الجمعة - 26 نيسان 2024

إعلان

في يوم الطفل العالمي... لا تنسوا حقوقهم النفسية!

للطفل حقّ في أن يشعر بأنّه موجود.
للطفل حقّ في أن يشعر بأنّه موجود.
A+ A-

رشا عمر تدمري

 

إشباع الحاجات البيولوجيّة كتأمين المأكل والمسكن حقًّا من أهم حقوق الطفل، ولكنّ هذه الحاجات لا تقلّ أهميّة عن حقّه في إشباع حاجاته النفسيّة، فمن حقّ الطفل أن تتم تنشئته انطلاقًا من مبدأ التربية الإيجابيّة، والتي ترتكز على فهم أسباب السّلوك غير المرغوب به، خاصّةً وأنّ الغضب أو العنف أو العناد هي ببساطة نواتج عن حاجة لم تُشبَع، فالأطفال مثلنا يكونون غير سعداء عندما لا يتم تلبية إحدى حاجاتهم الأساسيّة أو الثانويّة، ويكمن الفرق بيننا وبينهم أنّهم ما يزالون يواجهون صعوبةً في كيفيّة التعامل مع الشعور بالإحباط. لذا من حقّ الطفل علينا أن نعرف احتياجاته كي نعالج العديد من المواقف، ومن أبرز تلك الحاجات التي من حقّه أن نُشبعها يُذكر الآتي:

 

حقّه في أن يشعر بأنّه موجود: إن أوّل ما يحتاجه الطفل هو أن يشعر بأنّه موجودٌ بالنسبة للآخر، وأن يحصل على اهتمام والديه. فالانتباه هو فِعلٌ من الأفعال الدالّة على الحب. يحتاج الطفل إلى أن يشعر بأنّ والديه مستعدّين لتغيير خططهم من أجله. ويأتي الشعور بالوجود أيضًا من خلال الشعور بالحريّة، لذا من حقّ الطفل علينا أن نمنحه مساحة ذاتية حرّة.

 

حقّه في تعزيز ثقته في الآخر: ويتغذّى ذلك من يقين الطفل بأنّ الآخر، وتحديدًا أبويه، سيُلبيّان حاجاته. وتستند الثقة بالآخرين إلى ثقة الطفل في قدرته على لفت نظر الآخرين إليه ورؤيتهم له على أنّه جدير بالاهتمام.تجدر الإشارة إلى أنّه يتم بناء الثقة بالآخرين منذ الأسابيع الأولى من حياة الطفل، وتُعلّمنا نظريّة التعلّق Attachment Theory لـ "بولبي" Bowlby أنّ الطفل يتوقّع الحماية من الكبار، فيطوّر ذلك الذي لديه ارتباط وتعلّق آمن ردود أفعال متّسقة ويشعر بالثقة بالآخر عندما يقع في مشكلة، كما أنّه يشعر بقيمته الذاتيّة في نظر الآخرين، ويتعلّم من ذلك احترام ذاته وبناء حوار إيجابيّ مع نفسه.

 

حقّه في الاختلاف عن أبويه: بين عمر ثمانية عشر شهرًا والعَامَين يدخل الطفل في فترة المعارضة أو فترة الـ "كلا"، حيث يسعى إلى تطوير شخصيّته والانفصال عن أبويه، ويعمل جاهدًا على التعرّف على نفسه والاجابة عن السؤال: "من أنا؟" لذا من حقّ الطفل أن يسمح له أبواه أن يكون هو نفسه، ومختلفًا عنهم، فلديه الحق في أن يشعر حيال الأشياء والأمور بشكلٍ مختلف عنهما، وأن يحب ما لا يحبّانه وأن لا يحب ما يُحبّانه. ومن حقّه التفكير بشكلٍ مختلف عنهما، وأن تكون لديه آراء مختلفة عن آرائهما،ومن حقّه الشعور بالغضب والحزن والخوف والفرح.

 

حقّه في الشعور بأنّه مقبول وتقدير صفاته: يُعتبر الشعور بالانتماء مهمًّا لنمو الطفل بيولوجيًّا وعقليًّا واجتماعيًّا ونفسيًّا. ومن الضروري أن يشعر أنّه مرغوب فيه، لذا من حق ّالطفل على أبويه أن يستخدما عبارات الحب غير المشروط لتلبية حاجاته العاطفيّة، فيؤكّدان على مكانته في العائلة، وعلى حبّهم له كما هو، وعلى حبّهم له مهما فعل.ومن حقّ الطفل علينا أن نحترم طبيعته وشخصيّته وأذواقه ورغبته في القيام أو عدم القيام بأمرٍ ما.

 

حقّه في الشّعور بالتقدير: كلّما شعرالطفل بالتقدير استطاع المُضي قُدُمًا وتعلّم. على الأبوين أن يُشعرا الطفل أنّهما يحبّان العيش معه، واللعب معه، ويسعدان لرؤيته. إنّ تلقّي الطفل التشجيع والتقدير بانتظام من الأهل يجعله يشعر بالقوّة والسّعادة.ومن حقّ الطفل أن تُشبع لديه هذه الحاجة النفسيّة طوال فترة الطفولة حتى يُحقّق النجاح.

 

حقّه في الثقة بمهاراته: في سنّ الثالثة يسعى الأطفال إلى اكتشاف العالم المحيط بهم، وإلى بناء الثقة بمواردهم الإبداعيّة ومهاراتهم، لذا من حقّ الطفل على أهله أن يسمحوا له بالاكتشاف والفشل والمحاولة من جديد. وأن يدعموه في مواجهة الصعوبات وأن يساعدوه على التغلّب على الخوف من ارتكاب الأخطاء، وأن يُشجّعوه ويحترموا ما يقوم به مهما كان بسيطًا، وأن يستشيروه ويحترموا رأيه ويأخذوا به.

 

حقّه في تعزيز ثقته بنفسه: إنّ الثقة بالنفس لا تُقرّر بل تُستمدّ من الآخرين، بدايةً من الأهل ثم من المحيط الاجتماعي. وتنمية ثقة الطفل بأفكاره الخاصّة تمكّنه من مقاومة التأثير الاجتماعي وتحدّي الأحكام المُسبقة. وتتغذّى الثقة بالنّفس من خلال اللمسات الدافئة بين ذراعي الوالدين، فالعناق والقبلات يجعلان الطفل يشعر بالقوّة والحماية. ويعود العناق بفوائد عديدة على الطفل، خاصّةً في مرحلة الطفولة المبكرة. فمنذ اللحظة الأولى يُعتبر احتكاك جلد الطفل بجلد أمّه أمرًا موصى به، وبروتوكولاً أساسيًّا في المستشفيات، حيث أنّ للعناق تأثير حقيقيّ على صحّة الطفل الجسديّة والعقليّة والنفسيّة على حدّ سواء. والعناق هو أيضًا وسيلة لطمأنة الطفل والسماح له بالتطوّر في سلام، فمن خلال إحاطته يُمنح الشعور بالأمان وكأنّ الأمر امتداد للتجربة الأوّليّة الجنينيّة. كما يؤدّي العناق إلى الشعور بالاسترخاء ويُعزّز مناعة الطفل.

 

وفي هذا اليوم وفي هذه المناسبة الجميلة أوجّه دعوة إلى جميع الأمّهات والآباء إلى معانقة أبنائهم لمنحهم إحدى حقوقهم في الشعور بالأمان ولتعزيز ثقتهم بنفسهم!

 

*بروفيسورة في علم النفس

 

الكلمات الدالة

حمل الآن تطبيق النهار الجديد

للإطلاع على أخر الأخبار والأحداث اليومية في لبنان والعالم