الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

رسائل إلى صديق هناك: من النأي بالنفس إلى النأي عن النفس

المصدر: "النهار"
Bookmark
السياج الشائك أمام كلمة لبنان (تعبيرية - نبيل إسماعيل).
السياج الشائك أمام كلمة لبنان (تعبيرية - نبيل إسماعيل).
A+ A-
جواد عدرا الصديق العزيز،كتبت تسأل عن حظوظ حكومة الرئيس ميقاتي بالنجاح وهل ستكون أفضل من حكومة الرئيس حسان دياب؟ كيف يا ترى "نحدّد النجاح"؟ وفقاً لما يقال لنا، علينا أن نفرح لأنّ مجرّد تشكيل الحكومة هو نجاح. هل سعر الدولار والبنزين والمازوت والدواء وهل ساعات الكهرباء ومدى توفّر وسعر هذه المواد من المقاييس؟ هل تناسي الخراب الذي حدث عمدًا أو جهلًا وتبديد ثروة الأجيال من النجاحات؟ حكومة مهمّتها التوقيع مع صندوق النقد الدولي، بعد أن تمّ تفخيخ ذلك آبان حكومة دياب، وإجراء الإنتخابات بناء على قانون هجين لا يضع مدماكا في بناء الدولة المدنية، أي نجاح في ذلك؟ لقد دُمّرَ المجتمع فإذ بذهنيّة صراع البقاء تسيطر فيهاجر مَن يهاجر ويُهمّشُ الملايين وينقرض من لا يتكيّف مع الوضع ويكون البقاء للأقوى، والأقوى هنا القوى السياسيّة وقوى المال المتحالفة معها. هل تنوي الحكومة التصدّي لهذه الحالة؟ طبعًا لا، فهي نِتاجها، وفي بيانها الوزاريّ ما يثبت ذلك. وقد رحّبت جمعية المصارف بقدوم الحكومة داعية إياّها للمبادرة "فوراً إلى تطبيق التزاماتها بحسب بيانها الوزاري... وإطلاق المفاوضات لإعداد سداد الالتزامات". لاحظ أيّها الصديق لهجة التمنّي تُغلّف لغة الحزم والأمر. هل سمعت من مصرفيًّ واحد أو سياسيًّ أنّه أخطأ؟ قام الجميع بالنأي بالنفس ومارست جميع الحكومات هذه السياسة. نأينا بتلك النفس عن التصدي لكارتيلات النفط والدواء والمستلزمات الطبيّة والطحين، ونأينا بالنفس عن كارتيل المصارف والعقارات، ونأينا بالنفس عن مليون ونصف مليون نازح سوري يدخلون لبنان، معظمهم لم يتم تسجيله. ونأينا بالنفس عن استيراد العمالة الرخيصة وتصدير شبابنا الى الخارج، ونأينا بالنفس عن عمليّات النهب المنظّم لمقدّرات المجتمع، ونأينا بالنفس عن الجامعة...
ادعم الصحافة المستقلة
اشترك في خدمة Premium من "النهار"
ب 6$ فقط
(هذا المقال مخصّص لمشتركي خدمة بريميوم)
إشترك الأن
هل أنت مشترك؟ تسجيل الدخول
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم