السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

خالتها كانت الأمّ الحاضنة لتحمل ابنها بعد أن وُلدت من دون رحم... الحبّ في أروع تجلّياته!

المصدر: النهار
صورة تعبيرية.
صورة تعبيرية.
A+ A-
أن تحبّ من دون مقابل هو أسمى أنواع الحبّ، قصص كثيرة جسّدت هذه التضحية العظيمة ولخّصت معنى الأمومة والعطاء اللامتناهي، وقصص أخرى لم نكتشفها أو رفض أصحابها روايتها، برغم أنّها تبعث الأمل لأقصى حدود، وتؤكّد أنّ أمام الحبّ لا وجود للمستحيل.
 
قد تبدو الحياة لغزاً يصعب حلّه، أو رحلة مليئة بالاختبارات والمغامرات، تدفع ثمن خياراتك نجاحاً أو إخفاقاً، سعادة أو انكساراً، ومع ذلك تتعلّم في كلّ مرّة معنى أن تعيش في هذا العالم المحكوم بالقيود والأحكام المسبقة ونظرات مجتمع الذي لا يتعب.
 
هي قرّرت أن تهب الحياة مع أنّها لا تعيش في داخلها، لم يكن جسدها يحمل في داخله رحماً كباقي الفتيات، ولم تكن تعرف هذه الحقيقة إلّا بعد أن انتظرت دورتها الشهرية التي لم تأتِ قط.
كانت زينة (اسم مستعار)، 28 عاماً تُصارع أحلامها ورغبة الأمومة التي تجتاحها بصمت، كانت تتوق لتعيش هذه اللحظة وهي تدرك أنّها عاجزة لأنّها وُلدت من دون رحم. طبيّاً، يستحيل على زينة أن تنجب إلّا إذا خضعت لزرع رحم.
 
كانت خياراتها شبه محدودة، ومع ذلك لم تستسلم، شيء ما في داخلها يحثّها على أن تتحلّى بالصبر والإيمان. عاشت زينة قصّة حبّ جميلة توّجتها بزواج انتصر على كلّ الحواجز والمعوّقات. لم تُخفِ زينة حقيقتها على شريك حياتها، لقد أخبرته بوضعها ولكنّه أصرّ على الزواج بها وكتابة فصول حبّهما حتى النهاية. كان حبّهما أقوى من كلّ شيء، وتمسّكا به في حياتهما الزوجية.
 
ترعرعت زينة في كنف عائلة غمرتها بالحبّ والعطاء، كانت متعلّقة بوالدتها وخالتها التي ستكون بطلة حكايتها. وقفت مذهولةً أمام تضحياتها تتخطّى بلهفتها كلّ ما يعيق طريقها، فكيف إذا كانت طريق السعادة المؤدية إلى قلب ابنة شقيقتها؟
 
اختبرت زينة وجه العطاء اللامحدود واختبرت خالتها وجه الأمومة، كلتاهما انغمستا في عالم أكثر إنسانية لولادة طفل أصبح يمثّل الحياة كلّها.
 
عندما دخلت زينة إلى عيادة الطبيب النسائيّ كانت تعرف أنّ خياراتها شبه معدومة ومحدودة جدّاً، ومع ذلك كانت تتمسّك بالأمل، لكنّها لم تتوقّع أن تسمع أنّ "الأمّ الحاضنة" ستكون خلاصها لتحقيق أمومتها، وأنّ خالتها العزباء (43 عاماً) ستختبر معها هذا الشعور.
 
 
 
استمعت زينة بكلّ حواسها إلى اقتراح الطبيب، لم يخطر ببالها يوماً أو تفكر للحظة بأنّها قد تحقّق حلمها بمجرّد أن تجد من تحمل في أحشائها جنينها هي. بكت، تشجّعت وتجرّأت على الإقدام على هذه الخطوة، استرسلت في الحلم وها هي اليوم على مشارف تحقيقه. لم يكن خيار الأمّ الحاضنة صعباً، وكان من البديهيّ كما سيظنّ كثيرون أن تكون والدتها هي الشخص المختار، إلّا أنّ الأخيرة عاشت نعمة الأمومة وكانت خالتها مستعدّة لاختبار هذه النعمة ولعيش هذا الشعور.
 
اجتازت زينة وخالتها مرحلة التحضيرات، فخضعت زينة لعلاج تحفيزي للإباضة، ومن ثمّ لسحب البويضات منها، فاستغرقت نحو 12 يوماً في حين استغرقت خالتها نحو الأسبوعين لتحضيرها ابتداءً من اليوم الثاني من الدورة الشهريّة.
 
اجتازا المرحلة من دون صعوبات وتكلّلت المحاولة بالنجاح، وهكذا بدأ الجنين يكبر في أحشاء خالة زينة حتى مضت الـ9 أشهر وحان وقت الولادة. كانت زينة ترى جنينها يكبر شهراً بعد شهر، وكانت خالتها تلمس مشاعر الأمومة التي تنمو في أحشائها، ومعاً حققا ما كان يبدو مستحيلاً.
 
بعد طول انتظار، وبعد سنوات من الحلم، أعطت خالتها الحياة لزينة بولادة طفلها وأعطت زينة الفرصة لخالتها بأن تعيش حلم أمومة موقّتة.
 
مرّ سنتان على ولادة الطفل وتتشارك زينة مع خالتها ووالدتها في تربية الطفل الذي أصبح كلّ حياتهما، نجحتا كلتاهما في تجسيد الحبّ اللامشروط، وهما يزرعان في حياة الطفل كما في حياة محيطهما معنى التفاني والتضحية والعطاء.
 
هذه القصة هي واحدة من قصص كثيرة ما زالت مخفية خوفاً من المجتمع وأحكامه، بعضنا سمع قصّة مشابهة ولكنّها بقيت مكتومة داخل المنزل حتى لا تُحطّمها نظرات الناس وأقوالهم.
 
ولكن تذكّروا أنّ خلف الأبواب الموصدة قصصاً تستحقّ أن تُروى وبطولات تستحقّ أن ينكشف عنها الستار، والأهمّ أمومة تستحقّ أن تُعاش بكلّ فصولها من دون خوف أو قلق.
 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم