بين لبنان والخليج اقتصاديا

يعاني لبنان حالياً من أزمة جديدة لاحت في الأفق، وقد تكون قاسية جداً على لبنان بشكل عام. فالأزمة الحاصلة من الناحية السياسية والدبلوماسية مؤخراً بين لبنان ودول الخليج على إثر تصريح وزير الإعلام في الحكومة اللبنانية كبيرة جداً، إذ قد ينتج عن ذلك زيادة حدة الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان في حال عدم عودة الأمور إلى نصابها. فلبنان الذي يعاني من أزمة اقتصادية حادة صنفها البنك الدولي على أنها من أسوأ ثلاث أزمات في العالم، لا يستطيع تحمل أزمات أخرى قد تضرب قطاعاته الاقتصادية كافة لاسيما الصناعة والزراعة ومنتوجاتهما، ناهيك عن التجارة والسياحة والخدمات والقطاع المصرفي والمالي بما في ذلك التحويلات المالية وتغذية الأسواق بالعملة الصعبة.
ولعل أرقام ما يصدّره لبنان إلى بعض دول الخليج خير دليل على ما قد يصبح عليه اقتصاد لبنان في حال استمرار الخلل الحاصل مع تلك الدول الشقيقة. فلقد بلغت الصادرات اللبنانية إلى المملكة السعودية فقط ما يفوق الـ 280 مليون دولار عام 2019 و212 مليوناً عام 2018، في حين أن صادرات لبنان إلى الإمارات فاقت 450 مليون دولار في العام 2018. وفي عملية حسابية، نرى أن أكثر بلدين يصدر لبنان إليهما منتوجاته هما الإمارات والسعودية بنسبة بلغت 23% من مجمل صادرات لبنان، هذا ناهيك عن ضخ الأموال في السوق اللبناني عبر الاستثمارات في شتى المجالات كالسياحة والإعلام وتحويل الأموال وغيرها. كل هذا إضافة إلى اليد العاملة اللبنانية التي تعمل في الخليج العربي وتعيل عائلاتها في لبنان. ولاشك أن الخليج العربي هو من أكثر الأسواق التي تجذب العمالة اللبنانية في كافة الاختصاصات والتي لها مردودها الاقتصادي الكبير على لبنان.
إذاً، إن لبنان والذي يحاول جاهداً استقطاب الدول الخارجية لإعادة إنعاش اقتصاده، لا يستطيع اقتصادياً الخروج من عباءة الدول الصديقة والداعمة له، وبالتالي فإن الأولوية الآن لاستعادة ثقة الدول العربية كافة والخروج من النفق المظلم المسمى لعبة المحاور والذي لا يستطيع لبنان تحمل تبعاتها الاقتصادية كدولة وشعب ومؤسسات.