الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

أسرّة العناية الفائقة تحدّد مسار الإقفال... أسبوعان حاسمان في لبنان!

المصدر: النهار
ليلي جرجس
ليلي جرجس
أحد أعضاء الطاقم الطبي يساعد مريضاً مصاباً بالفيروس (أ ف ب).
أحد أعضاء الطاقم الطبي يساعد مريضاً مصاباً بالفيروس (أ ف ب).
A+ A-

قرار الإقفال لن يكون سهلاً، وسيكون الرصاصة الأخيرة التي يُطلقها المعنيّون في وجه انتشار "أوميكرون". أسبوعان حاسمان ينتظران لبنان وسيحدّدان مصير لبنان والمنحى الرسمي الذي ستتّخذه اللجنة الوزارية في هذا الصدد.

وبالرغم من أن التحدّيات اليوم أكبر مقارنة بالعام الماضي نتيجة انهيار القطاع الصحّي والفاتورة الاستشفائية التي تفوق قدرة شريحة كبيرة من اللبنانيين، بالإضافة إلى إغلاق أقسام كورونا في العديد من المستشفيات الخاصّة وهجرة الطواقم الطبّية والتمريضية، يبدو في المقابل أن المناعة الطبيعية والمكتسبة وضعف قدرة "أوميكرون" على التسبّب بمضاعفات خطيرة كما كانت الحال مع "دلتا" قد تُنقذ لبنان من كارثة صحّية.

في العودة إلى الأرقام، غرّد الدكتور في العلوم البيولوجية والأستاذ المحاضر في كلّية العلوم في الجامعة اللبنانية فادي عبد الساتر أن "نسبة متحوّر "أوميكرون" من فحوص الـpcr الإيجابية في مستشفيَي الرسول الأعظم وبهمن تخطّت الـ90%". وإن كانت هذه التغريدة تشي بشيء فهي حتماً أن "أوميكرون" سيكون المتحوّر السائد والمنتشر في لبنان كما في إنكلترا وغيرها من الدول.
 
(حسام شبارو)
 
 

يُجمع المعنيّون على أنّ مؤشّر أسرّة العناية الفائقة هو الذي سيحدّد المنحى الوبائي وقرار الإقفال. هذه الحقيقة يُعلن عنها الجميع، فلا أحد قادر على تحمّل قرار الإقفال في ظلّ الظروف الاقتصادية الصعبة، فضلاً عن التجارب السابقة التي لم تكن مشجّعة.

ومع ذلك، لا يمكن إلغاء هذا الخيار بل تأجيله عندما يفقد لبنان السيطرة على الفيروس. وما يزيد من صعوبة التحدّيات تعذّر فتح أقسام كورونا في المستشفيات الخاصّة، وهذا ما صرّح به نقيب أصحاب المستشفيات الخاصّة سليمان هارون، بأن "المستشفيات التي أقفلت اقسام كورونا فيها، من المستحيل أن تعيد فتحها، وذلك بسبب عدم وجود الطاقم الطبّي، والارتفاع الكبير في أسعار المستلزمات الطبّية مقارنة مع العام الماضي"، مشدّداً على أن "النقص في الأدوية هو أخطر من النقص في أسرّة المستشفيات".

يواجه وزير الصحّة فراس الأبيض امتحاناً جديداً في معركته ضدّ كورونا، وما كان في الماضي بديهياً بات اليوم مهمّةً شاقة ومستحيلة. وفي تصاريحه السابقة، شدّد أكثر من مرّة على أن "قرار إقفال البلد سيتخذه الوباء، وأن وضع لبنان لا يُحتمل، ولكن إذا تسارعت وتيرة الانتشار فنحن مستعدّون لاتخاذ القرار".

تشير الأرقام إلى ارتفاع الإصابات باطّراد، ولكن هل تعكس أيضاً مؤشراً إيجابياً في المناعة المجتمعية. عوامل عدة قد تؤدّي دوراً في التخفيف من وطأة انتشار "أوميكرون"، وبالرغم من قدرته السريعة على الانتشار والعدوى يبقى أقل خطورة من المتحوّرات السابقة، وهذا ما يجعل الضغط على المستشفيات أخفّ، على الأقلّ في الوقت الراهن.
 

(حسام شبارو)

 

فهل نصل إلى المناعة المجتمعية أم يسبق قرار الإقفال أيّ نتيجة محسومة في مواجهة الموجة الرابعة من الفيروس؟

لا يُخفي رئيس لجنة الصحّة النيابية عاصم عراجي لـ"النهار" أن "المشكلة التي نواجهها هي عدم التزام الناس بالإجراءات المفروضة للوقاية من كورونا، ما يهمّنا تطبيق الإجراءات سواء من قبل الدولة أو المواطنين، وإلا فإن الجهود كلها ستذهب هباءً. وإن لم ننجح في تطبيق الإجراءات فسنكون أمام قرار صعب للسيطرة على انتشار الفيروس".

يكشف الواقع اليوم عدم فرض سلطة قويّة لتطبيق القوانين، مقابل تفلّت وعدم التزام من قسم كبير من اللبنانيين، والخطر في زيادة ارتفاع الإصابات والتخوّف من زيادة الضغط أكثر فأكثر على المستشفيات. وبناءً على ذلك، سيعتمد المؤشّر الأساسي لاتخاذ قرار الإقفال على بلوغ القدرة لاستيعابية القصوى لأسرّة العناية الفائقة.

صحيح أن حدّة العوارض أقلّ من متحوّر "دلتا" نتيجة تحوّراته المتعدّدة، حيث أصبح "أوميكرون" أكثر قدرة على الانتشار ولكنه أقلّ خطورة.

ويشدّد عراجي على أن الأسبوعين المقبلين سيحسمان المنحى الوبائي في لبنان، "إمّا نتجه إلى تسجيل إصابات كبيرة في أعداد الحالات وبالتالي زيادة في نسبة الاستشفاء ودخول المستشفى وكارثة صحّية، أو انخفاض في الإصابات كما يحصل في الدول الأخرى ومنها جنوب أفريقيا التي شهدت ارتفاعاً ثم انخفاضاً في الإصابات".

إذن المسار الوبائي سيحدّد الإجراءات التي ستمدّدها اللجنة الوزارية لكورونا، وإذا ارتفعت الإصابات باطّراد فسنكون أمام إجراءات أقصى وربما إقفال. لذلك لا يمكن حسم الموضوع قبل مراقبة المنحى التي سيتخذه "أوميكرون" في لبنان.

وكانت لافتةً تغريدة الاختصاصي في الأمراض الجرثومية الدكتور عيد عازار "احتمال الوفاة خلال الاستشفاء 50% أقلّ من دلتا وألفا ومتحوّر ووهان. عالمياً، لدينا أعلى رقم في الإصابات مقابل أقلّ رقم في الوفيات. وبالتالي بعيداً عن التحليل، نحتاج إلى الوقاية وتشخيص مبكر AG أو PCR وعزل وترصّد للمخالطين بالإضافة إلى التطعيم وتوفير أسرّة استشفاء لمن يحتاج إليها.

من جهته، يوافق مستشار رئيس الجمهورية للشؤون الصحيّة النائب الدكتور وليد خوري على كلام عراجي. برأيه، إن "قرار الإقفال سيكون القرار الأخير الذي سيتّخذ لمواجهة تفشّي الفيروس، أمّا في الوقت الحالي فستكون المواجهة من خلال الوقاية والإجراءات المفروضة، وما يساعدنا أنّنا أحرزنا تقدّماً في مسألة التطعيم مقارنة بدول أخرى، ولكن الخطر يتمثل في انتشار "أوميكرون" مع أنه أقلّ خطورة على الصحّة".

(حسام شبارو)

وعلى ما يبدو لا يمكن توقيف البلد، وبالتالي قد نواصل الإجراءات والتشديد على تطبيقها، ولم يؤخذ حتى الساعة أيّ قرار جديد، وكل شيء رهن مدى القدرة الاستيعابية للمستشفيات لمواجهة الإصابات الجديدة التي تسجّل بأعداد كبيرة. وحسب المؤشرات، هناك نحو 80% من المستشفيات الحكومية بلغت أقصى قدرتها الاستيعابية في أقسام كورونا، فيما لا تزال هناك أقسام كثيرة في المستشفيات الخاصّة لم تفتح بعد.

وبناءً على ذلك، يؤكد خوري أننا "لم نصل بعد إلى عدد الأسرّة الذي سُجّل العام الماضي نتيجة الموجة القاسية، وبينما وصل عدد الأسرّة في العناية الفائقة إلى الحدّ الأقصى بتشغيل 1500 سرير، اليوم هناك نحو 800 سرير محجوز أما الباقي فلم تُفتح الأقسام بعد لاستقبال المرضى. ولكن ما يختلف هذه السنة، أن الوضع الاستشفائي كارثي وكلفة الاستشفاء باهظة جداً وهجرة الطواقم الطبّية والتمريضية زادت من سوء الوضع. هذا ما سيؤثر على طريقة مواجهتنا لكورونا".
 
ويستبعد خوري مسألة اتخاذ قرارات جديدة، ولسنا في وارد الإقفال في الوقت الراهن، وسيكشف لنا الأسبوع المقبل ما خلّفته الأعياد في أعداد الإصابات. وإذا شهدنا على ارتفاع مطّرد في الحالات الإيجابية وزيادة نسبة الاستشفاء، عندها سنعرف المنحى الوبائي الذي سيسلكه الفيروس في لبنان وبالتالي البحث في الخيار المرّ بالمضيّ في الإقفال من عدمه".

 

(نبيل إسماعيل)

 

وبما أن "أوميكرون" أقل خطورة على الصعيد الصحّي، يشير خوري الى أن الإصابة بهذا المتحوّر تؤمّن مناعة ضدّ كل المتحوّرات السابقة. وسيصبح "أوميكرون" المتحوّر السائد وسيلغي وجود دلتا، وقد نكون متجهين الى هذا المنحى وارتفاع في الإصابات حتى لو كانت نسبة دخول المستشفى أقلّ. كذلك ارتفعت نسبة التطعيم حيث تلقى نحو 60-70% من اللبنانيين الذين هم فوق الـ30 جرعتهم الأولى وهي نسبة جيدة، بالإضافة الى الأشخاص الذين اكتسبوا مناعة طبيعية نتيجة الإصابة، ما يعني أننا محميّون نوعاً ما ووضعنا ليس بهذا السوء مقارنة بدول أخرى".

الأخبار الإيجابية التي تنقلها الدراسات تشير إلى أن "أوميكرون" ليس خطراً، وهذا ما أعلنته منظمة الصحّة العالمية التي قالت إن "المزيد من الدراسات تثبت أنّ "أوميكرون" يصيب الأجزاء العلوية من الجسم، وهو ما يمكن أن يكون أمراً جيّداً".

فهل تنقذ المناعة المجتمعية المكتسبة من التطعيم والإصابة الطبيعية من قرار الإقفال وتكون نسبة الاستشفاء معتدلة كما تشير الأرقام اليوم؟

 
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم