تحالف السياسة والكارتيلات في لبنان... إشعال متكرّر للأزمات

د.أيمن عمر الاحتكار صفة صبغت الجمهورية اللبنانية منذ نشأتها حتّى أصبحت خاصّية من خصائص اقتصاده وركيزة أساسية من ركائزه. ومع أنّ الدستور اللبناني في المادة 89 منه تنصّ على أنّه "لا یجوز منح أيّ التزام أو امتیاز لاستغلال مورد من موارد ثروة البلاد الطبیعیّة أو مصلحة ذات منفعة عامة أو أيّ احتكار إلاّ بموجب قانون وإلى زمن محدود"، إلاّ أنّ كارتيلات الاحتكار بالاتفاق مع بعض أركان السّلطة تجد في مقدمة الدستور الفقرة "ه" المستند الدستوري في تشريع الاحتكارات انطلاقاً من حرّيّة النظام الاقتصادي الذي يكفل المبادرة الفردية والملكية الخاصة. ومن أهم الأسباب التي تعمِّق من الأزمة الحالية، وهي ناتجة من ذهنية وثقافة الجشع والطمع، حالات الاحتكار والوكالات الحصرية وتحكُّم الكارتيلات بمعيشة الناس وأمنهم الغذائي والصحي. بين الاحتكارات والكارتيلات الاحتكار هو هيمنة شركة أو شركات عدّة على سوق ما والتحكّم به سواء لناحية الإنتاج أو التسويق أو الاستيراد وتكون المحصّلة التحكّم بالأسعار، وفي النظرية الاقتصادية هناك تصنيفات عديدة للاحتكارات منها الاحتكار الفردي والمنافسة الاحتكارية واحتكار القلّة. بينما تُعرّف الكارتيلات على أنّها اتفاق أو تحالف بين شركات عدّة تعمل في مجال إنتاجي واحد من أجل تقاسم السوق في ما بينهم لتحديد نصيب كل شركة من السوق بما يعطي لهذه الشركات في النهاية قدرات احتكارية كبيرة تمنع التنافس من شركات أخرى خارج الكارتيل، ويعطي للكارتيل قدرة تحكّم هائلة في السوق وفي الأسعار لتحقيق أرباح خيالية. تاريخ الاحتكار بداية الاحتكارات في لبنان - والتي شرّعت الأبواب أمام الكارتيلات - كانت في العام 1967 بموجب المرسوم الاشتراعي الرقم 34 تاريخ 5 آب 1967 معتبراً أنّ "الممثل التجاري" هو "التاجر الذي يقوم لحسابه الخاص ببيع ما يشتريه بناء لعقد يتضمن اعطاءه صفة الممثل أو الموزع الوحيد بوجه الحصر". وأُدخل عليه بعض التعديلات في 6 شباط 1975 وفي 6 نيسان 1992. في العام 1942 أنشئت دائرة متخصصة بمكافحة الغلاء والاحتكار التابعة إلى وزارة التموين آنذاك، مهمّتها البحث والتحرّي والتحقيق في جرائم الاحتكار، مع إعطائه حقّ الأمر بإقفال المحل الذي يمارس الاحتكار. في العام 1983 نُقلت مهمة ضبط الاحتكار ومكافحته إلى مصلحة حماية المستهلك التابعة إلى...