السبت - 27 تموز 2024
close menu

إعلان

عقب ليلة صاخبة... عودة الهدوء إلى عكار وسط انتشار أمني كثيف

المصدر: "النهار"
انتشار كثيف للجيش في عكار.
انتشار كثيف للجيش في عكار.
A+ A-
عكار - ميشال حلاق
 
 
استعادت بلدتا فنيدق وعكار العتيقة هدؤهما، بالإضافة إلى منطقتي القمّوعة والوادي الأسود اللتين كانتا على مدى الساعات الـ 36 الماضية مسرحاً لعمليّات إطلاق نار متبادل بين أبناء البلدتين، بعد خلافٍ على قطع الأشجار في خراج بلدة عكار العتيقة أدّى إلى مقتل الشاب رامي البعريني وإصابة شخصين آخرين من آل السيّد، وجميعهم من بلدة فنيدق؛ وذلك من دون أن يكون لهؤلاء علاقة من قريب أو من بعيد بالإشكال الذي حصل. وقد تبع ذلك استنفار عامّ في البلدتين، وتبادل لإطلاق النار بين المجموعتين المتخاصمتين، بالرغم من حضور الجيش والقوى الأمنيّة الأخرى، التي لم تُفلح في الحؤول دون خسارة ضحيّة أخرى، مساء أمس، هي المعاون أول المتقاعد في قوى الأمن الداخلي غازي ميتا من بلدة عكّار العتيقة.
 
والإشكالات بين بلدتي فنيدق وعكار العتيقة ليست مستجدّة، بل تدخل في تاريخ الصراع الممتدّ منذ القرن الماضي على ملكيّة منطقة القمّوعة، التي يَعتقد كلُّ طرف بملكيّتها مرتكزاً على وثائق ومستندات وضعت على طاولة الاحتكام القانوني منذ زمن، إلا أن أحكاماً قضائيّة مبرمة لم تصدر حتى اليوم، وإن صدرت فهي لم تُنفّذ.
 
ولا يبدو أن هذا الجرح المفتوح بين البلدتين الجارتين مكتوب له أن يلتئم!
 
 
يُشار إلى أن الجيش اللبناني أرسل ليلاً تعزيزات كبيرة إلى جرود القمّوعة وعكار العتيقة لحسم الأمور بشكل نهائي، وأعاد الهدؤ إلى المنطقة، مؤكّداً الضرب بيد من حديد على كلّ من يحاول إطلاق النار من جديد والعبث بأمن المنطقة.
 
وفي وقت تستعدّ بلدة عكار العتيقة لتشييع الضحية ميتا، تتواصل التعازي بالضحية البعريني في بلدة فنيدق، ومعها تتواصل حركة لجان الصلح التي شكّلت فوراً من وجهاء وفعاليات جبل أكروم وعكّار، وبذلت مساعي حثيثة لبلسمة الجراح ووقف الفتنة وتهدئة الخواطر، لحين إتمام المصالحات في الوقت المناسب.
 
وفي هذ الإطار، قام القاضي الشيخ خلدون عريمط موفداً من مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ عبداللطيف دريان بزيارة على رأس وفدٍ إلى بلدتي فنيدق وعكار العتيقة لتقديم التعازي، وسعياً لرأب الصدع وتهدئة الأمور.
 
ضمّ الوفد النائب محمد سليمان، رئيس دائرة أوقاف عكار الشيخ مالك جديدة، النائب السابق جمال إسماعيل، بالإضافة إلى العديد من رؤساء البلديات والعلماء وبعض أعضاء المجلس الإداري لأوقاف عكار والهيئات المدنية.
 
 
وكانت لمحطة الأولى للوفد في بلدة فنيدق، حيث قدّم الوفد تعازي مفتي الجمهورية اللبنانية لأهل الشهيد المهندس رامي البعريني ولكلّ أهالي فنيدق، وألقى عريمط كلمة أثنى فيها على جهود النائب البعريني والمفتي الشيخ زيد بكار ومنسّق تيار المستقبل ورئيس اتحاد بلديات الجرد عبدالإله زكريا ورئيس بلدية فنيدق الشيخ سميح عبدالحي وعلماء فنيدق وكلّ فعالياتها، الذين حرصوا على التهدئة والأمن وعلى لملمة الجراح ووأد الفتنة في مهدها.
 
كذلك أثنى عريمط على جهود الجيش وقوى الأمن الداخلي، مطالباً باسم مفتي الجمهورية بالمزيد من تعزيز الجيش والقوى الأمنية في المنطقة، شاكراً كلّ مَن تداعى إلى بلدتي فنيدق وعكار العتيقة لإعادة الوئام والمحبّة إليهما.
 
 
ثمّ توجّه الوفد إلى بلدة عكار العتيقة، حيث التقى رئيس بلديّتها محمد خليل وعلماء ووجهاء البلدة، فدعا القاضي عريمط في كلمة له إلى الهدوء والحذر من الانجرار وراء الفتنة وردّات الفعل، مكرّراً دعوة قيادة الجيش والقوى الأمنية والقضائية كافة لتأخذ دورها بالتعاون مع القضاء المختص لتحقيق العدالة ومعاقبة كلّ من تثبت إدانته؛ وذلك لبثّ الطمأنينة في عكار والوطن، لأن عكّار بكلّ بلداتها هي سياج الوطن وعماد الجيش وعمقه البشري.
 
وألقى كلٌّ من النائب محمد سليمان والشيخ مالك جديدة كلمة، فأكّدا أن جرح فنيدق أو جرح عكار العتيقة هو جرح كلّ عكار وكلّ لبنان، وأن الحكمة والعقل يجب أن يحكما أقوالنا وأفعالنا لأن فنيدق وعكار العتيقة هما من البلدات العكاريّة التي نعتزّ بها وبعطاءتها للوطن ولعكار، خصوصاً للمؤسستين العسكريّة والأمنية.
 
إلى ذلك، صدر عن بلدية فنيدق وفعالياتها الرسمية والمدنية بيان جاء فيه: "بفضل الله أولاً ثم بفضل الجهود التي بذلت من جميع المخلصين الغيورين من أبناء عكار والشمال وكل لبنان وذلك من أجل وأد الفتنه بين فنيدق وعكار العتيقة،البلدتين الجارتين المتلاصقتين والتي تجمعهما هموم وقضايا مصيرية مشتركة. ونخص بالشكر وفد جبل أكروم الأشم الغالي على قلوبنا جميعاً حيث دخلوا براياتهم البيضاء في ساحة القتال واستطاعوا نزع فتيل الفتنه وتم ذلك برغبة من الطرفين المتنازعين وهم يدركون بأن هذا الاقتتال ليس لصالح أحد. والشكر الموصول لقيادة الجيش وكافة الأجهزة الأمنية التي واصلت الليل بالنهار من إجل إيقاف هذه الفتنه ودخلوا ساحة المعركة بترحيب من الجميع  لأن الجيش هو صمام الأمان لبقاء هذا الوطن". 

وتابع:  "والله وحده يشهد أننا لسنا مع هذه الفتنه وبذلنا أرواحنا من أجل حماية الذين حجزوا وهم 7 من أبناء جارتنا عكار العتيقة وتم تسليمهم  للجيش اللبناني والموقوفون  شاهدوا بأنفسهم  كل ماحصل من أجل حمايتهم وعودتهم إلى أهلهم سالمين رغم أن الضحية البريء الشهيد الشاب المغدور (رامي البعريني) كان قد فارق الحياة  متأثراً بقنص متعمد  وشدينا على الجراح  وأهل الشهيد أخذوا موقف الشجعان وقالوا البريء ليس هدفنا لأنه ليس من مبادئنا أن نقتل أو نظلم بريء وسلموا أمرهم للقضاء المختص لأخذ حق شهيدهم وأهل الحل والقعد في البلدة". 

وأضاف: "ورغم كل ذلك كانت أصوات التهدئة هي سيدة الموقف عند الحكماء والعقلاء من أهلنا في البلدة 
كما ويؤسفنا مقتل المرحوم (غازي ميتا) من بلدة عكار العتيقة متأثراً بجراحة والتي أيضاً ألمت كل إنسان يؤمن بأن الروح هي ملك لله فلا يحق لأحد أن يزهقها مهما كانت الظروف وكل ماحصل ويحصل هو بسبب التقصير المتعمد من الدولة اللبنانية منذ عشرات السنين بحق الشمال ومحافظة عكار بالذات وعدم تمكين القضاء المختص من إصدار الحكم  بين البلدتين وذلك بسبب تسييس القضية وبقاء الفتنة لصالح أناس لا يخافون الله ولا يخافون على دماء الأبرياء التي سقطت بسبب شجعهم ووطمعهم. وفسادهم ولا يهمهم من قتل أو مات لأن ضمائرهم ماتت عن كل إحساس إلا عن الفساد".

وختم: "نسأل الله أن يلهمنا جميعاً حسن التصرف في القول والعمل ونكرر الدعوة إلى استخدام العقل والحمكة في جميع الأحوال  واللجوء إلى القضاء العادل هو الأساس آملين من الجميع عدم تكرار ماحصل وأن نحذر من الأصابع الخفية التي تريد الفتنه وإشعالها من عكار  لتعم كل أرجاء الوطن ونحن لن نكون وقودها  لأن الوطن غالي ولا يباع بثمن  والمرتزقة تجار الفتنه ليس لهم مكان ولا ثمن إلا الخزي والعار والخيانة وهم ليسوا منا ونحن لسنا منهم".
 
 
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم