرى جريمة الرابع من آب، ودعت قوى الأمن الداخلي إلى أن "تكون حرّية التعبير سلمية خلال التحركات التي ستقام تخليداً للذكرى السنويّة الأولى لشهداء انفجار مرفأ بيروت".

وأشارت قوى الأمن إلى أنّه "بمناسبة تنظيم تجمعات ومسيرات تخليداً للذكرى السنويّة الأولى لشهداء انفجار مرفأ بيروت المدمّر والكارثي، الذّي أودى بحياة 214 شهيدًا، وأكثر من 6500 جريح، إضافةً إلى الضرر الهائل الذي لحق بالمرفأ والمناطق المحيطة به، والآثار النفسيّة التّي لا تزال حتى اليوم تؤثّر في حياتنا".

وأضافت: "الحزن الغاضب الذّي يملأ الصدور هائلٌ وتعجز الألسِنة عن وصفه، وهو مشترك بين جميع أطياف المجتمع اللّبناني، ومنهم قوى الأمن الداخلي التي تحمل الحزن عينه، وتعاني ما يعانيه هذا المجتمع".

وشدّدت على أنّ "حريّة التعبير حقّ مقدّس لجميع المواطنين، يكفله الدستور اللبناني وترعاه المواثيق الدوليّة، على أن يبقى ضمن الأطر القانونيّة"، داعية إلى الإبقاء على سلميّة التحرّك وعدم الانجرار إلى الأعمال التخريبيّة، فقوى الأمن ستجد نفسها مضطرةً إلى استخدام القوّة المتناسبة والمشروعة لمكافحة أعمال الشغب، إن لزم الأمر".

وحضّت على "عدم التعرّض لعناصر قوى الأمن الداخلي المكلفين بحماية المشاركين بإحياء هذه المناسبة والمحافظة على سلامتهم".

في الختام، أكّدت "قوى الأمن" أنّه "لم تكن الفوضى يومًا الحلّ الأنسب للأزمات، أو علاجًا ناجعًا للشعوب الحاملة قضايا محقّة، فالالتزام التام بالقوانين والتقيّد بها، والمحافظة على السلام المجتمعي هما الحلّ الأمثل من أجل الوصول إلى الأهداف المتوخّاة".
 
بداية التحركات التكريمية كانت مع مسيرة راجلة لقوى الأمن الداخلي من ساحة الشهداء باتجاه مرفأ بيروت تكريماً للضحايا. ووضع عناصر قوى الأمن 214 وردة على نصب الشهداء، في إشارة إلى عدد الذين سقطوا في الانفجار.
 
 (حسام شبارو)
 
(حسام شبارو)
 
(حسام شبارو)
 
وأشار العميد جوزف مسلم، الذي كان في مقدمة المسيرة إلى أنّ "الورود الحمراء هي لتكريم الشهداء"، مشدداً على أنّ "مؤسسة قوى الأمن الداخلي وكل المؤسسات الأمنية والعسكرية تجسد لبنان كله، نظراً لاختلاط العناصر من كل المناطق".
 
وشدد على  أنّ "القوى الأمنية هي من الناس وتتفهم مشاعرهم وتقدرها، وتدعو دائماً للتعبير عن الغضب بكل محبة وسلام".
 
وأضاف: "القوى الأمنية مهمتها تطبيق القانون حتى النفس الاخير".
 
 
 
وفي سياق متّصل، ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها لطائفة الروم الأرثوذكس المطران الياس عودة صلاة لراحة نفس ضحايا مستشفى القديس جاورجيوس الجامعي.
 
وقال عودة: "لن نهدأ إلا عند معرفة الحقيقة ومحاسبة الذين يقفون وراء الجريمة التي وقعت في 4 آب ولا أحد فوق القانون ومن يُعيق تحقيق العدالة مجرم".
 
ولفت إلى أنّ "المسؤول الحقيقي يكون قدوة في احترام القانون وفي وضع كلّ إمكاناته في تصرّف التحقيق لكي تنجلي الحقيقة أمّا مَن يتهرّب من العدالة فهو يدين نفسه بنفسه وإن نجا من حكم الأرض فلن ينجو من عدالة السماء". 
 
وتوجّه إلى اللّبنانيين بالقول: "هذه الأرض حقّ لكم ومن واجبكم الحفاظ عليها مهما قست الظروف لأنّ هذا الليل مهما طال لا بدّ أن ينتهي ولا بدّ للنور أن يشرق من جديد وللأمل أن يُزهر في قلوبكم".
 
وأضاف: "لم نعتد الإنحناء أمام الصعوبات ولا الاندثار أمام التحديات والصحيح أنّ إيماننا لا حدّ له".
 
يُذكر أنّه سيُقام قدّاس لراحة نفس الضحايا، يترأسه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي وذلك في توقيت حدوث الانفجار العام المنصرم، بعد وصول كل المجموعات المشاركة في التحرّكات وأهالي الضحايا إلى مرفأ بيروت.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم