"لبنان يخلق من رماده".. نعم، مقولة نؤمن بها واعتدنا تردادها "مجبورين". وهي العبارة ذاتها التي كتبها حبيب إميل ضرغام على إحدى صور كتابه "17 ت1 [تشرين الأوّل] ـ صرخة صمت". هذا وحصد، عن مجموعة من الصور، جائزة مجلة Paris Match الفرنسية في 22 تشرين الأول 2021، وشاءت الصدف أن يكون قد مرّ 5 أيام على مرور الذكرى الثانية لثورة 17 تشرين الأول 2019.
عودة الأمل...
"كان شيئاً فوق الخيال، عندما أعلنت النتائج وسمعت اسمي كفائز بالمرتبة الأولى"، بهذه الكلمات عبّر حبيب ضرغام، مخرج ومصور فوتوغرافي، عن فرحه بالجائزة وبأنّ اللبناني، متى سنحت له الفرصة، يمكن أن يحقق الإنجازات". ومن بين 50 ألف متنافس، و14 وصلوا للنهائيات، تمكّن حبيب من أن يحقّق للبنان إنجازاً جديداً. وحملت الجائزة لحبيب رمزية معنوية، تمثلت في: أوّلاً، استعادته للأمل "لأنه بمكان ما، كنتُ قد فقدت الأمل بلبنان".. ثانياً، هي نبضة حياة للبنان "الذي يحترق"، ونفحة أوكسيجين للشعب "الذي يختنق".. وثالثاً: هي جائزة كل لبناني نزل إلى الشارع، ويحاول القيام بالتغيير.
17 تشرين، هو الدافع الذي أدخل حبيب إلى مجال التصوير الصحفي، ومنه أدخل لبنان إلى العالم. هنا يعترف بأنّ "الصحافة هي حقيقة، تنقل إلى العالم قصصاً لا أحد يمكن أن يراها". كما يؤكّد بأنّه في العمل الميداني "لا نتأثّر فقط، بل نعيش الحالة". ومنذ اللحظة الأولى لانطلاق الثورة، شعر بحماس لتوثيق الحدث بعدسته، و"تمنّيت وقّف الوقت".
الصرخة باتت عالمية...
التقط حبيب أكثر من 20 ألف صورة، وأراد مشاركة هذه الذكرى مع العالم، فضمّها في كتاب "صرخة صمت" « Le Cri du Silence ». وتجسّد كل صورة صرخة وطن، "يحتاج أن يتنفّس" ؛ ومعاناة شعب، قال "لهون وبس". تمكّن حبيب من مشاركة هذه الذكرى مع اللبنانيين، من جهة ؛ ومن جهة أخرى، مع العالم كي يرى ماذا يجري في لبنان.
فهل تكسّر جدار الصمت؟ يرى حبيب ضرغام بأنه لم يتكسّر 100%، ولكن علا الصوت، والصرخة باتت عالمية، و"اهتزّ جدار الفساد، وإن لم يقع كلياً". وإن كان السياسي قابعاً على عرش الفساد، إلاّ أنّ الشعب على الأقلّ قد تحرّك ويحاول القيام بأيّ تغيير، خاصة أنّه لم يعد لديه ما يخسره. في الداخل، يصارع الشعب من أجل البقاء، وفي الخارج يعيش المغترب شعور الانقسام بين بلدين. وهو حال حبيب، "أشتاق إلى لبنان العائلة والحياة الاجتماعية.. بينما في فرنسا، وجدت الاستقرار المهني".
ومع ذلك، يؤمن حبيب بلبنان الغد.. الوطن الذي يمكن أن نحقّق فيه الإنجازات، كما في الخارج. "أنا أحلم بلبنان جديد"، على حدّ قوله، كما جميعنا.. وهي العبارة التي نجدها في ختام كتابه « HappyNewLebanon ». فكيف ينظر إلى لبنان الجديد؟ إنه يراه أجمل ممّا كان عليه في الستينيات، حين حمل لقب "سويسرا الشرق". هو واثق بالتغيير، وعلى استعداد أن يساعد بما يستطيع، ويدعو كل لبناني إلى المساعدة، حسب قدرته وانطلاقاً من موقعه المهني، من أجل الارتقاء مجدداً بلبنان الوطن. كما يحلم بلبنان، الذي سيحتضن عمله ويقيم معرضاً فيه. هو من يتهيأ لمعرضه، الذي يضمّ صور الثورة والصور التي نالت جائزة Paris Match، في 25 كانون الثاني/يناير 2022، في السفارة اللبنانية في باريس.
17 تشرين الأول 2019، تاريخ مفصليّ في مسيرة لبنان "النضالية"، وفي رحلة "لبنان الحديث".. هو "قصة حب" بالنسبة لحبيب ضرغام، وهو كذلك بالنسبة للعديد من اللبنانيين مقيمين ومغتربين، الذين رأوا في تحرّك الشعب على الأرض أملاً بلبنان "جديد" و"نظيف". وكما تخرج من صمت الصورة حكاية وطن وشعب، نتمنى أن يخرج لبنان من هذه العتمة، ويضيء النور طريقه الجديد، ويكون الشعب بحالة أفضل!!