مؤتمر التقدّمي: جنبلاط "يواجِه وجوديّاً" و"لا إصلاح دون سيادة"

في لغة الأمكنة المعبّرة عن ذاتها والتي بدت متجانسة مع فحوى المناسبة وعناصرها الرئيسيّة المجتمعة في أحرف جسّدت عنوان "لا إصلاح دون سيادة"، ارتدت المدينة الكشفيّة في عين زحلتا زيّ استكمال مسار مرحلة بدأت عام 2005 وصُنّفت في خانة أصعب النضالات على وقع الاغتيال تلو الاغتيال، وفق ما يستخلص من مضمون التعابير المنبثقة عن رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط على مسمع ما يقارب ثلاثة آلاف شخص نسجوا بحضورهم رداء الساحة الذي تمايل إنصاتاً وتفاعلاً على وقع هواء استعادة محطات حقبات ماضية، انطلاقاً من المصطلحات المنتقاة في كلمة جنبلاط، والتي بدا أنّه أراد تطريزها بـ"بيوغرافيا" سرديّة من عمر التحديات التي واجهها منذ انطلاق مسيرته السياسية، والتي لا تزال رياحها عاتية في زمن إطلاق الوثيقة السياسية للحزب التقدمي في مؤتمره العام الثامن والأربعين. وتطلّ الصعوبات مرتديةً حلّةً أكثر قتامة عام 2021، حيث رسمت المناسبة أسئلة مصيريّة - وجوديّة في صراع البقاء اللبنانيّ وامكان نقش مزيد من بصمات الحضور في حجارة المكان العتيقة المشكّلة جسم ساحة المدينة الكشفيّة على تخوم محميّة الأرز، إذ يعقد المؤتمر في مرحلة هي الأدق في التاريخ الحديث للبنان، معطوفة على تطوّرات دراماتيكية مفصلية عصفت بالمنطقة العربية والعالم في العقد الأخير، وفي خضم المواجهة المستمرّة مع جائحة وبائية هزّت البشرية جمعاء، وعلى أبواب العديد من الاستحقاقات الأساسية المستقبلية التي ينتظرها اللبنانيون على قارعة الأزمات التي أثقلت حياتهم وكبّلتها، وفق ما عبّر السرد الذي تضمنّته مقدّمة الوثيقة السياسية. من على منصّة مبنيّة على حدود علمين - لبنانيّ واشتراكيّ - متّكئين على حجارة سور الساحة، بنى جنبلاط محطات كلمته حجراً حجراً منطلقاً من اللحظة التي "ألبسني الشيخ محمد أبو شقرا عباءة زعامة المختارة، وذلك وفق التقليد العشائري في يوم وداع كمال جنبلاط، وعندما انتخبت رئيساً للحزب التقدمي الاشتراكي ولاحقاً رئيساً للحركة...