الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

"Beirut 6:07" يذكّر العالم بمجزرة مرفأ بيروت... "الضحايا في قلوب أحبّائهم" فهل تُفتح الطريق إلى العدالة؟ (صور)

المصدر: "النهار"
إسراء حسن
إسراء حسن
مرفأ بيروت (نبيل اسماعيل).
مرفأ بيروت (نبيل اسماعيل).
A+ A-
يتلقّى لبنان المبتلي بين الفينة والأخرى رسائل معنوية تمدّه بجرعة من الأمل المفقود، وتؤكّد له أن لا بدّ أن يستجيب القدر ويعود إلى شبابه. "خبرية حلوة" تلقّاها لبنان بترشيح سلسلة الأفلام اللبنانية "Beirut 6:07" ضمن قوائم جائزة "إيمي الدولية"، عن فئة "أفضل مسلسل قصير" منافساً ثلاثة أعمال أخرى من البرازيل وإسبانيا ونيوزيلندا. هي صرخة سينمائية ضد المسؤولين عن جريمة انفجار المرفأ في الرابع من آب في ظل استمرار عرقلة مسار العدالة وإصرار أهالي ضحايا هذه الفاجعة على النضال وفاء لأرواح أبنائهم التي أُزهقت من دون أي ذنب.
 
عُرض المسلسل العام الماضي بمبادرة تطوعية من 15 مخرجاً أرادوا تخليد أسماء ضحايا وجرحى انفجار المرفأ، حيث جسّد هؤلاء روايات من أحداث حقيقية قبيل الانفجار وبعده، تولّت إنتاجها شركتا "بيغ بيكتشر ستوديوز" و"مجموعة اي ماجيك"، وعُرضت على منصة "شاهد VIP".
وحيث إنّ 22 تشرين الثاني سوف يشهد إعلاناً عن الفائزين في حفل كبير ستقيمه الأكاديمية في نيويورك، يُجمع صنّاع العمل على أنّ مجرّد ترشيحه يعتبر خطوة كبيرة لإيصال معاناة الشعب اللبناني إلى العالم.
 
 
 
"ذاهبون مكسورين ولكن"
 
لمازن فيّاض توصيف واقعيّ بعد ترشيح المسلسل لهذه الجائزة العالمية، ويقول: "للأسف، نحن كسينمائيين كنّا نطمح للوصول إلى هذا النوع من الجوائز العالمية بعمل آخر، لكن أن نصل إلى هذه المرتبة اليوم ونحن مكسورون تغمرنا مشاعر مليئة بالتساؤلات: هل نفرح؟ على ماذا نفرح؟ إذا ربحنا الجائزة اليوم، هل سنتمكن من إعادة الضحايا إلى أحضان أحبّائهم؟". ويتابع: "ذاهبون مكسورون، ولكن الإيجابية تكمن في نجاح الوجهة التي رسمناها عندما انطلقنا بهذا المشروع التطوّعي. ويفنّد عرّاب العمل المنتج ومخرج فيلم "عباس وفضل": "نريد صوتاً يصل إلى المجتمع الدولي وأشخاصاً يدعمون اللبنانيين بعد انعدام الثقة بوجود دولة قادرة على حضن شعبها"، مضيفاً: "أردنا من خلال هذا العمل كتابة تاريخ لبنان بصورة صحيحة، فلا ثقة حتى في تأريخ المراحل التي حصلت". أما الهدف الأسمى بالنسبة لفيّاض، فيكمن في تمجيد ذكرى الضحايا وإعطائهم الصفة الصحيحة لاغتيالهم، ويقول: "هذا ما استفزّنا، كان علينا أن نروي قصصهم ونتعرّف إلى حياتهم اليومية، فهؤلاء قُتلوا ولم يستشهدوا دفاعاً عن قضية ما"، مؤكداً أنّ "ما بدأناه لا نستطيع التوقف عنده".
 
 
"السينما حاضرة لأجل العدالة"
 
أما بالنسبة للمخرج إميل سليلاتي، فخبر ترشيح العمل كان مفاجئاً، ويقول: "الأفلام التي قدّمناها بوجع تعني لنا الكثير، وشكّل تنفيذها بعد وقت قصير على وقوع الانفجار علاجاً للألم". ويلفت سليلاتي إلى أنه "في ظل غياب الدولة والقضاء، يشعر المرء أنّ السينما حاضرة للنطق والهتاف لأجل العدالة "التفتوا إلى هؤلاء واسمعوا أوجاعهم".
 
رمزية الترشح هي الأهم: "بات لدينا أمل بأن يحرّك هذا الصوت شيئاً ما على الصعيد العالمي". أراد سليلاتي عبر فيلمه "عازفة البيانو" أن يشيع الأمل: "استوحيت من عازفة البيانو مي ملكي هذه الروح وقدّمت قصتي، لقد رفضت أناملها الدمار المستمر في حق بيروت وأبنائها. أحبّ هذا البلد مع كل مشاكله، ونحن نجرب في ما نفلح به أن نبقى، إذا فلّينا سيبقى البلد للزعران".
 
 
"خبرية حلوة"
 
وتصف المخرجة كارولين لبكي ترشيح العمل بـ"الخبرية الحلوة أمام كل الإحباط الذي نعيشه في حياتنا اليومية، تنفّسنا الصعداء لوهلة". وتعتبر أنّ هذه "السلسلة لا تدعو الخارج إلى رؤية ما يفعله المخرجون اللبنانيون، بل هي فرصة ليرى العالم عيّنة عن قصص معاناة اللبنانيين". وتتابع: "بعيداً عن احتمالية الفوز بهذه الجائزة، يكفي أن يشاهد آلاف الناس ما أصاب بيروت وناسها".
 
تغالط مخرجة فيلم "175" من انتقد توقيت خروج هذه الأفلام بعد فترة قصيرة من وقوع الانفجار: "رأيتُ أنّ المشاعر الحامية أثناءها لا يجب كبتها. أنا من الأشخاص الذين دُمر منزلهم في الجمّيزة، وكنت أجسد الرواية ليس بوصفي مخرجة، إنما كمصابة أيضاً. خسرنا مادياً، لكن هناك من خسر أحباءه، وقد أتت هذه الأفلام من ألم شعرنا به وأردنا ترجمته بما نفلح به". 
 
وتقول لبكي عن قصة الفيلم: "لم يغب عن بالي الفيديو الأخير لأبطال فوج الإطفاء. تمعّنت ببراءة هؤلاء وهم يؤدّون واجبهم من دون أن يعلموا مصيرهم، فترجمت التمنّي بسؤال: "ماذا لو؟". نعم رفضت حقيقة ما حصل معهم وأردت أن أخبر قصتهم كما تمنيتها لو كانت".
وتتابع: "سأعود إلى بلدي بعد وضع مولودي ولن يوقفنا طابور الذل على المحطات وانقطاع الكهرباء عن إخبار المزيد من قصص أوجاع اللبنانيين".
 
 
"يكفي الترشيح"
 
ويعتبر مخرج فيلم "ميرا" لوسيان بو رجيلي أنّ ترشيح المسلسل وساماً على صدر السينما اللبنانية التي أثبتت في أكثر من مرة أنها قادرة على التواجد رغم غياب الدعم من خلال تقديم نوعية تضاهي أهم صناعات الأفلام في العالم". ويضيف: "بكل أسف، شهدت قضية انفجار المرفأ تراجعاً في تسليط الأضواء عليها عالمياً بعد مرور سنة وشهرين على وقوعها، والعالم الذي تابع الحدث الإجرامي حينها بات بعيداً نوعاً ما عن الاهتمام بمستجداتها، لذلك يأتي ترشيح المسلسل بمثابة تذكير للمجتمع الدولي، وسيدفع الكثير من المهتمين لطرح تساؤلات: ماذا حصل لهذه القضية؟ ولماذا توقّفت عند هذه النقاط؟ ولماذا لم يحاسب بعد المسؤولون؟".
 
يقول بو رجيلي: "نخوض اليوم حرباً لأجل هذه القضية، وقد يفتح لنا هذا الترشيح الباب لمحاسبة المسؤولين الذي يسببون لنا الأذى"، ويضيف: "ما يعني لي أنه تم اختيار هذا المسلسل من بين عشرات آلاف الأعمال في العالم، ولم يعد الفوز ضمن أولوياتي".
 
 
"المنافسة ليست سهلة"
 
أما الممثل فادي أبي سمرا المشارك في فيلم "تروبيل" للمخرج كريم الرحباني فعلّق على الترشيح: "بكبّر القلب"، ويضيف: "تلقّيت الخبر من كريم الرحباني، ما أعطانا الأمل بالمضي قدماً في رسالتنا حيث يكفي مجرد ترشيح العمل لأنّ المنافسة ليست سهلة". ويتابع: "الكارثة التي تم توثيقها وتجسيدها تعطي اندفاعاً للشباب ليعبّروا عن معاناتهم بالطريقة التي يبرعون بها".
يقارب أبو سمرا مجموعة الأفلام القصيرة التي قدّمت في المسلسل بمشاعر الرسام الذي يرسم لوحة أو الشاعر الذي يكتب قصيدة، ويوضح: "اختار صنّاع العمل يوميات هؤلاء الضحايا بأمانة وبساطة، وعبّروا سينمائياً عن مشاعرهم المتألّمة".
 


الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم