الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

منع النرجيلة في موسم الأعياد وإلّا... آلاف الإصابات بكورونا في بداية 2021!

تدخين النرجيلة على الشاطئ (أرشيف "النهار").
تدخين النرجيلة على الشاطئ (أرشيف "النهار").
A+ A-
البروفيسور غسان سكاف

منذ كانون الثاني 2020 وبعد أن خرج فيروس كوفيد-19 من القمقم الصيني ليغدو مارداً مخيفاً أدخل العالم في أكبر حجر صحي في التاريخ وأثقل الإمكانيات الصحية لدول عديدة، نجحت التجربة الصينية في احتواء الوباء وانحسار انتقال الفيروس باعتماد نهج مشترك بين الحكومة والمجتمع بأكمله.

فيروس كوفيد-19 الذي تسلّل من حيوانات أسواق ووهان إلى البشرية يستكمل مسيرته اليوم ويرسم أدواراً جديدةً في العالم، فيُنهي حكاماً وحكومات، ويُقصى الرئيس ترامب عن البيت الأبيض نتيجة أدائه وطريقة تعامله مع الجائحة ليأتي بجو بايدن إلى سدة القرار. كورونا، هذا الوباء الذي استطاع أن يفرمل كل أحلام الكون، هل سيقضي كلياً على أحلام اللبنانيين؟

أمّا وقد قاربنا المشهد الكارثي في لبنان، فإن استهتار اللبنانيين في تطبيق الإجراءات وتقاعس السلطة عن المحاسبة، وعدم جهوزية المستشفيات بما يتناسب من بنية تحتية ومعدات لمعالجة مرضى كورونا، سيعيش لبنان رعب انهيار المنظومة الاستشفائية في حال لم تسارع السلطة إلى التوافق على إجراءات قاسية وحاسمة لمنع تفشي الوباء.

تفيد الإحصاءات في لبنان أن 33% من الشابات و42% من الشبان بين 16 و 18 سنة يستخدمون النرجيلة في المطاعم والمقاهي. هؤلاء هم "الموزعون الصامتون" لفيروس كوفيد-19 لأن أكثر من 80% من الحالات في هذه الفئة العمرية هي حالات خفيفة يتعافى منها المصابون دون أن يدركوا أنها كورونا. علينا الوقاية والعمل على منع تحول الإصابة الفردية إلى إصابة جماعية ثم انتقال العدوى على مستوى المجتمع، وقد كشفت هذه الأزمة المأسوية أنّ الأفراد عاجزون كلياً عن مواجهة الفيروس، وأن المواجهة تتطلب تدخل الدولة بقوة وفاعلية، وأنّ ما كان يمكن أن يصح في احتواء الانتشار في بداية الوباء لا يصح اليوم، وأن على المجتمع التوقف عن تسخيف العلم والطب والترويج لنظريات المؤامرة.

في لبنان، ستوفر التجمعات الاجتماعية خلال عيدي الميلاد ورأس السنة فرصةً كبيرة لانتشار الوباء، وقد أظهرت الأدلة العلمية أنّ استخدام النرجيلة يرتبط بزيادة خطر انتقال فيروسات الجهاز التنفسي بالإضافة الى فيروسات أخرى، وذلك لأن الطبيعة الجماعية لتدخين النرجيلة تعني استعمال خرطوم واحد يتم تقاسمه بين المستخدمين في المقاهي والمطاعم. كذلك توفر النرجيلة نفسها (بما في ذلك الخرطوم والحجرة) بيئة تعزز بقاء الكائنات الحية ومن ضمنها الكوفيد19، ويميل معظم المقاهي إلى عدم تنظيف النرجيلة بعد كل جلسة تدخين لأن ذلك يتطلب عمالة كثيفة ويستغرق وقتاً طويلاً، بالإضافة إلى خطر نقل الفيروس من قِبل مقدمي خدمات النرجيلة.

تفيد الدراسات العالمية أن ساعة واحدة من تدخين النرجيلة تساوي 200 نفخة في هواء صالة مقفلة مما يزيد من خطر التدخين السلبي. فعند الزفير ينتقل الرذاذ التنفسي من شخص مصاب ويلتصق فيروس كوفيد19 المعلق في قطرات جهاز التنفس بالجسيمات وجزيئات الدخان المتولدة من تدخين النرجيلة ما يؤدي إلى انتقال كوفيد-19 إلى أشخاص آخرين في المحيط. هذا الخطر يزداد بصورة كبيرة في الصالات الداخلية سيئة التهوية مع وصول الأمطار وانخفاض درجات الحرارة، ما يفرض انتقال حركة المجتمع إلى الأماكن المغلقة حيث لا يتم استخدام الكمامة أو في حال إزالتها موقّتاً.

قال أينشتاين: "الغباء هو فعل الشيء نفسه مرتين بالأسلوب نفسه والخطوات نفسها مع انتظار نتائج مختلفة". علينا اليوم أن نغيّر المعادلة الثلاثية القائمة على اللاوعي واللارؤية واللا إرادة وإصدار قرار جريء من السلطة القائمة بمنع النرجيلة في الأماكن المغلقة في المقاهي والمطاعم على كل الأراضي اللبنانية في فترة الأعياد ومعاقبة الذين يخرقون القواعد، وإلا قد يتحول لبنان إلى قنبلة موقوتة بالمصابين والموتى في بداية 2021، فكفانا عملاً بمنهجية بالية وأدوات بالية في ظروف خطرة واستثنائية.

الجامعة الأميركية في بيروت
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم