الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"التيار" قلق من مرحلة ما بعد عون... هل يخسر وزارة الطاقة؟

المصدر: "النهار"
جاد ح. فياض
جاد ح. فياض
العتمة في لبنان.
العتمة في لبنان.
A+ A-
انتهى عهد رئيس الجمهورية ميشال عون، ومن المرتقب أن ينحسر كذلك نفوذ "التيار الوطني الحر" الذي يُراقب المرحلة المقبلة بحذرٍ وقلقٍ وتخوّفٍ من إنتاج سلطة سياسيّة لا نفوذ له فيها، فتعمد إلى تصفية الحسابات، وسط ساحة تتميّز بتوتّر علاقة التيار فيها بمعظم الأطراف السياسيّة، باستثناء "حزب الله".
 
وانطلاقاً ممّا ذُكر، ثمّة سؤال يطرح نفسه إن كان "التيار الوطني الحر" سيخسر ما حصده في السنوات الأخيرة من محاصصات ومكتسبات؟ وما مصير قطاع الكهرباء بعد انتهاء العهد وفشل كافة الخطط وصولاً إلى صفر تغذية؟ وهل تُسحب وزارة الطاقة والمياه من "التيار الوطني الحر" مع العهد الجديد، الذي قد لا يكون رئيسه موالياً لعون وتياره؟
 
التيار "مستميت" للبقاء في "الطاقة"
المتخصّص في ملف الكهرباء محمد بصبوص يُشير إلى "استماتة" التيار الوطني الحرّ في الحفاظ على هذا المرفق العام ضمن حصّته، وبرز ذلك في المحاولة الأخيرة لتشكيل الحكومة، حينما أصرّ عون على التمسّك بوليد فياض وزيراً للطاقة استكمالاً للمسار الذي ابتدأ في العام 2008، وما يزال يُبت فشل الإدارات المتعاقبة.

وفي حديث لـ"النهار"، يلفت إلى أن "بقاء وزارة الطاقة في عهدة التيار سيكون رهن موازين القوى في المرحلة المقبلة، ورهن هويّة رئيس الجمهورية الجديد. لكن ممّا لا شكّ فيه أن "التيار الوطني الحر" سيستميت مجدّداً للمحافظة على هذه الوزارة، وقد يلجأ إلى التعطيل". لذلك يحذّر بصبوص من أن "نجاح التيار في محاولات الاستحواذ على الوزارة سيعني الاستمرار في السياسات نفسها، التي تفتقر لأيّ إصلاح، وبالتالي ستبقى الكهرباء مقطوعة عن اللبنانيين"، مذكّراً بأنّ "الواقع الذي وصلنا إليه اليوم كنا قد حذّرنا منه سابقاً، وما نحذّر منه اليوم سيكون واقعاً في المستقبل".

وهنا، يشدّد على أن الإصلاح يشترط خروج التيار من هذه الوزارة، لأنّ المغامرات التي خاضها في هذا المجال كانت كافية للوصول إلى صفر تغذية وعجز ماليّ كبير. وهذه المغامرات تمثّلت باستقدام البواخر المرتفعة التكلفة، وإنشاء السدود عديمة الجدوى، وهنا نسأل: "ما خلّوهن ينفّذوا الإصلاحات، لكن "خلوهن" يقوموا بكلّ المغامرات الفاشلة"؟

خريطة الطريق
أما عن خريطة الحلّ المطلوبة لإعادة القطاع إلى سكّته الصحيحة في حال تبدّل مرجعيّة الوزارة السياسيّة، فيقول بصبوص إن "مسار إطلاق الإصلاحات ينصّ على إعادة الاستقلالية المعنوية والمادية لمؤسسة كهرباء لبنان لخروج الأخيرة من وصاية وزارة الطاقة، وإعادة هيكلة المؤسّسة لتقوم بواجباتها، منها تأمين الكهرباء وتحسين الجباية، وذلك بالتوازي مع تخفيض الهدر الفنيّ وغير الفنيّ، وتعيين الهيئة الناظمة، ثمّ التواصل مع الخارج لتقديم المساعدة بعد البدء بإصلاحات. 

بالأرقام: فشل التيّار في وزارة الطاقة
لا خلاف على أن تجربة "التيار" كانت فاشلة في وزارة الطاقة، بغضّ النظر عن ذريعة "ما خلّونا"، والأرقام توضح حجم الخسائر في هذه الوزارة منذ أن تسلّم هذا الفريق السياسيّ هذه الوزارة. وفشل التجربة لأكثر من 10 سنوات على التوالي يحتّم إطلاق تجربة جديدة.

يؤكّد بصبوص فشل التيار في إدارة ملف الكهرباء بالأرقام، ويقول "تمّ تسجيل نسبة عجز في مؤسّسة كهرباء لبنان تٌقدّر بـ73,79 في المئة بين العامين 2009 و2019، وهي فترة تولّي التيار هذه الوزارة، من إجمالي العجز بين السنتين 1992 و2019، فيما 26,21 في المئة كانت قد سُجّلت من العام 1992 حتى العام 2009".
 
ويتابع في هذا السياق: "إن حجم العجز في الفترة التي تولّى فيها التيار الوزارة حتى العام 2019 زاد عن 32 مليار دولار، فيما حجم العجز بين العامين 1992 و2009 كان 8,5 مليارات دولار فقط"، مع ضرورة الإشارة إلى أن ساعات التغذية قبل العام 2009 كانت أفضل ممّا بعد هذا العام، وفي العام 2022، وصلنا إلى صفر تغذية.

يؤكّد أيضاً أن مبلغ الـ32 مليار دولار قد زاد في السنوات الأخيرة، ووَصل إلى 45 مليار دولار حتى العام 2022، مع احتساب الفوائد، فيما الأرقام التي يعرضها التيار، والتي تتحدّث عن عجز 20-23 مليار دولار، ليست حقيقيّة ولا تحتسب حجم الفوائد أساساً.

إلى ذلك، يُضيف بصبوص أن نسبة الهدر (التقني وغير التقني) بلغت 55 في المئة حتى العام 2021. ولكن هذه النسبة زادت بشكل كبير، وهي تقارب الـ70 في المئة، وفق مصادرنا في داخل مؤسسة كهرباء لبنان، مع العلم أن المسؤولين في "كهرباء لبنان" يتشدّدون في تسريب أيّ أرقام في هذا الصدد.

التعرفة
قبل فترة، تمّ رفع تعرفة الكهرباء، وذلك بهدف زيادة مداخيل المؤسّسة لإضافة ساعات تغذية. هنا، يُشير بصبوص إلى نقطتين أساسيّتين: أولاً، كيف تتمّ زيادة التعرفة لزيادة الإنتاج في ظلّ الهدر الحالي؟ كلّ زيادة في الإنتاج ستقابلها زيادة في الهدر، والأجدى إطلاق الإصلاح وخفض الهدر قبل رفع التعرفة؛ وثانياً، على أيّ أساس ستتمّ الجباية في ظلّ وجود متأخّرات؟ بعض المواطنين يدفعون فواتير عن أعوام سابقة مضت، فهل تزداد قيمة هذه الفواتير؟

وفي هذا الإطار، يُشدّد بصبوص على أن رفع التعرفة يجب أن يُستبق بتخفيض الهدر وتحسين الجباية، لافتاً إلى أن "الهدف من زيادة التعرفة تسديد الديون المستحقّة على مؤسّسة كهرباء لبنان لصالح مقدّمي الخدمات والمورّدين وغيرهم، علماً بأنّ هؤلاء لا يقومون بواجباتهم فيما قيمة عقودهم مرتفعة جداً، وتُدفع بالدولار الأميركيّ".

المساعدات من الخارج رهن خطوة
وعن المساعدات الخارجيّة لهذا القطاع في المرحلة المقبلة، يرى بصبوص أن "أي طرف خارجيّ لن يقدّم أيّ مساعدة قبل بدء الإصلاحات، وهذا الأمر ينسحب على البنك الدولي أيضاً، الذي كان قد عرض المساعدة في ملفَّي استجرار الكهرباء من الأردن والغاز من مصر".

ويعتبر أن التذرّع بالسياسة و"الحصار" ما هي إلّا حجج واهية لأنّ أولياء هذه الوزارة لم يقوموا بأيّ إصلاح، ويؤكّد بأن "أيّ طرف سيُساعد لبنان يُريد أن يضمن أنّه سيحصل على أمواله في المستقبل؛ فهذه الأطراف ليست جمعيّات خيريّة، ولا توزّع أموالها بعشوائيّة.

فشل تجربة التيار في وزارة الطاقة يستدعي تجربة جديدة تتمثّل بنقل المرفق العام إلى فريق سياسيّ آخر يُقارب الملف بنظرة مختلفة، تكون قائمة على العلم لا على السمسرات، إذ إن نجاح الملف لا يتوقّف على توزير اختصاصيّ، لأن الوزراء الذين تمّ توزيرهم في الفترة الأخيرة لا يفتقدون الخبرة أو المعرفة، لكن الوصاية السياسية كانت السبب، وبالتالي الإصلاح والنجاح هو قرار سياسيّ لا تقنيّ.
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم