مبادرة النقابة بين المسعى والهواجس المشروعة

لعلّها مشروعة وقابلة للنقاش، كلّ الهواجس المتداولة  في المقلب المعارض لعنوان واسع كالمطالبة بقانون انتخاب خارج القيد الطائفي الذي عبّرت عنه "المبادرة الإنقاذية الوطنية" المنطلقة من نقابتي محامي بيروت وطرابلس، رغم أنّ حديث القلب لا يمكن أن يكون إلّا مع مساعٍ وإيمان بفكرة دولة حلم وفكر نظيف ومتجرّد من الاعتبارات الضيّقة؛ لكن المحاذير تعود لتذكّر بمشهدية تحيّة المناطق اللبنانية إلى بعضها البعض في صبيحة ثورة، قبل أن ينتهي المشهد إلى مواجهات شارعية طائفية الطابع على حدود خندقٍ غميق. وترسم الأسئلة المطروحة في المجالس المعارِضة سلسلة علامات استفهام مردّها إلى الطريقة التي ستقارب فيها الفئات اللبنانية قوانين انتخاب من هذا النوع، وإذا ما كانت ستفكّر حقّاً في لبنان السرمديّ أمام صندوق الاقتراع، أم سيظهر أمام عينها حجم قطعة قالب الحلوى التي يتيحها الاستحقاق الانتخابيّ لبيئتها المذهبية أو الحزبية؟ ويحتّم حديث العقل أخذ الهواجس في الاعتبار ليس من باب أن ينتخب كلّ مكوّن نوّابه، فالقانون الحالي أدّى هذه المهمّة وأنتج أكثرية نيابية أوصلت البلاد إلى الخراب واقترفت سياستها - ولا تزال - هجرة جماعية ذكّرت بهجرة اللبنانيين إثر إطلاق العثمانيين "النفير العام" على تخوم الحرب العالمية الأولى؛ إلّا أنّ الرهان على القانون الحالي نفسه يأتي من باب قدرته على قلب الطاولة بعد تبدّل المزاج الشعبي بعيد الانتفاضة والتعويل عليه...