اشترِك في نشرتنا الإخبارية
لمواجهة كورونا: حذارِ من الإفراط في تناول الفيتامينات تجنّباً لحصى الكلى الصلبة
26-03-2021 | 14:00
المصدر: "النهار"
ميرنا إبراهيم
حصى الكلى مشكلة شائعة ومتشعّبة الزوايا، منها ما هو متفرّع عن موادّ صلبة متكوّنة على شكل كتلة في المجرى الخاصّ بالبول. تتشكل هذه الحصى في كثير من الأحيان في الكلى، إذ يمكنها الخروج من الجسم مع البول عندما تكون صغيرة الحجم من دون حدوث أيّ علامات تدلّ عليها.
ولتشكّل حصاة الكلى مجموعة من الأسباب، ولها مجموعة من الأعراض المعروفة. لكن هل تدرك أنّ الإفراط في تناول الفيتامينات مؤخراً لتفادي الإصابة بكورونا منذ عام ولغاية يومنا هذا، يمكن أن يوقعك في فخّ الإصابة بتكوّن الحصى في الكلى دون معرفتك. لذا، اتباعك بوصلة الأمان ظنّاً منك أنّ تناول الفيتامينات يومياً من دون استشارة الطبيب هو الأفضل لصحّتك، هو في الواقع خطر على كليتيك يأتي بنتائج وخيمة ليست في الحسبان.
من هنا اتجهنا إلى الدكتور برنارد فرج، جرّاح المسالك البوليةFellow of the European Board of Urology لنسلّط الضوء على العلامات التحذيرية التي قد تنذرك بالإصابة بالحصى من جرّاء تناول الفيتامينات، ولنتعرّف أنواع الحصى وأعراضها وطرق الفحص والعلاج.
# هناك من يحبّ أن يكون طبيب نفسه، ويسترسل في أخذ الفيتامينات التي يسمع عن فاعليتها من هنا وهناك، كالكالسيوم والفيتامينات C وD والـ Zinc والبوتاسيوم وغيرها. فإلى أيّ مدى قد تضرّ هذه الفيتامينات بصحّته وتؤثر مباشرة على كليتيه؟
- كلُّ ما ازداد نقص. هناك الكثير ممن يلجأون إلى المكمّلات والفيتامينات بدون وصفة طبيب، وتُسمّى في الخارج "over the counter"، يبتاعونها من الصيدلية ويتناولونها دون استشارة طبّية. هذا الأمر طبعاً يضرّ بصحّة كليتي الإنسان، لأنّ تناول vitamin C بكثرة يؤدي إلى أوكسالات في البول، والـD vitamin يؤدي إلى كالسيوم في البول، فالأوكسالات والكالسيوم يكوّنان معاً الحصاة وتعرف بـ "أوكسالات الكالسيوم".
# كم نوعاً من حصى الكالسيوم لدينا وما الأخطر بينها؟
الحصى التي تنتج عن الكالسيوم عديدة، وتشكّل 50% من الحصى البالغ عددها أكثر من 25 نوعاً. حصى الكالسيوم هي الأشهر، فهناك أوكسالات الكالسيوم، فوسفات الكالسيوم وكربونات الكالسيوم. وكلّ نوع يتفرّع منه عدّة نماذج، تحتاج إلى شرح طبّي كبير. لكن من المؤكّد أنّ كلّ حصاة فيها كالسيوم هي حصاة كلسيّة صلبة نشاهدها بوضوح عبر الصور، ولا يمكن معالجتها بالأدوية، بل تُفجَّر إما عبر القسطرة في عملية جراحية، أو علاج مرحلي لإذابتها.
أما الأخطر فوجود الحصاة ذاته، إضافة إلى مكان وجودها ومدى سدّها الكلية والوقت الزمني لها. وتبدأ الخطورة القصوى إن وُجدَ التهاب في الكلية ما يمكن أن يقتل المريض.
# ذكرت على هامش الحديث أنّك تستقبل العديد حالياً ممن لديهم حصى الكالسيوم من جرّاء تناول الفيتامينات للحماية من فيروس كورونا، فهل لوجود الحصى موسم معيّن؟
صحيح لسنا في موسم استقبال مرضى الحصى. إلّا أنني أَضيف حالياً العديد من المرضى أكثر من العامين الفائتين، لكثرة تناولهم الفيتامينات للحماية من الإصابة بكورونا، وخصوصاً C vitamins وD. وكما ذكرت سابقاً، عندما يجتمع هذان الفيتامينان يشكّلان حصى أوكسالات الكالسيوم. أستغرب بيع الصيدليات هذه الفيتامينات والمكمّلات وهي غالية الثمن وغير مدعومة. رغم ذلك يتهافت الناس عليها غير آبهين أو مدركين لما تحمل في طيّاتها من نتائج سلبية على صحّتهم.
# هل للنشاط الكبير وغير الطبيعي للغدّة الدرقية أو الغدد المجاورة أثر مباشر أيضاً على تكوين الحصى الصلبة؟
صحيح، الغدد ما وراء الغدّة الدرقية تفرز هرمون PTH الذي يزيد من فاعلية الكالسيوم والفوسفور في البول، فتتشكل حصاة فوسفات الكالسيوم. ومنذ مجيئي إلى لبنان عام 2010 من فرنسا، اكتشفت نحو سبعة إلى ثمانية مرضى يعانون هذه الحالة، دون معرفتهم بتشكّل الحصى لديهم، وتجنّبهم إجراء الفحوصات اللازمة التي تمكّنهم من معرفة مصدر وجود الحصاة، ليكتشفوا لاحقاً وبعد فوات الأوان أنّ المشكلة تأتي من الغدد المجاورة. وهي أربع؛ غدّتان اثنتان إلى اليمين، واثنتان إلى الشِمال. وعندما تفرز واحدة منها بكثرة تتكوّن الحصاة الصلبة، التي تستدعي حكماً عملية جراحيّة.
# ما هو الفحص الأول الذي يجريه الطبيب المختصّ والذي يكشف وجود الحصى بدرجات كبيرة؟
في البداية يُجري الطبيب الفحص السريري، فيقرّر الإجراءات المطلوبة لاحقاً، بدءاً من صور الأشعّة وغيرها للتحقّق من وجود الحصى.
# هناك حصى مكوَّنة من الأملاح أو الأحماض المعدنية acid uric أيضاً قد تؤدي إلى تشكّل ترسّبات صلبة صغيرة داخل الكلية، فما هي أفضل الطرق لتجنّبها؟
إنّ الحصى المكوّنة من الأملاح أو الأحماض المعدنية هي حصى عادة تعالَج بالأدوية، ويمكن تجنّبها بتخفيف كلّ ما يحتوي على الأملاح المعدنية كالبروتينات الحيوانية مثل اللحوم والدجاج والسمك، إضافة إلى اعتماد شرب المياه بكثرة. فالجانب الإيجابي لهذه الحصى هو أنها تعالَج بالأدوية، إلّا حال سدّها مجرى الكلية، حينها تتطلّب علاجاً آخر هو القسطرة الداخلية، ويعرف بالـ"الميل الداخلي"، لينفّس الكلية ويعالج الحصاة حسب نوعها أو قساوتها.
# بعضهم لا يعلم أنّ آلام أسفل الظهر سببها أحياناً حصى كلسيّة في الكلية ومن دون إنذار مسبق. فهل يتغير الألم تبعاً لتغير الحصاة؟
إذا كانت الحصاة داخل الكلية وتسبّب انسداداً في أعلى الحالب، يكون الوجع من الأعلى. أما إذا كانت الحصاة في أسفل الحالب فالوجع يذهب نحو الخصية عند الرجال ونحو المهبل عند النساء، الأمر الذي قد يسبّب ألماً شديداً في أسفل الظهر. وغالباً، عندما تكون الحصاة في الأسفل، تسبّب عوارض في البول فيُكثر المريض من دخول الحمام.
# هل توجد الحصاة دون أعراض؟
- إذا كانت الحصاة متمركزة داخل الكلية ولا تسبب انسداداً في الحالب ولا في الكلية، تتشكّل دون أيّ أعراض فيزداد حجمها مع الوقت، وتملأ الكلية بمعظمها دون سابق إنذار. في هذه الحالة تؤذي الكلية إن لم يتم الاكتشاف المبكر، ونسمّيها "القتل الصامت للكلية"، وهذا أخطر ما يمكن أن يواجهه المريض.
# متى يحدث التلف الكلوي؟
- يحدث التلف الكلوي الدائم عند تضرّر الكليتين معاً، أو إذا كان المريض قد وُلد بكلية واحدة وتضرّرت نتيجة الانسداد. وعادة يأتي التلف الكلوي نتيجة تكرار وجود الحصى.
# هل تضمن طرق العلاج الشفاء التامّ؟ وما السبل لإعادة الحصى مجدداً؟
- بعد العلاج تُزرع الحصاة المفتَّتة لمعرفة سبب تكوينها، ولتفادي تكرارها لاحقاً. وعلى المريض متابعة الطبيب باستمرار، لأنّ من الممكن أن تعاود الحصاة الظهور في الجسم بعد ستة أشهر أو بعد سنة أو أقلّ، بحسب النوع والسبب.
# هل صحيح أنّ تناول كبسولة البوتاسيوم يومياً يمنع ظهور حصى الكلى؟
- صحيح، يمكن لبيكربونات البوتاسيوم وسيترات البوتاسيوم أن تكون علاجاً لبعض أنواع الحصى. والدخول في تفاصيلها يطول شرحه ومتشعّب، إذ تحتوي الكلى موادّ تمنعُ حصول الحصى والبوتاسيوم يدخل هذه الموادّ.
# هل الليمون (الحامض) كما يشاع يمنع تكوين حصى الكلى، لأنه يحتوي على حمض الستريك؟
- نعم يستطيع حمض الستريك أو السيترات منع تكوّن الكالسيوم في الحصى وهو غالباً موجود في الماء.
# هل شرب ليترين ونصف إلى ثلاثة ليترات من الماء يومياً وعلى فترات متباعدة يسهّل عملية تفتيت الحصى؟ مع أنّ آراءً مضادّة تقول بأنّ كثرة شرب الماء أكثر من حاجته يؤذي الكلى، فأيّهما أصدق؟
- شرب الماء لا يتعب الكلى. على العكس تماماً، فالإنسان يطيل عمر الكلى كلما أكثرَ من شرب الماء، إلّا إذا صادفت الكلية خللاً ما بداخلها. أقول دائماً للمريض ليست كمية الماء التي عليه شربها مهمّة، بل كمّية البول التي يخرجها، وذلك مرهون بالنشاط الذي يتبعه. فإذا كان عمل المريض كلّ الوقت وراء المكتب فعليه التحرّك من وقت لآخر ليشرب الماء. وإذا كان يمارس الرياضة باستمرار كالركض أو ارتياد النادي الرياضي فهو يخسر الكثير من الماء، وعليه الشرب كثيراً ليستطيع التبوّل يومياً ليترين أو أكثر، الأمر الذي يحتّم دخوله المرحاض سبع أو ثماني مرّات على الأقلّ يومياً.
# ما الأطعمة الواجب تجنّبها والأطعمة المسموح تناولها؟
- ننصح بالحمية المناسبة حسب نوع الحصاة، وبعد التأكد أنها ليست آتية من خلل عضوي أو هرمونات داخل الجسم أو غيرها...
# هناك الكثير ممن يلجأون إلى الطرق البدائية، فهل صحيح أنّ الماء المغليّ مع خلّ التفاح أو عصير البقدونس أو عصير جوز الهند قادرة على تفتيت الحصى في أسبوع واحد؟
- ليت هذه الطرق تجدي نفعاً وتعطي نتيجة نهائية، وإلّا لما كان هناك من داع لوجود الاختصاص واللجوء إلى الجراحة.
# هل يمكن للحصاة أن تأتي نتيجة العامل الوراثي؟
- هناك حصى تأتي من عامل الوراثة "كالسيستين" Genetique" autosomale Cystine recessive". وغيرها... ويمكن الذين يعيشون في المنزل نفسه ويتناولون الطعام نفسه، كالذي يحتوي على الأوكسالات كالسبانخ والملوخية وغيرها، أن تتكوّن لديهم الحصاة عينها.
#حصى الكلى موضوع متشعّب ويصبّ في عدّة تفسيرات. لنعُدْ إلى البداية ونطرح سؤال نهاية اللقاء. هل المكمّلات والفيتامينات ضرورة أم خيار وما هو الوقت المناسب لتناولها؟
- للأسف الكثير من الأطبّاء ينصحون بإعطاء الفيتامينات حالياً للحماية من فيروس كورونا. لكن ليس هناك دراسة تبيّن فاعلية هذه الفيتامينات لمواجهة كورونا على فترة طويلة، إلّا أنّ كثرتها تضرّ كما شرحنا. وعلى كل واحد منّا إجراء الفحوص اللازمة، وإذا تبيّن نقص بفيتامين معيّن حينها .يستطيع أخذ الفيتامينات، بعد استشارة الطبيب طبعاً.
صورة للكلية بعد إزالة الحصاة الصلبة بعد العملية الجراحية. وهنا "نرى الميل الداخلي".
