السبت - 27 نيسان 2024

إعلان

استثمار رواندا في الرياضة... بين "الأموال المهدورة" و"تحسين حياة المواطنين"

المصدر: "أ ف ب"
سان جيرمان (أ ف ب).
سان جيرمان (أ ف ب).
A+ A-
بدأ الأمر برعاية لنادي أرسنال الإنكليزي لكرة القدم بملايين الدولارات في 2018، تلتها بعد عام صفقة ضخمة لدعم العملاق الفرنسي باريس سان جيرمان.

الآن، هناك نادٍ ثالث "مشهور" على الورق بالنسبة لرواندا، وفق ما ذكره الرئيس بول كاغامي الذي أنفق ثروة صغيرة على الاستثمارات الرياضية التي من شأنها، بحسب قوله، أن تصقل الصورة الدولية وتنوع اقتصاد الدولة الصغيرة الواقعة في وسط أفريقيا.

لكن هذا التفاخر الذي يشمل رعاية الأندية واستضافة أحداث مثل بطولة أفريقيا لكرة السلة 2021 وبطولة العالم لركوب الدراجات الهوائية في 2025، قوبل باتهامات بـ"الغسيل الرياضي" أو استخدام الرياضة لإخفاء سجل البلاد القاتم في مجال حقوق الإنسان.

ويتهم نشطاء كاغامي بقمع المعارضة السياسية وحرية التعبير خلال أكثر من 22 عاماً في السلطة.

قالت السياسية المعارضة فيكتوار إنغابير، وهي من أشد المنتقدين لكاغامي: "هذه الاستثمارات لا تلبّي الاحتياجات الفورية للغالبية العظمى من الروانديين".

وأضافت لوكالة "فرانس برس": "لا أعتقد أن هناك عائدًا لاستثماراته"، مشيرة إلى أن الرعاية لم تساهم سوى بالقليل لمساعدة سكان الريف.

وشدّدت: "إنها أموال مهدورة".

حيث يُقدّر الدخل السنوي للفرد بنحو 822 دولاراً فقط وفقاً لأرقام البنك الدولي لعام 2021، أنفقت الدولة الفقيرة ملايين الدولارات على تكثيف بنيتها التحتية الرياضية وإقامة مبانٍ جديدة.

وتقوم حالياً بتجديد الملعب الوطني الذي يتسع لـ25 ألف متفرج لإضافة 20 ألف مقعد، وهو مشروع تبلغ تكلفته حوالي 165 مليون دولار ومن المتوقع أن يكتمل بحلول العام المقبل.

كما افتُتح ملعب غولف من 18 حفرة صمّمه لاعب الغولف الجنوب أفريقي غاري بلاير بلغت تكلفته 16 مليون دولار في العاصمة كيغالي في عام 2021.

وفي 2017، كشفت رواندا عن ملعب كريكيت بتكلفة 1.3 مليون دولار في ضواحي كيغالي، تلاه بعد سنة استاد كرة سلة يتسع لـ10 آلاف متفرج بتكلفة 104 ملايين دولار.

"تحسين حياة الناس"
دافع المسؤولون الحكوميون عن المشاريع، مؤكدين أنها تعمل على تعزيز سمعة البلاد كوجهة آمنة للأحداث البارزة.

استضافت رواندا، التي تَميّزَ تاريخها المضطرب بالإبادة الجماعية عام 1994، اجتماع رؤساء حكومات بلاد الكومنولث العام الماضي، الذي حضره نحو 30 زعيماً بمن فيهم الملك تشارلز الثالث الذي كان آنذاك أميراً.

ويتواجد الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في البلاد هذا الأسبوع لعقد اجتماع الجمعية العمومية الـ73 وإعادة انتخاب السويسري جاني إنفانتينو رئيساً، الذي يخوض معركة من دون منافس.

وتقول السلطات إن مثل هذه الأحداث تُدخل العملات الأجنبية التي تشتد الحاجة إليها وتُوفّر دفعة اقتصادية للدولة التي تعتمد على السياحة.

ارتفعت عائدات السياحة في فترة ما قبل جائحة فيروس كورونا بنسبة 17% وبلغت 498 مليون دولار في عام 2019، وفقًا لمجلس التنمية في رواندا.

قالت الرئيسة التنفيذية للمجلس، كلير أكامانزي، في عطلة نهاية الأسبوع إن صفقتي رعاية أرسنال وسان جيرمان حققتا وحدهما أكثر من 160 مليون دولار. وأضافت أن ذلك أدّى الى دخول مليون زائر إلى رواندا وبالتالي ضخ 445 مليون دولار من عائدات السياحة.

كتبت في مقال رأي نُشر السبت في صحيفة "ذي إيست أفريكان" أن "هؤلاء الضيوف لم يتركوا رواندا بذكريات إيجابية فحسب، بل لعبوا أيضًا دورًا مباشرًا في تحسين حياة الناس".

وتابعت: "لا بأس في الاختلاف مع نموذج الحكم في رواندا، لكن حملة لتقويض الاستثمار في اقتصاد دولة نامية، والتي لها تأثير حقيقي على حياة الناس، تأتي بنتائج عكسية ومثيرة للسخرية".

وشاركها الرأي النائب عن الحزب الحاكم جون-روكو روابيوما في مقابلة مع وكالة "فرانس برس"، متهماً منتقدي الصفقات بـ"الجهل" وأن الحكومة تتصرف من أجل مصلحة شعبها.

قال في هذا الصدد: "لسنا هنا لإرضاء النقاد على أساس أجندتهم. أين كان كل هؤلاء المنتقدين عندما كانت رواندا تعاني؟"

"لن يتم التنمر علينا"
وقال كاغامي، وهو من أشد مشجعي أرسنال، هذا الشهر إن الصفقات تجاوزت "إلى حد بعيد ما استثمرناه"، مضيفاً أن الحكومة على وشك رعاية فريق ثالث.

تولّى الرجل البالغ 65 عامًا سدة الرئاسة في نيسان/أبريل 2000، على الرغم من أنه يُعتبر الزعيم الفعلي منذ عام 1994 للبلد الذي يبلغ عدد سكانه نحو 13 مليون نسمة.

قال من دون إضافة تفاصيل: "أنا الشخص الذي يعرف بماذا نستثمر وأعرف ما نستخرج منه".

في المقابل، اعتبر دبلوماسي أجنبي طلب عدم الكشف عن هويته لفرانس برس إنه يشكّك في هذه المزاعم: "لا أعرف ما إذا كانت فعّالة من حيث التكلفة. ما إذا كانت تؤتي ثمارها على المدى الطويل. ربما لاحقاً، ولكن الآن، لا أعتقد ذلك"، مضيفاً أنه لم يطلع على الأرقام لدعم مزاعم الحكومة.

ومع ذلك، فإن الشكوك التي أثارها "النقاد الذين لا يعرفون شيئاً في الغالب عن رواندا، ويعتمدون على المجازات" لن تؤثر على المبادرات، وفق أكامانزي.

وأكّدت: "لن يتم التنمر علينا للتنازل عن مكاننا على الطاولة".
الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم